جاء مؤتمر حكاية وطن معبرا عن تحديات اليوم، وكاشفا عن نجاح الدولة فى التعامل مع هذه التحديات، ورغم التطور الرهيب فى المشكلات التى يعانى منها العالم، نجح الاقتصاد المصرى فى التعامل حتى هذه اللحظة مع تلك المشكلات.
وعلى سبيل المثال، فإن القطاع الصناعى والتصديرى المصرى نجح بفضل حوافز الدولة فى الصمود، وسط تحديات عالمية صعبة جدا، أبرزها أزمة سلاسل الإمداد والتوريد العالمية وقبلها أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع خامات الإنتاج.
تواصل الدولة جهودها لدعم الصناعة الوطنية والاستثمارات الصناعية والإنتاجية، حيث أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى توجيهات للحكومة بإطلاق حزمة جديدة من الحوافز، التى تهدف دعم النشاط الصناعى وتسريع عملية توطين الصناعة، وتتضمن حزمة الحوافز تقديم إعفاءات ضريبية واسترداد نسبة من قيمة الأراضى المخصصة والتوسع فى منح الرخصة الذهبية، من أجل تسريع تنفيذ المشروعات الصناعية فى القطاعات ذات الأولوية، مثل الكيماويات والمعادن ومواد البناء والمنسوجات، وكذلك زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر، حيث تأتى هذه التوجيهات والإجراءات وسط مناخ اقتصادى عالمى صعب مع ارتفاع تكاليف الصناعة والشحن، وتخبط سلاسل التوريد والإمداد وكذلك أزمة التضخم العالمية، وتم استعراض هذه الحوافز ضمن جلسات «حكاية وطن».
حققت الصناعة مؤشرات إيجابية خلال الـ9 سنوات الماضية، حيث بلغ حجم الناتج الصناعى الإجمالى تريليون و252 مليار جنيه خلال العام الماضى مقابل نحو 357 مليار جنيه عام 2014، وسجل النمو الحقيقى لقطاع الصناعات التحويلية فى 2014 نسبة 4.77% فى حين تضاعف إلى 9.57 % خلال عام 2022، كما بلغ إجمالى الصادرات المصرية خلال العام الماضى 35.8 مليار دولار مقابل 21.95 مليار دولار خلال عام 2014، وبلغت قيمة الصادرات الصناعية 22.2 مليار دولار خلال العام الماضى مقابل 12.1 مليار دولار خلال عام 2014 بنسبة زيادة 83.5 %.
وفيما يخص جهات الولاية والتخصيص للأراضى الصناعية، فكان من أهم مطالب المستثمرين والصناع خلال عام 2014 توحيد جهات الولاية والتخصيص للأراضى الصناعية والتراخيص، حيث كان ترخيص الأراضى الصناعية يتم من قبل جهات متعددة، فتم توحيد جهات الولاية خلال عام 2016، وأصبح الآن هناك لجنة مشتركة تجمع الجهات المعنية بهذا الملف، وتقوم بالتخصيص الفورى للأراضى الصناعية، وإصدار تراخيص التشغيل فى مدة تصل إلى 20 يوما بدلا من 30 يوما، كما شهدت المناطق الصناعية زيادة، حيث بلغ عددها خلال عام 2014 نحو 121 منطقة صناعية زادت إلى 147 منطقة حتى 2022، كما زاد عدد المناطق الصناعية للمطورين من 12 منطقة خلال عام 2014، لتصبح 17 منطقة صناعية بإجمالى مساحة 22.9 مليون متر مربع.
وفى ضوء توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى للتيسير على صغار المستثمرين، تمت إقامة 17 مجمعا صناعيا فى 15 محافظة، بتكلفة 10 مليارات جنيه بإجمالى 5046 وحدة صناعية توفر نحو 48 ألف فرصة عمل مباشرة، كما تمت إقامة عدد من المدن الصناعية المتخصصة، مثل مدينة الجلود بالروبيكى ومدينة الأثاث بدمياط الجديدة ومدينة الرخام بالجلالة ومدينة الدواء بمنطقة الخانكة، وافتتاح المرحلة الأولى من مجمع صناعات الغزل والنسيج بمنطقة الروبيكى.
تضمنت جهود الحكومة فى دعم الصناعة الوطنية، خلال السنوات الـ9 الماضية، إعداد قائمة بـ100 إجراء تحفيزى للنهوض بالصناعة المصرية وجذب المستثمرين، إضافة إلى تخريج 95 ألف عامل مؤهل لتلبية احتياجات القطاع الصناعى، وإطلاق البرنامج القومى للتصنيع المحلى إلى جانب صرف المساندة التصديرية بالتنسيق مع وزارة المالية بإجمالى 56.7 مليار جنيه لعدد 2700 شركة، وإطلاق علامة بكل فخر «صنع فى مصر» وتأهيل واعتماد 300 شركة للحصول عليها، والاشتراك فى 337 معرضا خارجيا للترويج للصناعة، إلى جانب إبرام الشراكة الاقتصادية بين مصر والإمارات والأردن والبحرين فى مجال الصناعة، وتحديث 122 معملا داخل مختلف الموانئ، وتوقيع 7 اتفاقيات تجارية دولية وتفعيل قانون تفضيل المنتج المحلى، وإطلاق استراتيجية تنمية صناعة السيارات.
كما تضمنت إجراءات الحكومة لتحفيز الاستثمار الصناعى إصدار القانون رقم 153 لسنة 2022 بشأن التجاوز عن 65 % من غرامات وفوائد التأخير والضريبة الإضافية على متأخرات الضرائب والجمارك، وكذا إعفاء 19 قطاعا صناعيا لمدة 3 سنوات من الضريبة العقارية، ومنح الحكومة قروضا بفائدة ميسرة بنسبة 11 %، كما شملت الإجراءات الإضافية لتحفيز الاستثمار الصناعى الرخصة الذهبية، حيث تم إصدار 24 رخصة حتى الآن ويتم التوسع فيها.
تضمنت الرؤية المستقبلية للوزارة تحليل أكثر المؤثرات على القطاع الصناعى، وكانت مستلزمات الإنتاج هى الأكثر تأثرا بالتضخم أو بعدم توفرها فى سلاسل الإمداد، وكانت تلك مشكلة أساسية أثرت على نسبة النمو الصناعى، كما أن خريطة العالم الصناعية فى تغيير مستمر، وهناك نقل لبعض الصناعات وتوطينها فى أماكن مختلفة، حيث يسعى العالم إلى تطوير استراتيجيات جديدة للصناعة، وهناك دول غيرت استراتيجيتها أكثر من مرة للصناعة.
جار حاليا إعداد الاستراتيجية الوطنية للصناعة التى تركز على جذب الاستثمارات، لتعميق الصناعة من خلال استهداف قطاعات صناعية ذات أولوية تمتلك فيها مصر قاعدة صناعية وفرصا ومزايا تنافسية على المستويين الإقليمى والعالمى، وتستهدف الاستراتيجية إحراز عدد من الأهداف بحلول العام المالى 2026/2027 أهمها زيادة نصيب الصناعة من الناتج المحلى الإجمالى إلى 20 % والوصول لمعدل نمو للصادرات بين 18 - 25 % سنويا.
تم عمل تحليل للواردات المصرية على 4 سنوات متتابعة، وتحديد عدد من الصناعات ذات أولوية التى تعتمد عليها صناعات أخرى، وتم تحديد 152 فرصة استثمارية، تضم 92 فرصة لتصنيع مستلزمات إنتاج للصناعة المصرية لضمان استدامة سلاسل الإمداد، وتم البدء فى هذا المشروع من خلال تخصيص 160 قطعة أرض مساحتها حوالى 1.252 مليون متر باستثمار 17 مليار جنيه، لعدد عمالة متوقعة يبلغ 26 ألف عامل.
تم تحديد عدد من الصناعات الاستراتيجية لمنحها حوافز استثنائية، لجذب كيانات صناعية عالمية، وتم تحليل سلاسل القيمة المضافة لهذه الصناعات لتحديد المواد الخام ومدى توافرها فى مصر، كما حددت الوزارة الحوافز الاستثمارية الجديدة المقرر منحها لهذه الصناعات التى تشمل إعفاءات ضريبية واستعادة نسبة من قيمة المرافق فى حالة الانتهاء من المشروع فى نصف المدة المقررة.