قلق ممتد يربط البيت الأبيض وتل أبيب، في الأسبوع الثالث من الحرب السابعة التي يشهدها قطاع غزة ، والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحي، مفاده مدي قدرة إسرائيل وجاهزيتها للإقدام علي الاجتياح البري للقطاع، وهي الخطوة التي بات يكتنفها الكثير من الغموض بعد تضارب الأنباء حول موعدها والشكوك حول قدرة جيش الاحتلال علي تنفيذها.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، تشعر الإدارة الامريكية بالقلق من افتقار إسرائيل لأهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة ومن أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا لشن غزو بري على القطاع بخطة يمكن أن تنجح، ما دفعها لتوقع أسوأ السيناريوهات، وعلى الرغم من عدم الإشارة لذلك بوضوح إلا أن التحركات في البيت الأبيض والبنتاجون تظهر مخاوف عدة.
وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، أكد وزير الدفاع الأمريكي الجنرال لويد أوستن خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت على الحاجة الى دراسة الكيفية التي قد تقوم بها القوات الإسرائيلية بـ الاجتياح البري لقطاع غزة حيث تحتفظ حماس بشبكات انفاق معقدة.
في الوقت نفسه، يصر مسئولي الإدارة الامريكية أن الولايات المتحدة لم تخبر إسرائيل بما يجب عليها فعله وما زالت تدعم الاجتياح البري لغزة بالرغم من أن البنتاجون أرسل جنرال من مشاة البحرية إلى جانب ضباط آخرين لمساعدة الإسرائيليين في خطط الاجتياح البري.
ونفى دبلوماسي إسرائيلي في واشنطن، حسب نيويورك تايمز، أن تكون الإدارة الأمريكية تنصح الإسرائيليين بتأجيل الغزو البري، وأوضح أن الولايات المتحدة "لا تضغط" على إسرائيل فيما يتعلق بالعملية البرية.
لكن المسؤولين قالوا إن الإدارة الامريكية، تشعر بالقلق من أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه حتى الآن مسار عسكري واضح لتحقيق هدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتمثل في القضاء على الفصائل.
وفي محادثات مع الدبلوماسيين الإسرائيليين، قال المسؤولون الأمريكيون إنهم لم يروا بعد خطة عمل قابلة للتحقيق، وهو ما المح اليه الرئيس جو بايدن خلال خطابه في تل ابيب الأسبوع الماضي عندما قال ان إسرائيل ستحتاج الى ان يكون لديها رؤية واضحة بشأن الأهداف وتقييم دقيق بشأن المسار المتبع لتحقيق تلك الأهداف.
وقال مسؤولون أمريكيون، إنه على إسرائيل أن تقرر، على سبيل المثال، ما إذا كانت ستحاول القضاء على الفصائل باستخدام ضربات جوية مقترنة بغارات مستهدفة من قبل قوات العمليات الخاصة، أو التوغل في غزة مع قوات العمليات الخاصة والدبابات والمشاة، وحذروا من إن كلا الأسلوبين سيؤديان إلى خسائر فادحة، لكن العملية البرية قد تكون أكثر دموية بالنسبة للقوات والمدنيين.
وتعتزم البنتاجون إرسال خبراء عسكريين وأنظمة دفاع جوي لإسرائيل تمهيدا للاجتياح البري، وقال مسؤول في البنتاجون اليوم، وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس من المرجح أن يشارك الخبراء الأمريكيون في الهجوم الإسرائيلي المتوقع على القطاع.
وقالت نيويورك تايمز أن أنظمة الدفاع الجوي - التي تعتزم الولايات المتحدة إرسالها لإسرائيل - تعتبر من أحدث أسلحة الدفاع الجوي، مشيرة إلى أن الجنرال جيمس جلاين الذي يعد أحد أبرز المتخصصين في تنفيذ العمليات الخاصة يشارك في فريق الخبراء الذي سوف ترسله واشنطن لإسرائيل.
ويقتصر دور الجنرال جيمس جلاين على توضيح كيفية تقليص الإصابات بين المدنيين اثناء الاجتياح البري المتوقع على القطاع.
وقال جون كيربي مستشار الامن القومي الأمريكي في البيت الابيض: "هناك عدد قليل من الضباط العسكريين ذوي الصلة من ذوي الخبرة .. من أنواع الخبرة التي نعتقد أنها مناسبة لأنواع العمليات التي تجريها إسرائيل وربما تجريها في المستقبل مرشحون للذهاب إلى هناك لمشاركة بعض وجهات النظر حول خبراتهم العسكرية وربما سيكون لديهم بعض إجابات عن عدد الأسئلة الصعبة".
في وقت سابق، أعلنت البنتاجون منذ عدة أيام انها سترسل منظومة الدفاع الجوي المتطورة "باتريوت" الى الشرق الأوسط بالإضافة الى إعادة نشر حاملة الطائرات ايزنهاور التي كانت في طريقها لترسو قريبا من إسرائيل.
وفي الكونجرس، دعا عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جاك ريد، والذي يرأس لجنة القوات المسلحة، إسرائيل إلى تأجيل غزو بري لغزة لكسب الوقت لإجراء مفاوضات بشأن الرهائن، والسماح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين وإعطاء القادة الإسرائيليين المزيد من الفرص لضبط تخطيطهم للعملية العسكرية.
وقال ريد من إنه كلما زادت المعلومات الاستخبارية التي تجمعها إسرائيل وتمكن قواتها من المشاركة في القتال في المناطق الحضرية، وإن عدم التسرع هو النهج الأفضل، وأضاف أنه ما يزال يدعم الغزو البري لتدمير حماس. لكنه حذر من أن القتال في المناطق الحضرية في غزة، سيكون "جهدًا طويل الأمد".
في نفس السياق، كشفت واشنطن بوست الأمريكية أن ما يقرب من 600 ألف من مواطني الولايات المتحدة الذين يعيشون في إسرائيل ولبنان يشكلون مصدر قلق للإدارة الامريكية وفقا لما قاله مسئولين في إدارة بايدن مشيرة الى ان عملية إجلاء هؤلاء تمثل أسوأ سيناريو على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقال مسئولون للصحيفة إن الإدارة تستعد لإمكانية أن يكون هناك مئات الآلاف من الأمريكيين بحاجة إلى اجلاء من الشرق الأوسط في حال لم يتم السيطرة على حرب غزة، ووصفت واشنطن بوست الامر بالـ "مرعب".
وذكر المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم، أن الأمريكيين الذين يعيشون في إسرائيل ولبنان يثيرون قلقا على نحو خاص، وذلك على الرغم من تأكيد المسؤولين أن عملية إجلاء بهذا الحجم تعد أسوأ السيناريوهات، في حين أن الاحتمالات الأخرى تبدو أكثر ترجيحا.
وقال أحد المسؤولين "إنه من غير المسؤول ألا تكون هناك خطة لكل شيء"، ووفقا لتقديرات وزارة الخارجية الأمريكية، يوجد 600 ألف مواطن أمريكي في إسرائيل ونحو 86 ألفا يعتقد أنهم كانوا موجودين في لبنان عندما هاجمت الفصائل إسرائيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة