ربما كان جائعا، أو لعله كان يقبض على الخبز لأمله فى الحياة، وأن تتفتح عيون العالم التى أغمضت بغطرسة وانعدام إنسانية.. فى الآخر مات الطفل جائعا، ومات حاضنا لقمته المغموسة بالدم، وترك العار يكلل جبين العالم وكل من يدعمون الاحتلال الإسرائيلى فى جريمته الدموية المفتوحة على أبرياء غزة.
استشهاد طفل فلسطينى فى المستشفى المعمداني
ربما كان يحلم بيوم تستقر فيه الأوضاع عما قريب، ويستطيع أن يخلد إلى النوم لبضع ساعات ثم يستيقظ في الصباح حاملا حقيبته وأوراقه وألوانه في طريقه إلى مدرسته يلتقى أصحابا فرقت بينهم آلة القتل الإسرائيلية، لكن سياسات العقاب الجماعي لم تترك له فرصة حتى يحقق أحلامه البسيطة، فمات حاضنا لقمته محروما من أبسط حقوقه كطفل في التعليم وفى لقاء أصدقائه.. هذا هو المعنى الحقيقى لجريمة الحرب.
ربما نزح مع أسرته خوفا من الموت تاركين وراءهم منزلا دمره القصف الإسرائيلي وأحاله إلى كومة تراب، ولم يجد أبوه سوى المستشفى كملاذ آمن يلتجئ إليه هو وأطفاله باعتبار أنهم ما تبقى له في هذه الحياة بعد أن سلبته الحرب منزله وممتلكاته، لكن البربرية الإسرائيلية لم ترحم رب هذه الأسرة وسلبت حق أبنائه في الحياة وسط صمت موجع من العالم وكل من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان.
هذه الاحتمالات الموجعة تفرضها صورة لطفل مات وهو يحتضن لقمة، لا ذنب له سوى أنه ولد فلسطينيا فى عالم لا يعرف سوى لغة القوة، والقانون الدولي لا يحميه، وإنما يعاقبه هو وأقرانه أن ثاروا يوما للحصول على حقهم.. نم يا صغير قرير العين، فروحك الآن تشكو إلى بارئها في السماء ظلم هذا العالم.