تمر اليوم الذكرى الـ 177 على ميلاد الفيلسوف الألماني رودلف أوكن، الذى عمل محاضرا في جامعة بازل حتى سنة 1874 ودرس بعدها في جامعة فيينا، وهو أحد ثلاثة فلاسفة عبر التاريخ حصلوا على جائزة نوبل في الآداب مع هنري برجسون وبرتراند راسل، إذ حصل عليها في عام 1908.
حصل "أُوكن" على شهادة الدكتوراه في فقه اللغة الكلاسيكية والتاريخ القديم من جامعة جوتنجن عام 1866، واهـتم بالجانب الفلسفي من اللاهــوت، وبعد سنوات اصبح محاضرًا في جامعة بازل.
وخلال الحرب العالمية الأُولى، اتخذ مثل الكثير من زملائه الأكاديميين موقفًا قويًا ضد الحرب، ووقع في عام 1914 "العام الذي اندلعت فيه الحرب العالمية الأولى"، على بيان المثقفين الألمان، ورأى أن الحرية تتحقق بالعِلم وبمجتمع السلام، فالعلم يوفر سيطرة الإنسان على الطبيعة بتعاون العلماء، ومجتمع السلام يكون بتعاون البشر ووقف صراعهم.
حصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1908، بعد أن كان قد تم ترشيحه مِن قبل عضوا في الأكاديمية السويدية، وبينت لجنة نوبل سبب منحه الجائزة، أنه تقديرًا لبحثه الجاد عن الحقيقة، وامتلاكه القدرة على اختراق الفكر، وأُفقه الواسع، والقوة في عرض أفكاره، التي ساهمت في تكريس مثالية فلسفة الحياة.
إن فلسفة الحياة عند أُوكن، تعني في نظره أنظمة عضوية ومؤسساتية، فوظيفة الفلسفة شرح أنظمة الحياة، وإظهار معانيها، ثم اختيار أفضلها، وبما أن الحياة عملية تطور، فلا يمكن حجزها في فلسفة أو نظام، وعندما تحطم الحياةُ الحواجزَ المنشأة، تظهر الحاجة إلى فلسفة جديدة أو نظام للحياة جديد أكثر شمولًا، والفلسفة الجديدة لا تولد إلا بالعملِ الحي الجاد، وبالتركيز على الحياة ومعرفة الخير والشر فيها.
وقد انتقدَ أُوكن المذهب الطبيعي الذي يفرض حدوداً زائفة على روح الإنسان. ومعَ أن المذهب الطبيعي هو نتيجة تأثير العِلْم في حياة الإنسان، إلا أن هذا المذهب يصبح شديد الخطورة إذا قيَّد طاقات الإنسان بالطبيعة وحدها. لذلك أكَّد على الاستقلال الروحي الذي يُعطي الأولوية للكل الذي يُؤلِّف الفرد جزءاً منه مِن دُون ذوبان فيه.
كما انتقدَ أُوكن الاشتراكية مِن ستة وجوه: عجزها عن إضفاء وَحدة على حركة الحياة، عجزها عن إدراك حاجة الإنسان إلى حياة جوَّانية.حصرها اللحظة المهمة لحياة الإنسان في الحاضر، اختزالها الإنسان في معادلة رياضية، حصرها الإيمان في المذهب الطبيعي، مِمَّا وَلَّدَ صراع الإنسان ضد أخيه الإنسان، إجهاض طبيعة الإنسان الحقيقية بسبب تحديد الإنسان بالمصطلحات الاقتصادية.