سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 21 أكتوبر 1973.. السادات يستدعي السفير السوفيتي إلى قصر الطاهرة لإبلاغه طلبه بوقف إطلاق النار مع العدو

السبت، 21 أكتوبر 2023 03:01 م
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 21 أكتوبر 1973.. السادات يستدعي السفير السوفيتي إلى قصر الطاهرة لإبلاغه طلبه بوقف إطلاق النار مع العدو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة الواحدة و45 دقيقة من ليلة 21 أكتوبر، مثل هذا اليوم، حينما دق رنين جرس التليفون بمنزل السفير السوفيتي بالقاهرة "فلاديمير فينوجرادوف"، حسب تأكيده في ذكرياته" مصر من ناصر إلى حرب أكتوبر – من أرشيف سفير"، ترجمة: أنور محمد إبراهيم، وتتضمن هذه الذكريات فترة عمله في القاهرة.

يذكر "فينوجرادوف": "كان الرئيس السادات هو المتحدث، طلب مني علي الفور التوجه إليه في قصر الطاهرة، وعندما وصلت إلي القصر الغارق في الظلام، اصطحبني بعض الحراس إلى إحدى شرفات الطابق الأول، ولم تكن هناك إضاءة على الإطلاق بينما تساقط ضوء القمر علي الأجزاء التي لا تحجبها الأشجار، هناك وجدت "السادات جالسا وراء منضدة صغيرة بالقرب من السلالم المرمرية، وبجواره الوزير "عبدالفتاح عبدالله" ممسكا بدفتر، وجاهز لتسجيل المحادثات، كما كان أيضا بجواره مساعده لشئون الأمن القومي "حافظ إسماعيل" الذي كان يدخن بعصبية".

يتذكر "فينوجرادوف": "لم يكن السادات يهتم بالشكل، إذ جلس ببدلته العسكرية، وفتح جاكتتها، وكانت ملامح وجهه تنم عن هدوء تام وثقة، وبدأ حديثه معي بالإنجليزية قائلا: في منتصف هذه الليلة دعاني العسكريون إلي القيادة، وشرحوا لي الموقف وعلي الفور دعوتك إلي هذا اللقاء، توقف السادات للحظة ثم أكمل حديثه قائلا: أستطيع أن أحارب الاسرائيليين، وألحق الهزيمة بهم، لكن ليس بمقدوري أن ألحق الهزيمة بالولايات المتحدة الأمريكية".

يعلق "فينوجرادوف": "كما كان يحدث باستمرار عندما يتكلم السادات بالإنجليزية، بدأ الحديث ببعض الكلمات والتعبيرات السهلة والمفهومة، وبعدها بدأ يتحدث بشكل عاطفي، قال: هذه المرة لا يمكنني التغلب علي هذا التيار الجارف من الدبابات والطائرات التي تمد بها الولايات المتحدة إسرائيل عبر جسرها الجوي والبحري، فكم دمرنا منها، ومع ذلك فهي سيل لا ينقطع، ففي الأمس فقط دمرنا ما يزيد على 200 دبابة، لكن وفي الحال ظهر بدلا منهم وأكثر، إنني لا أستطيع إطلاقا مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية".

بعد لحظات من التوقف سحب فيها السادات أنفاسا من غليونه، دخل الرئيس إلي مطلبه، قائلا :"لهذا أرجوكم أن تبلغوا موسكو بأقصى سرعة طلبي بضرورة العمل علي وقف إطلاق النار فورا، فأنتم لديكم اتصالات بالولايات المتحدة الأمريكية، يعلق فينوجرادوف :"يا لها من نهاية مباغتة"، يضيف: "تحدثت قائلا :"هل طلبتم العمل بأقصى سرعة ممكنة لوقف إطلاق النار مع بقاء القوات المتحاربة في مواقعها الحالية؟، أومأ  السادات بالإيجاب، لكنني أردت أيضا أن أدقق المسألة، فتوجهت إليه بالسؤال التالي: لكن كيف يمكن معالجة مسألة القوات الإسرائيلية التي تسللت عبر الثغرة إلي غرب القناة، هل ستبقي في مواقعها هناك؟، أجاب السادات: رغم أنه يمكن اعتبارها متسللة إلا أنه لم يعد هناك خيار آخر.

خرج السفير السوفيتي، متوجها إلي سفارته لإبلاغ موسكو، وبعد ساعتين عاد لقصر الطاهرة لمزيد من الاستفسار عن موقف مصر النهائي، وبعض التفصيلات الأخرى، يذكر: "وجدت السادات في نوم عميق، وبعد إلحاح شديد مني استجابوا علي مضض لطلبي وأيقظوه، واستقبلني السادات هذه المرة في غرفة مجاورة لغرفة نومه، وجاء بالروب، ويبدو أنه تناوله علي عجل فوق بيجامة نومه، وكانت ملامحه متوردة وعيناه صافيتان لم تفارقه الابتسامة، كان شكله يوحي بأن الحرب انتهت بالنسبة له".

يؤكد "فينوجرادوف": "كانت مفاوضات الأمريكية السوفيتية شاقة، حاول الأمريكان إطالتها لإتاحة مزيد من الوقت أمام القوات الإسرائيلية للتوغل في أعماق الأراضي المصرية، لكي تصبح مصر في موقف أكثر ضعفا وتعقيدا".

في قصر الطاهرة مساء يوم "21 أكتوبر" كان الجو مشدودا علي آخره، بوصف محمد حسنين هيكل في كتابه "أكتوبر 73 السلاح والسياسة"، كاشفا، أن نص قرار وقف إطلاق النار وصل من موسكو وحمله حافظ إسماعيل في حقيبته، وفي جلسة ضمت السادات وهيكل والمهندس سيد مرعي وعبدالفتاح عبد الله وزير شئون رئاسة الجمهورية والدكتور اشرف مروان سكرتير الرئيس للمعلومات، أعطي السادات أوامر لإسماعيل بقراءة نص مشروع القرار، لكن هيكل سأل قبل القراءة :هل وافقت سوريا عليه؟، فرد السادات بسرعة قائلا :"لا أعرف  أظن أنهم سيوافقون"، يواصل هيكل: "مع أن الإلحاح لم يكن مطلوبا، فإن الموقف كان يفرض علي الجميع أن يتكلموا حتي وإن أحسوا أنهم تجاوزوا وهكذا عاد هيكل يسأل: "لكن هل يعرف السوريون بالموعد المقرر لوقف إطلاق النار؟، رد الرئيس وبدت الحدة تظهر في نبرات صوته :"يقول لهم الروس"، فواصل هيكل :"عفوا للإلحاح ولكن السوريين عندما فتحوا النار يوم 6 أكتوبر نسقوا معنا ولم ينسقوا مع السوفييت"، بدا الضيق علي الرئيس وتمتم قائلا :"هذه مسألة شكلية وليست بيت القصيد الآن، ويمكن أن نتصل بحافظ (يقصد حافظ الأسد).         

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة