"القاهرة للسلام" يستعيد "مركزية" فلسطين.. مصر تتحول إلى "رعاية" القضية.. القاهرة حشدت قوى الإقليم وراءها عبر "الشراكة".. و"غاز المتوسط" أحد أدوات "بناء السلام".. والمستجدات الدولية أثبتت فشل "الرعاية" الأحادية

الجمعة، 20 أكتوبر 2023 02:00 م
"القاهرة للسلام" يستعيد "مركزية" فلسطين.. مصر تتحول إلى "رعاية" القضية.. القاهرة حشدت قوى الإقليم وراءها عبر "الشراكة".. و"غاز المتوسط" أحد أدوات "بناء السلام".. والمستجدات الدولية أثبتت فشل "الرعاية" الأحادية قمة القاهرة للسلام
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحولات كبيرة يشهدها الدور المصرى، سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى، وهو ما يبدو فى العديد من المشاهد الأخيرة، بدءً من دورها القيادى فى مكافحة الإرهاب، مرورا بنجاحها الكبير فى إنقاذ منطقة الشرق الأوسط، واحتواء الأوضاع التى تلت الفوضى الناجمة عن "الربيع العربي"، وحتى دبلوماسيتها الإنسانية، التى أثبتت نجاعتها بصورة كبيرة فى احتواء الأزمات الكبرى، التى ضربت المنطقة، على غرار زلزالى سوريا وتركيا، عندما تمكنت من حشد المنطقة العربية، وراء دعم شعوبهما، بغض النظر عن الخلافات السياسية، وهو ما أثمر فى نهاية المطاف عن سلسلة من المصالحات الإقليمية، التى من شأنها التركيز على المصالح المشتركة بين مختلف القوى الإقليمية، وتحييد الخلافات جانبا، وهو ما ساهم فى تعزيز المواقف تجاه القضايا المركزية فى المنطقة.

وعند الحديث عن القضايا المركزية، لابد من الالتفات مباشرة إلى فلسطين، باعتبارها قضية العالمين العربى والإسلامى الأولى، حيث تبقى القمة المرتقبة السبت، والتى تحمل عنوان "القاهرة للسلام 2023"، أحد أهم الشواهد على التحول الكبير فى الدور المصرى، الذى تجاوز مجرد كونه "وسيط تهدئة" يتم اللجوء إليه فى مراحل التصعيد، للعودة بالأمور إلى "نقطة الصفر"، إلى "رعاية" القضية، فى ضوء العديد من المعطيات، يرتبط بعضها بالمستجدات الدولية، والتطورات الإقليمية، ناهيك عن التهديدات التى باتت تمثلها حملات التصعيد بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، على دول الجوار، فى ضوء دعوات التهجير، التى تبناها الاحتلال، والتى تمثل مخاطر أمنية كبيرة، عبر نقل ساحة الصراع العسكرى المباشر، من الأرض المتنازع عليها، إلى الدول الأخرى.

وبالنظر إلى الدور المصرى، خلال عقود الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة على العالم، نجد أنه ارتكز فى الأساس على تحقيق التهدئة فى مراحل التصعيد، وهو ما حدث خلال الحروب على غزة فى 2008 و2014، وغيرهما، لكن دون تحقيق حراك حقيقى فى القضية، فيما يتعلق بتطبيق "حل الدولتين"، والذى يمثل تجسيدا للشرعية الدولية، فى ظل انحياز أمريكى واضح للجانب الإسرائيلى، بينما لم تكن هناك أطراف أخرى يمكنها مزاحمة الدور الذى تلعبه واشنطن، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، فى التسعينات من القرن الماضى، وبالتالى كانت التطورات فى فلسطين، انعكاسا لحالة اختلال التوازن الدولى فى صورته الجمعية، والتى نجمت عن سيطرة قوى واحدة، لها مواقفها وتوجهاتها على دفة العالم.

التغيرات الكبيرة على الساحتين فى الساحة الدولية والإقليمية، جراء صعود قوى دولية جديدة يمكنها مزاحمة واشنطن على قمة النظام العالمى، على غرار روسيا والصين، بالإضافة إلى انتقال دائرة الصراع المباشر إلى أوكرانيا والتى تمثل العمق الاستراتيجى لأوروبا الغربية، والتى باتت مرتبكة إلى حد كبير تجاه القيادة الأمريكية، ناهيك عن نجاعة الدبلوماسية المصرية فى "لم الشمل" الإقليمى، عبر شراكاتها المتنوعة، التى ساهمت إلى حد كبير فى احتواء الصراعات، لعبت دورا رئيسيا فى تغيير "قواعد اللعبة" المرتبطة بالقضية الفلسطينية، فى ظل تقارب "الخصوم" واحتشادهم مجددا حول قضيتهم المركزية، بعدما تراجعت مرحليا إبان العقد الماضى جراء مخاوف أمنية ارتبطت بحالة الفوضى التى سادت المنطقة وحولتها إلى ساحة للحروب بالوكالة.

وفى الواقع، يبدو الدور المصرى الكبير فى التقريب بين القوى المتصارعة إقليميا، يبدو فى تحويل دفة العلاقات بينهم نحو "الشراكة" باعتبارها الطريق الأوسط، بين التحالفات، بمفهومها التقليدى القائم على التطابق فى الرؤى تجاه كافة القضايا الدولية والإقليمية من جانب، والخصومات، والقائمة على التنافر المطلق من جانب آخر، وذلك عبر العديد من الآليات، ربما أبرزها تدشين مؤتمر بغداد، والذى انطلق بشراكة ثلاثية بين مصر والأردن والعراق، ليتوسع بعد ذلك لتشارك فيه المملكة العربية السعودية ودول الخليج مع إيران، وهو ما ساهم فى تحريك المياه الراكدة بين الجانبين، وتحقيق المصالحة التاريخية فى هذا الإطار، وكذلك منتدى غاز شرق المتوسط، الذى بدأ بشراكة مصرية مع اليونان وقبرص، بينما اتسع ليشمل عدة دول منها تركيا ودولا عربية، مما أدى إلى حزمة من المصالحات فى هذا الإطار

ويعد الحديث عن منتدى غاز شرق المتوسط، ملائما للغاية عند تناول القضية الفلسطينية، فى ظل وجود إسرائيل وفلسطين معا كأعضاء فى المنتدى، وهو ما يساهم فى خلق مساحة من المشتركات، من شأنها تحريك المياه الراكدة، ويمكن من خلالها "بناء السلام" فى المستقبل، لتحقيق اختراقات فيما يتعلق بـ"حل الدولتين".

وهنا كانت الاستجابة الدولية الكبيرة للقمة التى دعا إليها الرئيس عبد الفتاح السيسى، حول التطورات فى فلسطين، تمثل بمثابة تحول من مجرد "وسيط" إلى "راعي" للقضية، يمكنه المشاركة فى تحقيق اختراق كبير فى القضية، يتجاوز مجرد التهدئة، ويمتد إلى دور فعال فى الوصول إلى الحل النهائى، فى ضوء سوابق تاريخية مرتبطة بالقضية، أثبتت عجز "الرعاية" الأحادية، أو ربما تقاعسها، عن القيام بدور بارز فى تحقيق الشرعية الدولية، ناهيك عن معطيات الحاضر، فى ظل تراجع ثقة المجتمع الدولى فى القيادة الأمريكية، لعدم قدرتها على احتواء العديد من الأزمات الأخيرة، التى باتت تهدد أكبر حلفائها، على غرار الوضع فى أوكرانيا.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة