وثقت صحيفة الدستور الأردنية قبل عدة عقود التحركات والمخططات الإسرائيلية التي تهدف لتهجير 300 ألف مواطن فلسطيني من قطاع غزة إلى خارج الأراضي المحتلة، وهي نفس الخطة التي سعى عدد كبير من قادة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تطبيقها لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها والقضاء على أي محاولات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو عام 1967.
نشرت صحيفة الدستور مانشيت رئيسي قبل سنوات تحت عنوان "بدء تفريغ قطاع غزة من السكان"، وهو المانشيت الذي يتفق مع طبيعة المرحلة الراهنة التي تشهدها القضية الفلسطينية من مخططات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربي باتجاه الأردن وسكان قطاع غزة باتجاه مصر، وهو ما رفضته القاهرة وعمان في تصريحات رسمية صادرة عن قيادة البلدين.
في العام يونيو 1967، ومع احتلال إسرائيل قطاع غزة، برزت قضية وجود 400 ألف لاجئ فلسطيني في القطاع كعائق ديمغرافي يمنع حكومة الاحتلال من ضم القطاع والتهامه. ما جعل هذه القضية حاضرة وبقوة على طاولة الحكومة الإسرائيلية التي بدأت تناقش خياراتها، والتي كان أولها مشروع توطين اللاجئين في العريش، فيما ذهب وزراء عدة في تلك الحكومة إلى توسيع الخيارات بالتوطين في مساحات أخرى من سيناء.
جاء اقتراح سيناء من صاحب أولى المشاريع الاستيطانية بعد الاحتلال عام 1967، الوزير في تلك الحكومة يغيئال آلون، والذي جاء بمقترح نقل اللاجئين إلى ثلاث مناطق من العريش، بتمويل يهودي، على أن تبدأ المرحلة الأولى بـ 50 ألفاً. كما وقف الوزير إلياهو ساسون عند علاقة مصر بقطاع غزة، وشدد على ضرورة منع مصر من التدخل في القطاع فلولا "وجود 400 ألف لاجئ لما سمحت مصر للشقيري بإقامة منظمة عسكرية وكتائب "محربين..... ما يهمني هو التأكيد على سلخ قطاع غزة عن مصر".
ورغم عدم نفاذ المخطط، لأسباب تتعلق بالتوازنات الإقليمية ورفض مصر المطلق له، إلا أنه بقي حاضراً وبقوة في العقل والسلوك السياسيين الإسرائيليين، ففي العام 1971، اقتلع أرئيل شارون 12 ألف لاجئ من القطاع ووضعهم في محطات لجوء أخرى في سيناء. لكن مصر بقيت على موقف صلب تجاه هذه المحاولات، وأصبح رفض التوطين في سيناء جزءاً راسخاً من العقيدة الأمنية والسياسية للدولة المصرية.
لاحقاً، ومع تصاعد قضية قطاع غزة والفعل المقاوم فيها، أصبح القطاع هاجساً أمنياً وسياسياً لإسرائيل، ما قاد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير جيش الاحتلال الأسبق، اسحق رابين لمقولته "أتمنى أن أستيقظ يوماً وأجد البحر قد ابتلع غزة"، ولذلك أيضاً كانت غزة أول ما انسحبت منه إسرائيل مع عملية التسوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة