المسؤولية الجنائية هى صلاحية الشخص إلى أن يتحمل تبعات سلوكه الذى قد يشكل جريمة، وأساس المسؤولية الجنائية لدى الفكر الجنائى الحديث حرية الإنسان فى الاختيار، فقد كان فى وسعه أن يكون خيرا، ولكنه تخلى عن الطريق السوى وسلك الطريق المعوج، فحق عليه العقاب، وبالتالى لا تنتفى المسؤولية عنه إلا إذا فقد الشخص قدرته على الإدراك والاختيار.
مثال ذلك - الجنون وعاهة العقل، ونص قانون العقوبات الصادر سنة 1937 على أنه لا عقاب على من يكون، فاقدا الشعور والاختيار لحظة ارتكاب الجريمة لجنون أو عاهة فى العقل، أما الاضطرابات النفسية أو بالأحرى المرض النفسى، فكان حتى وقت قريب لا يترتب عليه تخلف المسؤولية الجنائية، إذ كان الأطباء وعلماء النفسى، يرون أنه مجرد خلل فى شخصية الإنسان يجعله غير سوى، ولكن لا يفقده الإدراك والشعور تماما.
متى يكون الاضطراب النفسى سببا للإعفاء من المسئولية الجنائية أو ظرفا مخففا للعقوبة؟
فقد نصت المادة 62 فقرة 1 عقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسى، وهو نص مستحدث، على إضافة الاضطراب النفسى للمتهم إذا ما أفقده الإدراك أو الاختيار وقت ارتكاب الجريمة واعتبره سببًا للإعفاء من المسئولية الجنائية، حيث نصت المادة سالفة الذكر: "لا يسأل جنائيًا الشخص الذى يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذى يعانى من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيًا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو عن غير علم منه ويظل مسئولا جنائيا الشخص الذى يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة فى اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة".
ماذا لو اقتصر أثر الاضطراب على الانتقاص من إدراك المتهم فقط؟
إذا اقتصر أثره على الانتقاص من إدراك المتهم أو اختياره يظل المتهم مسئولًا عن ارتكاب الجريمة، وإن جاز اعتبار هذا الانتقاص ظرفًا مخففًا يصح للمحكمة الاعتداد به عند تقدير العقوبة التى توقع عليه، وقد استقرت محكمة النقض على أن تقدير حالة المتهم العقلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التى تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه لسلامة الحكم يتعين إذا ما تمسك به المتهم أن تجرى تحقيقًا فى شأنه بلوغًا كفاية الأمر فيه، ويجب عليها تعيين خبير للبت فى هذه الحالة إثباتًا أو نفيًا، أو أن تطرح هذا الدفاع إذ لا يصح طرحه بخلو الأوراق مما يفيد على وجه قاطع أن المتهم كان يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلي.
ماهى الإجراءات التى تتم لفحص المتهم المصاب؟
نصت المادة 338 نصت على أنه: "إذا دعا الأمر إلى فحص حالة الاضطراب العقلى للمتهم يجوز لقاضى التحقيق أو للقاضى الجزئى كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظورة أمامها الدعوى على حسب الأحوال أن يأمر بوضع المتهم إذا كان محبوسًا احتياطيًا تحت الملاحظة فى إحدى منشآت الصحة النفسية الحكومية المخصصة لذلك لمدة أو لمدد لا يزيد مجموعها على خمسة وأربعين يومًا بعد سماع أقوال النيابة العامة والمُدافع عن المتهم أن كان له مُدافع.
"فيما يجوز إذا لم يكن المتهم محبوسًا احتياطيًا أن يأمر بوضعه تحت الملاحظة فى أى مكان آخر، كما نصت المادة 339 على أنه إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب اضطراب عقلى طرأ بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إليه رشده، ويجوز فى هذه الحالة لقاضى التحقيق أو للقاضى الجزئى كطلب النيابة العامة أو المحكمة، المنظورة أمامها الدعوى إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتهما الحبس إصدار الأمر بحجز المتهم فى أحد المحال المعدّة للأمراض العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله".
ماذا لو حكمت المحكمة ببراءة المتهم المصاب؟
إذا صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو حكم ببراءة المتهم وكان ذلك بسبب اضطراب عقلى تأمر الجهة التى أصدرت الأمر أو الحكم، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس بحجز المتهم فى أحد المحال المعدة للأمراض النفسية إلى أن تأمر الجهة التى أصدرت الأمر أو الحكم بالإفراج عنه، وذلك بعد الاطلاع على تقرير مدير المحل وسماع أقوال النيابة العامة وإجراء ما تراه لازمًا للتثبت من أن المتهم قد عاد إلى رشده".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة