حالة من التفاؤل تسود الأوساط الاقتصادية العالمية مع رفع صندوق النقد الدولى توقعاته للنمو الاقتصادى العالمى ليكون 2.9% فى 2023، مقارنة بـ 2.7% فى وقت سابق.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن توقعات الاقتصاد العالمى فى الأسابيع الأخيرة قد أصبحت مشرقة بشكل غير متوقع، حيث فاق أداء الولايات المتحدة وأوروبا والصين جميعا التوقعات وتجنبوا بعض العراقيل المتوقعة، على الأقل فى الوقت الراهن.
فلا يزال أصحاب العمل الأمريكيين يوظفون بوتيرة ثابتة، بينما تشير أحدث مقاييس التصنيع الأوروبية إلى التوسع، وعاد المستهلكون الصينيون إلى الإنفاق مرة أخرى.
ومع ذلك، فإن الكثير من التحسن فى المحركات الاقتصادية الرئيسية الثلاثة فى العالم هو نتيجة للكوارث التى تم تجنبها وليس أى انتعاش جديد.
ففى الولايات المتحدة، فإن أسرع زيادات فى معدل الفائدة أقرها الاحتياطى الفيدرالى لم تدفع الاقتصاد إلى الركود بعد، بيما تخطط شركات مثل بوينج وغيرها لتوظيف الآلاف من العاملين الجدد. كما أن نقص الطاقة، الذى خشى البعض أن يخنق المصانع الأوروبية، لم يتحقق بسبب طقس الشتاء المعتدل نسبيا. وحرر القادة الصينيون اقتصادهم بشكل مفاجئ من قيود كورونا المشددة فى ديسمبر، قبل أشهر من الموعد الذى كان المستثمرون يتوقعونه.
وقال بيير أوليفيه جورنشاس، كبير الاقتصاديين فى صندوق النقد الدولى، إن التوقعات أقل كآبة مما كانت عليه توقعاتهم لشهر أكتوبر، مضيفا: نحن لا نشهد ركودا عالميا فى الوقت الحالى.
وفى توقعات تم تحديثها الاثنين، توقع الصندوق نموا عالميا بنسبة 2.9% هذا العام، أبطأ من العام الماضى، لكن بزيادة 0.2% عن تقييم شهر أكتوبر. ونبغى أن ينخفض التضخم عالميا غلى 6.6% هذا العام عن المتوسط العالمى الذى تحقق العام الماضى بنسبة 8.8%.
وفى الولايات المتحدة، حيث لا تزال معظم التوقعات تشير إلى ركود فى وقت قريب بحلول الربيع المقبل، فإن صناع القرار ربما يستطيعون توجيه الاقتصاد المحموم نحو هبوط ناعم، بالسيطرة على التضخم دون الانزلاق فى انكماش، بحسب ما قال صندوق النقد الدولى.
كما تخلى صندوق النقد عن توقعاته فى أكتوبر بأن ثلث البلاد ستغرق فى ركود بنهاية هذا العام، وإن كان هناك بعض الدول الهامة التى سيخيب أمالها، من بينها بريطانيا.
فمع امتصاصها لتكاليف خروجها من الاتحاد الأوروبى، سيكون اقتصاد المملكة المتحدة أصغر بنهاية 2023 مقارنة بما كان عليه قبل عام. وتعانى بريطانيا من التضخم المرتفع مع سوق عمل لم يعود لما كان عليه قبل وباء كورونا.
وتقول واشنطن بوست إن التوقعات العالمية الأفضل من قبل صندوق النقد تأتى فى الوقت الذى من المتوقع فيه أن ترفع البنوك المركزية فى الولايات المتحدة وأوروبا وإنجلترا أسعار الفائدة هذا الأسبوع لمواصلة مكافحة التضخم. ومن المرجح أن يرفع بنك الاحتياطى الفيدرالى سعر الإقراض القياسى بمقدار ربع نقطة، بينما يتوفع المستثمرون رفع نصف نقطة مئوية من قبل بنك إنجلترا وبنك أوروبا المركزى.
وسيحصل المستثمرون أيضا على بيانات جديدة حول أداء الاقتصادات الرئيسية، بدءا من يوم الثلاثاء بإصدار أرقام نمو الربع الثالث لمنطقة اليورو. وسيصدر يوم الجمعة تقرير الوظائف الأمريكية لشهر يناير.
ويوم الاثنين، ارتفع مؤشر الثقة الاقتصادية للمفوضية الأوروبية للشهر الثالث، بينما زادت قراءة توقعات التوظيف للشهر الثانى على التوالى. وقالت المفوضية إن الأرقام زادت بشكل ملحوظ فى فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا.
كما كشف إستطلاع أكسفورد إيكونوميكس، الذى أجرى هذا الشهر وشمل القادة التنفيذيين للأعمال عالميا، عن اتجاه لتحسين الثقة. وقال نصف من شملهم الاستطلاع تقريبا أنهم أصبحوا أكثر تفاؤلا خلال الشهر الماضى. وقالت إكسفورد إن المخاوف بشأن أزمة طاقة قصيرة فى أوروبا قد تراجعت، وفقا لمسح للشركات التى توظف إجمالى 6 مليون شخص وتصل عائداتها إلى تريليونى دولار.
وقال كريستيان كيلر، رئيس وحدة أبحاث الاقتصاد فى باركليزـ إن قدرة أوروبا على التعايش مع خسارة الغاز الروسى أساسية لتحسن فرص الاقتصاد العالمى. وبفضل جهود الترشيد والطقس الدافئ نسبيا، فإن مؤسسات تخزين الغاز الأوروبى وصلت سعتها إلى حوالى 74% مقارنة بمعدل خمس سنوات فى هذا الوقت من العام حوالى 55%.