سلط مرصد الأزهر الضوء على الألعاب الإلكترونية كنوع جديد من الإدمان يواجه الحكومات والأسر معًا، فبعد أن كان الصغار يمارسون ألعابًا بسيطة تجمعهم وجهًا لوجه، وتضفي البهجة والمرح على الأجواء المحيطة بهم، أصبحنا نراهم صامتين ويصدرون ردات فعل بعضها عنيف خلال تفاعلهم مع مجريات اللعبة التي يمارسونها عبر إحدى الشاشات الحديثة كالحاسوب أو المحمول وسط صيحات بالانتصار وتحقيق أكبر عدد من الأهداف التي تكون ما بين القتل والتدمير، وهى شرط لمواصلة التقدم في نوع من الألعاب الإلكترونية.
ومنذ الانطلاقة الأولى لها في خمسينيات القرن الماضي، كان يطلق على هذا النوع من الألعاب مسمى "ألعاب الفيديو" ثم مع التطور الرقمي باتت تعرف بـ "الألعاب الإلكترونية"، وما ساهم في انتشارها الطفرة التي شهدتها الهواتف المحمولة المتاحة في أيدي الملايين حول العالم.
وتابع المرصد أن ملايين الأسر تعاني يوميًّا مع أطفالهم لإقناعهم بالابتعاد عن الشاشات وترك تلك الألعاب لكن دون فائدة أو أي نتائج تُذكر، والشاهد على ذلك الأعداد المرتفعة في عدد اللاعبين على مستوى العالم. وبالنظر إلى الأرقام المسجلة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، نجد ارتفاعًا ملحوظًا في عدد اللاعبين، ففي عام 2020 بلغ عددهم 2.7 مليار لاعب على مستوى العالم. وفي عام 2021 بلغ عدد اللاعبين قرابة (2.8) مليار في العالم، ليرتفع بشكل لافت في 2022 إلى نحو (3 مليار) لاعب.
ووفقًا للتقارير وصل سوق الألعاب الإلكترونية خلال عام 2021 في مصر إلى ما نسبته 9,8% من إجمالي إيرادات الألعاب التي قدرت بـ 1,76 مليار دولار في ثلاثة دول بالشرق الأوسط هي (السعودية والإمارات ومصر) وسط توقعات بارتفاع عائد الألعاب في الدول الثلاث إلى 3.14 مليار دولار في عام 2025، وسجلت مصر المرتبة الأولى بنسبة 58,7% من إجمالي عدد لاعبي الثلاث دول في 2021.
وبالنظر إلى متوسط أعمار سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي يقل عن 25 عامًا، ونشأتهم في ظل هذا التطور الرقمي وكون تشكيل الألعاب الإلكترونية محورًا في مسألة الترفيه لديهم، نجد أن التوقعات بارتفاع عدد اللاعبين خلال السنوات القادمة أمر يمكن حدوثه في ظل نشأة أجيال تزامنًا مع الطفرات الرقمية التي يشهدها العالم على مدار الساعة، وهو ما يجعل من المنطقة مركز جذب لصناعة الألعاب الإلكترونية العالمية.
وبعيدًا عن الأرقام المسجلة ليس فقط في مصر بل العالم أجمع، فإنه عند متابعة مدى تأثير الألعاب الإلكترونية على الطفل يجب أن تتساءل الأسرة هل شخصية الطفل تميل إلى العنف في الأساس؟، كما أن الظروف المحيطة تلعب دورًا في ميل الطفل إلى العنف حيث الاضطرابات الأسرية تساهم في تعزيز لجوء الطفل إلى العنف مع الآخرين لـ "التنفيس" عما يواجهه في المنزل من تعنيف وصراخ، وهكذا تشكل شخصية الطفل والظروف المحيطة عوامل يجب أخذها في الاعتبار عند تشخيص مدى تعلق الطفل من عدمه باللعبة،
ورغم أن الألعاب الإلكترونية ليست السبب الوحيد في تحول سلوك الطفل إلى العدوانية إلا أنها تجعلهم عصبيين ويميلون إلى العنف في تعاملاتهم الواقعية، فضلًا عن معاناتهم من الهلوسة جراء الجرعات المكثفة من العنف التي يتلقونها في أثناء ممارسة ألعاب القتال، إلى جانب شعورهم بآلام جسدية نتيجة الجلوس لفترات طويلة دون حراك، وهو ما يجعلهم أكثر عرضة لخطر زيادة الوزن. ولحسن الحظ، تثبت الأبحاث التي أجريت في هذا الشأن إمكانية التغلب على الأعراض الناجمة عن الألعاب الإلكترونية عبر تقنين الوقت الذي يقضيه الأطفال.
وشدد المرصد على أهمية دور الأسرة، عبر الاطلاع باستمرار على ما يلعبه أطفالها، ومراقبة سلوكهم لرصد أية تغيرات تطرأ عليهم مثل شعورهم بالإرهاق الدائم أو سرعة الانفعال أو عدم أداء دروسهم بشكل جيد، فهناك دراسات أثبتت أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه الطفل في ممارسة الألعاب الإلكترونية، كلما انخفض أدائهم في المدرسة. كما أن مدمني هذه الألعاب يصبح لديهم سلوكيات تدميرية مثل الجدال والقتال مع الآباء والمعلمين وزملائهم بالمدرسة، وهو ما أقره بعض الطلاب من أن عاداتهم في ممارسة هذه ألعاب تؤثر على أدائهم المدرسي.