تنتهج الولايات المتحدة الأمريكية، الازدواجية وسياسة الكيل بمكيالين بشأن القضية الفلسطينية، فهي تساند وتدعم إسرائيل، رغم المجازر التي ترتكبها تل أبيب منذ يوم 7 من شهر أكتوبر الجاري، بحق الشعب الفلسطيني وحصار قطاع غزة.
وأدلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، بتصريحات تؤكد تعامل الولايات المتحدة الأمريكية، بهذه السياسة حيث أكد بايدن استعداد بلاده التام على تزويد سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بكل الإمكانيات العسكرية والمادية، والذخائر والصواريخ في حربها على قطاع غزة المحاصر من قبل الأخير منذ يوم 7 من شهر أكتوبر الجاري.
وقد أعلن الرئيس الأمريكي، أنه سيطلب من الكونجرس تمويلاً "عاجلاً" لمساعدة إسرائيل، فتصريحات الإدارة الأمريكية، تمنح إسرائيل الضوء الأخضر على مواصلة قصف قطاع غزة بكل الأسلحة المحرمة دوليًا، دون الالتزام بالقانون الدولي أو الاعتبارات الإنسانية.. الطلبات الأمريكية أيضا تدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
وتؤيد الخارجية الأمريكية نفس نهج الرئيس الأمريكي، ففي الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية أنطوني بلينكن إلى تل أبيب، قال في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "أنا ممتن لأن أكون هنا في إسرائيل.. اتحدث بشكل شخصي، وأتيت كيهودي، ونتوقع أن تكون هناك طلبات إضافية من إسرائيل ونسعى إلى أن يكون لديها كل ما تحتاجه وسوف نؤكد على الرسالة القوية التي أوصلها الرئيس بايدن إلى أي طرف يمكن أن يحاول استغلال الموقف، وهذه الرسالة هي لا تفعلوا ذلك".
الأمر لم يقف على الخارجية الأمريكية في التصريحات التحريضية على مواصلة الحرب ضد الشعب الفلسطيني، فوصل الأمر إلى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" التي أعلنت أن وزير الدفاع لويد أوستن، أكد في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، التزام واشنطن بتسريع وصول قدرات الدفاع الجوي والذخائر التي طلبتها إسرائيل.
وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية في بيان، أن أوستن أجرى الاتصال بغالانت لتجديد الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل، وقد أكدت القيادة المركزية الأمريكية، أن حاملة الطائرات "جيرالد فورد" وصلت إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، لردع أي طرف يسعى لتصعيد الوضع أو توسيع منطقة الصراع".
و نقلت وكالة أسوشيتد برس عن قادة في البنتاجون تأكيدهم، بإرسال مستشارين عسكريين أمريكيين إلى إسرائيل وذلك استباقا للعمليات البرية الواسعة التي تخطط إسرائيل للقيام بها في قطاع غزة، موضحة أن من بين المستشارين الأمريكيين الموفدين جنرال متخصص في قتال المدن والاشتباك في المناطق المبنية والحضرية وكذلك تم إيفاد مستشارون أمريكيون لمساعدة إسرائيل في تسريع رفع كفاءة منظوماتها للدفاع الجوي وذلك استباقا للعملية البرية الإسرائيلية.
وقالت أسوشيتد برس إن من بين القادة الامريكيين الموفدين كمستشارين للقيادة العسكرية الإسرائيلية الجنرال جيمس جلين الذي سبق له المساهمة في دعم قوة العملية القتالية الخاصة الأمريكية التي قاتلت "داعش" في منطقة الفلوجة العراقية المعروفة حيث دارت هناك معارك ضارية، مؤكدة أن مصادرها في البنتاجون رفضت الإفصاح بأية معلومات أكثر توسعا عن طبيعة عمل الجنرال جلين في إسرائيل، مكتفية بالقول "أنه يتمتع بخبرة طويلة في الاشتباك مع العناصر الإرهابية دونما إيقاع خسائر كبيرة في المدنيين في مسارح العمليات الحضرية وذلك بحكم خبرته العملياتية في الفلوجة إبان مواجهة داعش".
كما أرسل "البنتاجون" في نهاية الأسبوع الماضي شحنات من صواريخ الباتريوت وكتائب للدفاع الجوي للتصدي للهجمات الجوية المرتفعة وذلك بإشراف كامل من القيادة العسكرية الوسطى للجيش الأمريكي.
أما مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، قال إن بلاده ستوفر "الخبرات اللازمة في مسألة الرهائن"، وأضاف ، أن الرئيس جو بايدن وجه فريقه لاتخاذ إجراءات فورية لضمان حصول إسرائيل على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها.
وفي الوقت نفسه تعمل مصر على رفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وتصمت أمريكا تجاه ذلك، و انطلقت مظاهرات في ولايات أمريكية اعتراضًا على تضامن الولايات المتحدة مع إسرائيل في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتهجير غزة من أهلها، وأصحاب الأرض الأصليين.
وندد المتظاهرون بدعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل، رافعين شعارات تطالب بوقف دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، ووصفوا الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالكاذب والمضلل والمنتهك لحقوق الإنسان، وعدم احترام القانون الدولي، واستخدام حق الفيتو في غير محله.
واستخدمت الولايات المتحدة، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد قرار يدعو إلى هدنة إنسانية للصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، ودائما ما تحمي واشنطن حليفتها إسرائيل من أي إجراء ضدها في مجلس الأمن، وتعمل الإدارة الأمريكية على منع الضغط الدولي على تل أبيب أيضا.
وفي الوقت الذي يحذر خبراء أمميون من تعرض الفلسطينيين في قطاع غزة لـ"إبادة جماعية" والتهجير، تتجاهل الولايات المتحدة الأمريكية كل ذلك وضع اللاجئين، حيث أشار تقرير أممي أن مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومخيمين للاجئين مكتظين بالسكان، تعرضوا للقصف من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية وسط صمت واشنطن.
جاء ذلك في تقرير أعده فريق خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وصفوا فيه القصف الإسرائيلي للمدارس والمشافي في غزة بأنه جرائم ضد الإنسانية.
كما أن هناك محاولات أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية (خطة الاطار) المعروفة بخطة كيري والقائمة علي الفصل الجغرافي بين الضفة وقطاع غزة وهي خطة قائمة علي تبادل الأراضي مع اعتبار جدار الفصل العنصري هو حدود دولة فلسطين.
وتؤدي القيود التي تفرضها إسرائيل على الانتقال من وإلى قطاع غزة إلى الفصل بين أفراد العائلات، وهي تفرض على الأزواج الذين يسكن أحدهما في قطاع غزة والآخر (الأخرى) في الضفة الغربية أو إسرائيل، حياة خاضعة لسلسلة من القيود.
الازدواجية الأمريكية ظهرت واضحا عندما اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث تدعم واشنطن كييف بكل المساعدات المادية والعسكرية من طائرات مسيرة ومقاتلات حربية وصواريخ وأسلحة وعداد عسكرية، من أجل استعادة السيطرة على الأراضي التي تمكن موسكو من السيطرة عليها، لكن الأمر مختلف حين تطالب فلسطين بحقها في أراضيها والتصدي للاحتلال الإسرائيلي، فهنا في أوكرانيا تعتبرها مقاومة ضد روسيا، وفي فلسطين تعتبرها إرهاب ضد إسرائيل.