وجد فريق من علماء الفلك دليلا جديدا على أن النجوم العملاقة الحمراء تعاني من "مواطن خلل" (اختلافات هيكلية حادة) في جوهرها الداخلى، وفقا لتقرير RT، والعمالقة الحمر هى نجوم محتضرة، في مراحل متقدمة من التطور النجمي، والتي استنفدت الهيدروجين في نواتها.
وفي الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Communications، وأجراها فريق من علماء الفلك بقيادة معهد الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء (IA) في لشبونة، البرتغال، جمع علماء البنية الداخلية لأكثر من 350 نجما من خلال دراسة أنماط التذبذب التي شوهدت على أسطحها.
واستخدم الباحثون بيانات من تلسكوب كيبلر الفضائي التابع لوكالة ناسا وتقنية تُعرف باسم "علم الزلازل" للتعمق في قلب النجوم القديمة، تماما مثل كيفية استخدام علماء الزلازل الأرضية للزلازل لاستكشاف الجزء الداخلي من كوكبنا.
والعمالقة الحمراء عبارة عن نجوم كبيرة ساطعة كتلتها تقارب 0.3-8 مرات من كتلة الشمس، وصلت إلى مرحلة متأخرة من تطور النجوم. وتطلق النجوم مثل الشمس الطاقة عن طريق تحويل الهيدروجين إلى هيليوم عبر الاندماج النووي، ولكن إمداد الهيدروجين في النواة الداخلية محدود
وعندما يبدأ هذا في النفاد - ويقل الضغط الخارجي للاندماج - فإنها تنهار تحت تأثير جاذبيتها. وعند ذلك، ترتفع درجة حرارة النجم حتى تصل إلى هذه النقطة، التي يمكن أن يبدأ فيها اندماج الهيدروجين، ولكن هذه المرة في غلاف حول اللب الداخلي للنجم.
وتتسبب الطاقة المنبعثة في هذه العملية في تمدد الطبقات الخارجية للنجم بشكل كبير حتى يصل إلى مئات أضعاف حجمها السابق. ونتيجة لذلك، يبرد سطح النجم ويحمر، وهو ما يعطي هذه الكائنات أسمائها.
ونظرا لاستخدام العمالقة الحمراء في العديد من الدراسات العلمية، كمسابر للمسافات الفلكية، للمساعدة في قياس كثافة المجرة ودراسة التطور الكيميائي للنجوم، فمن المهم أن نكون قادرين على نمذجتها وهياكلها الداخلية، بشكل صحيح.
وفي حين أنه من غير الممكن رؤية داخل العملاق الأحمر مباشرة ، فمن الممكن استنتاج بنيته الداخلية من خلال قياس التذبذبات التي تظهر على سطح النجوم نتيجة ترددات ومسارات الموجات الصوتية التي تمر عبر أجسام نجمية
وتمتلك النجوم العديد من أوضاع التذبذبات المختلفة، التي تكون حساسة لأجزاء مختلفة من تصميماتها الداخلية، ويمكن لعلماء الزلازل استخدام هذه الأنماط لاستكشاف جوانب مختلفة من البنية النجمية.
وتوضح عالمة الفلك في معهد الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء، الدكتورة مارغريدا كونها: "تؤدي الموجات المنتشرة داخل النجوم إلى اختلافات دقيقة في السطوع النجمي يمكن اكتشافها باستخدام أدوات فضائية عالية الدقة. وتكشف هذه الموجات عن ظروف الوسط الذي تنتشر فيه، أي الخصائص الفيزيائية للداخل النجمي".
وفي الدراسة، قامت الدكتورة كونها وزملاؤها بالتحقيق في 359 من العمالقة الحمراء تحت كتلة عتبة معينة، وقياس الخصائص المختلفة بما في ذلك ترددات التذبذب المختلفة لكل نجم.
وقال المؤلف الرئيسي، وعالم الفلك الدكتور ماتيو فرارد، الذي كان يعمل سابقًا في معهد الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء، ولكنه يعمل حاليا في جامعة ولاية أوهايو: "يقدم هذا العمل التوصيف الأول للانقطاعات الهيكلية الموجودة في قلب النجوم العملاقة الحمراء".
وأضاف أن هذا يسمح "لأول مرة، بإجراء مسح دقيق للعمليات الفيزيائية التي تحدث في هذه المنطقة. ومن خلال تحليل هذه الاختلافات، يمكننا ليس فقط الحصول على المعايير الشاملة للنجم، ولكن أيضا معلومات حول البنية الدقيق لهذه الهياكل".
وكشف التحليل أن ما يقارب 7% من النجوم، التي خضعت للدراسة، أظهرت انقطاعات بنيوية - ما يسمى بـ "مواطن الخلل" داخل النوى الداخلية.
وبحسب العلماء، فإنه تم طرح فرضيتين لشرح كيفية عمل هذا الخلل. الأولى تشير إلى أنها موجودة خلال تطور النجوم، لكنها عادة ما تكون ضعيفة جدا بحيث لا يمكن تصنيفها على أنها انقطاع حقيقي. ويقول الفريق إن هذا السيناريو لا تدعمه نتائج دراستهم.
وتقترح الفرضية الثانية أن هذا الخلل "يتم تلطيفه" بواسطة عملية فيزيائية غير معروفة تؤدي لاحقا إلى تغييرات في بنية اللب الداخلي للنجم.
ومع ذلك، ستكون هناك حاجة إلى بيانات أكثر دقة قبل أن يتمكن العلماء من وضع ثقلهم وراء هذه الفكرة. كما يوضح عالم الفلك دييجو بوسيني في معهد الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء: "تُظهر هذه الدراسة حدود نماذجنا وتمنحنا فرصة لإيجاد طريقة لتحسينها".