تبقى القمة المرتقبة السبت، والتى تحمل عنوان "القاهرة للسلام 2023"، أحد أهم الشواهد على التحول الكبير فى الدور المصرى، الذى تجاوز مجرد كونه "وسيط تهدئة" يتم اللجوء إليه فى مراحل التصعيد، للعودة بالأمور إلى "نقطة الصفر"، إلى "رعاية" القضية، فى ضوء العديد من المعطيات، يرتبط بعضها بالمستجدات الدولية، والتطورات الإقليمية، ناهيك عن التهديدات التى باتت تمثلها حملات التصعيد بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، على دول الجوار، فى ضوء دعوات التهجير، التى تبناها الاحتلال، والتى تمثل مخاطر أمنية كبيرة، عبر نقل ساحة الصراع العسكرى المباشر، من الأرض المتنازع عليها، إلى الدول الأخرى.
خلال عقود الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة على العالم، نجد أن الدور المصرى ارتكز فى الأساس على تحقيق التهدئة فى مراحل التصعيد، وهو ما حدث خلال الحروب على غزة فى 2008 و2014، وغيرهما، لكن دون تحقيق حراك حقيقى فى القضية، فيما يتعلق بتطبيق "حل الدولتين"، والذى يمثل تجسيدا للشرعية الدولية، فى ظل انحياز أمريكى واضح للجانب الإسرائيلى، بينما لم تكن هناك أطراف أخرى يمكنها مزاحمة الدور الذى تلعبه واشنطن، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، فى التسعينات من القرن الماضى، وبالتالى كانت التطورات فى فلسطين، انعكاسا لحالة اختلال التوازن الدولى فى صورته الجمعية، والتى نجمت عن سيطرة قوى واحدة، لها مواقفها وتوجهاتها على دفة العالم.
تنجح دائما الدبلوماسية المصرية دائما فى "لم الشمل" الإقليمى، عبر شراكاتها المتنوعة، التى ساهمت إلى حد كبير فى احتواء الصراعات، فقد لعبت مصر دورا رئيسيا فى تغيير "قواعد اللعبة" المرتبطة بالقضية الفلسطينية، فى ظل تقارب "الخصوم" واحتشادهم مجددا حول قضيتهم المركزية، بعدما تراجعت مرحليا إبان العقد الماضى جراء مخاوف أمنية ارتبطت بحالة الفوضى التى سادت المنطقة وحولتها إلى ساحة للحروب بالوكالة.
والدليل على ذلك الاستجابة الدولية الكبيرة للقمة التى دعا إليها الرئيس عبد الفتاح السيسى، حول التطورات فى فلسطين، تمثل بمثابة تحول من مجرد "وسيط" إلى "راعي" للقضية، يمكنه المشاركة فى تحقيق اختراق كبير فى القضية، يتجاوز مجرد التهدئة، ويمتد إلى دور فعال فى الوصول إلى الحل النهائى، فى ضوء سوابق تاريخية مرتبطة بالقضية، أثبتت عجز "الرعاية" الأحادية، أو ربما تقاعسها، عن القيام بدور بارز فى تحقيق الشرعية الدولية، ناهيك عن معطيات الحاضر، فى ظل تراجع ثقة المجتمع الدولى فى القيادة الأمريكية، لعدم قدرتها على احتواء العديد من الأزمات الأخيرة، التى باتت تهدد أكبر حلفائها، على غرار الوضع فى أوكرانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة