تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائى وتدهور التربة وندرة المياه فى مناطق مختلفة من كوكب الأرض، هى أحداث درامية تتحدى المجتمع الدولى، فيعتبر عام 2022 جرس إنذار قوى لكوكب الأرض، بعد انتشار الجفاف والحرائق وتدهور التربة الزراعية، بالإضافة إلى انتشار الجوع بشكل كبير فى مناطق مختلفة، ولذلك يعتبر المناخ من أكبر التحديات التى يمر بها العالم فى 2023 الجارى.
وسيُذكر فبراير 2022 كنقطة تحول نحو حقبة جيوسياسية جديدة ؛ فى الرابع والعشرين من ذلك الشهر، كانت بداية الحرب فى اوكرانيا، وقبل ذلك، فى فبراير 2020، كانت البشرية تدخل وباءً، وفى غضون ذلك، كانت أزمة المناخ فى الخلفية. حتى نوفمبر من العام الماضى، أخيرًا، خلال COP27، المؤتمر السابع والعشرون للأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الذى تم عقده فى مدينة شرم الشيخ، والذى من خلاله صمم العالم مرة أخرى خارطة طريق، والتى يجب تنفيذها فى عام 2023، حسبما قالت صحيفة لا جاثيتا الأرجنتينية.
وترى الصحيفة الأرجنتينية أن كوب 27 يعتبر بارقة الأمل التى لابد من التعلق بها، وتنفيذ الاتفاقيات التى تم مناقشتها فيه، خلال عام 2023، ستكون اولى الخطوات لحل أزمة المناخ والحد من الاحتباس الحرارى الذى أصبح بمثابة قنبلة موقوته للعالم، ولذلك فإن المناخ يعتبر من أبرز تحديات عام 2023 الجارى.
وأشارت الصحيفة إلى أن كوب 27 أحرز تقدما فى القضايا الرئيسة الأخرى المتعلقة بأسباب الاحتباس الحرارى، خاصة فيما يتعلق بالتخلص التدريجى من الوقود الأحفورى، وهو الابرز للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى، حيث إنه من المعروف أن أزمة المناخ قد تسارعت وأن الكوكب سيرتفع 1.5 درجة مئوية على مدى السنوات التسعة عشر القادمة. تم الكشف عن ذلك من قبل علماء من الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وهى تابعة للأمم المتحدة.
توقعات فى 2023
أعرب عدد من خبراء المناخ أن عام 2023 سيكون الأسوأ من حيث شدة الحرارة، وتوقعت هيئات الأرصاد فى عدد من الدول الأوروبية ارتفاع درجات الحرارة 1.2% درجة، فى الوقت التى تمر به بأول شتاء دافئ فى تاريخها.
لم يتعرض العالم مطلقا لدرجات حرارة بهذا الشكل إلا 9 مرات، وإذا صحت التوقعات، فسيكون هذا العام هو العاشر الذى تصل فيه الحرارة إلى هذه المعدلات، وهو ملا ينذر بوجود خسائر مناخية تصل إلى تريليون دولار، حال عدم اتخاذ خطوات سريعة.
الجفاف وارتفاع درجات الحرارة
يعتبر الجفاف وارتفاع درجات الحرارة من أهم العوامل التى أثرت بشكل سلبى على العالم خلال الفترات السابقة، ووفقا لصحيفة اكسبانثيون المكسيكية فإن أحداث الجفاف الشديد ستزيد 10 أضعاف فى السيناريو الذى يحتوى على أعلى انبعاثات للغازات الملوثة، بحلول نهاية هذا القرن.
وأشارت الصحيفة إلى أن مجلة Nature Sustainability، المتخصصة فى تغير المناخ، نشرت دراسة أكدت فيها أن توافر المياه فى جميع انحاء العالم سيكون لها مخاطر أكبر لأكثر من 90% من السكان.
وأشارت الدراسة إلى أن أحداث الجفاف الشديدة ستزيد 10 أضعاف فى السيناريو مع انبعاثات غازات ملوثة أعلى بحلول نهاية هذا القرن، وهو ما سيؤثر على توافر المياه على مستوى العالم.
وأضافت أنه لن يكون لهذا التأثير تأثير سلبى فقط على الغطاء النباتى أو أحواض الكربون الأرضية ولكن، جنبًا إلى جنب مع درجات الحرارة المرتفعة، سيؤثر على أكثر من 90 ٪ من سكان العالم، مع تأثيرات أكثر خطورة فى المناطق الأكثر شعفا مثل المناطق الريفية.
خلص مؤلفو الدراسة إلى أن التأثيرات المشتركة للحرارة الشديدة والجفاف سيكون لها تأثير أكبر بكثير من النظر إلى هاتين الظاهرتين بشكل منفصل. وأضافوا أن هناك عاملًا مهمًا آخر وهو أن الجفاف المركب وأحداث موجات الحرارة (CDHW) ستؤثر أيضًا على أداء النظم الاجتماعية وأنظمة النظام الإيكولوجى، مما سيؤدى فى النهاية إلى التأثير على الناتج المحلى الإجمالى.
لاحظ الباحثون فى الدراسة: "من خلال الجمع بين ملاحظات الأقمار الصناعية والقياسات الميدانية وإعادة التحليل، نظهر أن تخزين المياه على الأرض ودرجة الحرارة مرتبطان سلبًا، وربما مدفوعان بظروف جوية مماثلة (على سبيل المثال، عجز بخار الماء والطلب على الطاقة)".
وأوضح جيابو ين، أحد مؤلفى الدراسة الجديدة والباحث فى جامعة ووهان، فى بيان أنهم استخدموا محاكاة "النموذج الكبير" ومجموعة بيانات جديدة لميزانية الكربون تم إنشاؤها بواسطة التعلم الآلى، لتحديد "استجابة إنتاجية النظام البيئى إلى عوامل الإجهاد الحرارى والمائى العالمية ".
6 عوامل لمناخ أفضل
وفى الوقت الذى يسعى العالم للتوصل لحلول إيجابية وخطوات سريعة لحل أزمة المناخ، حدد البنك الدولى 6 عوامل رئيسية يجب التمسك بها من أجل مناخ جيد، والحفاظ على ارتفاع 1.5 درجة فقط على مستوى العالم، وهى ضرورة تسعير الكربون، إنهاء دعم الوقود الأحفورى، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة، وبناء المدن ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة، بالاضافة إلى تطبيق خطط لزراعة تراعى المناخ مع التوسع فى الغابات، وأخيرا الالتزام بالاتفاقيات المناخية الرسمية.