شكلت الحدود الشرقية لمصر دومًا مسارًا تاريخيًا لمحاولات غزو الأراضي المصرية في مختلف العصور، لذا فاقت أهمية هذه الحدود على المستوى الاستراتيجي الاتجاهات الرئيسة الأخرى للدولة المصرية، وكشف تقرير للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ما يتعلق بالمقاربة المصرية لأمن حدودها الشمالية كان التنمية؛ فبانتهاء الخطر الإرهابي في شمالي سيناء، باتت التنمية والإعمار هما خط الدفاع الأول عن هذه المنطقة، عبر تطبيق خطة تنموية موسعة تعالج مواطن القصور التنموي الذي تجذر في معظم مناطق سيناء.
وأكد أن الدولة حرصت على السير نحو هذا الجهد جنبًا إلى جنب مع جهود مكافحة الإرهاب وبسط الأمن في كافة مناطق سيناء، وهو ما تم بالفعل على مدى السنوات العشر الماضية، لتشهد المنطقة عبورًا جديدًا على غرار عبور 1973 المجيد، لكنه هذه المرة هو عبور تنموي اختارت فيه الدولة الخيار الأصعب بالتحرك بالتوازي في التخلص من الإرهاب وإطلاق شرايين التنمية بمختلف قطاعاتها بكافة أجزاء سيناء "أرض الفيروز ".
وقد كانت نقطة انطلاق الخطة الشاملة لتنمية سيناء عبر القرار الجمهوري رقم 107، الصادر في 25 فبراير 2018، الذي رصد موازنة تاريخية تقدر بـ 600 مليار جنيه، لتنفيذ 994 مشروعًا تنمويًا في سيناء، تم إنجاز القدر الأكبر منها على أرض الواقع، وأغلبها يعد مشروعات قومية لاسيما ما يتعلق منها بمشروعات البنية التحتية والمشروعات الاقتصادية والخدمية التي تشمل الصحة والتعليم في المقام الأول، بالإضافة إلى المشروعات الاقتصادية، وقد راعت هذه المشروعات الأبعاد الاجتماعية في التوازن بين خصوصية المكون السيناوي، وفى إطار التركيبة الوطنية بشكل عام؛ بحيث تصبح سيناء قابلة لاستيعاب جميع المصريين، بعد أن كانت طاردة حتى لأبنائها.
وذكر التقرير أنه إجمالًا، تم إنشاء سبعة عشر تجمع تنموي متكامل جديد لأهالي سيناء، منها عشرة تجمعات في شمال سيناء، وسبعة جنوبها، 10 بشمال سيناء، بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 5.7 مليارات جنيه، تضاف إلى مشروعات الإسكان الاجتماعي التي تم إنشاؤها في سيناء، بإجمالي 12 ألف وحدة سكنية، بلغت تكلفتها ملياري جنيه تقريبًا، ضمن 52 ألف وحدة سكنية بـ 4 مدن عمرانية جديدة كـ (مدينة رفح الجديدة، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، مدينة بئر العبد، ومدينة سلام شرق بورسعيد) مقامة على 28 ألف فدان لتستوعب 1.3 مليون نسمة. ذلك بالإضافة إلى إنشاء 2794 منزلًا بدويًا في عدة مناطق بشمال سيناء، وتطوير المناطق غير الآمنة بجنوب سيناء، عبر تأسيس تجمعات تنموية مزودة بالخدمات المتكاملة.
وبطبيعة الحال كانت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، من أهم الروافد التي توفر التنمية الاستثمارية والصناعية لشبه جزيرة سيناء، حيث تمتد هذه المنطقة داخل 5 محافظات (بورسعيد – الإسماعيلية – السويس – شمال سيناء – جنوب سيناء)، وتشمل 6 موانئ بحرية (ميناء شرق بورسعيد، ميناء غرب بورسعيد، ميناء العريش، ميناء العين السخنة، ميناء الطور، ميناء الأدبية)، كما تضم 4 مناطق صناعية (منطقة شرق بورسعيد – منطقة شرق الإسماعيلية – منطقة القنطرة غرب – منطقة العين السخنة)، وقد وصل إجمالي حجم الاستثمارات داخل هذه المنطقة لنحو 18 مليار دولار، وفرت 80 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وقد بدأت العديد من المصانع الموجودة في المناطق الصناعية السالف ذكرها، بالعمل والإنتاج؛ سواء بغرض خدمة السوق المحلي أو التصدير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة