حسابات انتخابية معقدة، وانحياز تاريخى لإسرائيل، قادت الرئيس الأمريكى جو بايدن للانحياز بشكل فج لإسرائيل فى عدوانها الممتد على قطاع غزة منذ أكثر من 3 أسابيع، برغم ارتفاع الكلفة البشرية لما يزيد على 5 آلاف شهيد، وآلاف المصابين، إلا أن هذا الانحياز الرسمى، قابله الشعب الأمريكى بموقف مغاير، ولم يكن محل قبول لدى عدد من المسئولين الحاليين والساسة الأمريكيين، ومن بينهم الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، حصلت إسرائيل على دعم غربى كبير على المستوى السياسى والعسكرى والاقتصادى والإعلامى وصل لقيام عدد من الشبكات الأمريكية بنشر أخبار كاذبة داعمة لتل ابيب، منذ شن الفصائل الفلسطينية هجومها المباغت على قوات الاحتلال الإسرائيلى قبل أكثر من أسبوعين، وعلى الرغم من الانحياز الواضح لإسرائيل إلا أن البعض داخل أمريكا خالف الاتجاه وأعلن ادانته ورفضه للهجوم الإسرائيلى الانتقامى الذى وصفوه بانه "عقاب جماعي" لأهالى قطاع غزة.
استقالة تكشف ازدواجية المعايير
وفى اعتراض على سياسات الإدارة، ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل قدم مدير مكتب الشئون العسكرية بوزارة الخارجية جوش بول استقالته، وقال أنه بعد أكثر من عقد من العمل على صفقات الأسلحة فإنه الأن لا يستطيع أن يدعم أخلاقيا التحركات الأمريكية لدعم المجهود الحربى الإسرائيلي.
وقال بول: "تلقيت قدر هائل من التواصل مع زملائى عقب الاستقالة.. مع كلمات دعم مشجعة والعديد من الأشخاص يقولون إنهم يشعرون بنفس الطريقة وأن الأمر صعب بالنسبة إليهم".
وفقا لصحيفة واشنطن بوست، كان بول مديرا للشئون العامة والكونجرس فى مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية، الذى يتعامل مع عمليات نقل الأسلحة، وأمضى أكثر من 11 عاما فى وظيفته التى ينسق من خلالها العلاقات مع الكونجرس، والرسائل العامة لمكتب للمساعدات العسكرية.
وقال بعض موظفى الخارجية الأمريكية، إنهم يشعرون كما لو أن وزير الخارجية أنتونى بلينكن وفريقه غير مهتمين بنصيحة خبرائهم بينما يركزون على دعم العملية الإسرائيلية المتوسعة فى غزة ضد المقاومة الفلسطينية هناك، وقال احد المسئولين بالخارجية الأمريكية: "هناك تمرد يختمر داخل الخارجية على عدة مستويات"
أوباما.. رفيق البيت الأبيض القديم يخرج عن الصف
وفى نبرة مغايرة لموقف أمريكا الرسمى، خرج الرئيس الأسبق باراك أوباما ليؤكد فى بيان له ضرورة التزام إسرائيل بالقانون الدولى، قائلًا أن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية يجب أن تتسق مع القانون الدولى، بما فى ذلك تلك القوانين التى تسعى إلى تجنب، إلى أقصى حد ممكن من الموت أو المعاناة السكان المدنيين".
وتبنى الرئيس الأمريكى الأسبق خطابًا أكثر اتزانا عن تلك التى اعتمدها بايدن الذى منح لإسرائيل "الحق المطلق فى الدفاع عن النفس"، شأنه فى ذلك شأن كافة مسئولى إدارته ووزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون.
وأكد أوباما الذى كان بايدن نائبه خلال توليه إدارة البلاد أن الالتزام بالقانون الدولى هو أمر حيوى لبناء وتشكيل الرأى العالمى، وشدد أن القيام بذلك مهمة صعبه مع الاخذ فى الاعتبار أن العمليات العسكرية غالبا ما تعرض المدنيين للخطر، وحذر فى بيانه من أن هناك أزمة إنسانية متنامية تجرى فى المنطقة، مشيرا إلى تحرك إسرائيل لقطع الإمدادات الحيوية عن غزة فى أعقاب الهجمات، والتى حذر من أنها قد تعرض الدعم لإسرائيل للخطر.
تابع الرئيس الأمريكى السابق: "إن قرار الحكومة الإسرائيلية بقطع الغذاء والماء والكهرباء عن السكان المدنيين الأسرى لا يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية فحسب، بل يهدد أيضًا بتفاقم الأزمة الإنسانية عالميا".
غضب شعبي
واعتلقت السلطات فى نيويورك أكثر من 100 متظاهر من بينهم عضو مجلس مدنية وعضو مجلس شيوخ الولاية فى مسيرة مؤيدة لفلسطين حيث كانوا يحملون أعلامًا تدعم فلسطين، وذلك بحسب ما نشرته صحيفة نيويورك بوست الأربعاء.
وتم القبض على سناتور ولاية بروكلين الجعبرى بريسبورت، 36 عاما، وعضو مجلس المدينة شاهانا حنيف، 32 عامًا، بعد أن وصلت المجموعة لحديقة براينت بزعم تعطيل حركة المرور فى "مسيرة وقف إطلاق النار الآن من أجل غزة".
وقالت شرطة نيويورك، إن إجمالى 139 شخصًا تم احتجازهم حوالى الساعة 9:15 مساءً فى احتجاجات خرجت الجمعة فقط.
وقالت المجموعة الناشطة التى يقودها الفلسطينيون، والتى نظمت هذا التجمع، إن الحاضرين تعرضوا "لهجوم وحشي" من قبل شرطة نيويورك، وشاركت مقطع فيديو على إنستجرام يظهر اللحظة التى تم فيها دفع العديد من المتظاهرين على الأرض فى سلسلة من ردود الفعل.
وقالت الشرطة، إنه تم اعتقال 16 متظاهرا وإصدار أوامر استدعاء للمحكمة الجنائية، فى حين تم احتجاز ثلاثة آخرين وإطلاق سراحهم بموجب مذكرات حضور مكتبية.
الاحتجاجات الشعبية داخل الولايات المتحدة ضد المجازر الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد، فقبل يومين سار آلاف اليهود الأمريكيين وحلفائهم فى الكابيتول هيل، وحملوا الأعلام الفلسطينية واحتشدوا لدعم الحقوق الفلسطينية، وتم تنظيم هذا الحدث من قبل الصوت اليهودى من أجل السلام وIfNotNow، وهما من أكبر المجموعات اليهودية الأمريكية التى تدعو إلى حل عادل وسلمى للصراع الإسرائيلى الفلسطيني.
ويواصل آلاف الأمريكيين اليهود الآخرين التجمع فى احتجاجات فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، مطالبين الرئيس جو بايدن وغيره من المسؤولين المنتخبين بكبح جماح إسرائيل - بحجة أن المزيد من الوفيات بين المدنيين ليس هو الحل لهجوم حماس المميت.
وفى سياق متصل، أرسل 411 موظفا فى مكاتب أعضاء بالكونجرس رسالة تحث المشرعين إلى الدعوة لوقف اطلاق النار فى غزة
أما جامعة هارفارد، فقد شهدت تظاهرة للطلاب لإدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى غزو وأكدوا رفضهم لتعامل الرئيس جو بايدن وإدارته مع الازمة ودعمهم لنتنياهو.
ورفع الطلاب الأعلام الفلسطينية ولافتات عليها عبارات "أوقفوا الإبادة الجماعية فى غزة"، كما استلقى بعضهم على العشب متظاهرين بالموت، فى إشارة إلى مئات الشهداء الذين ارتقوا بعد قصف الاحتلال مستشفى الأهلى المعمدانى فى غزة.
وكان اتحاد يضم 34 مجموعة طلابية فى هارفارد أصدر بيان حمّل فيه إسرائيل المسؤولية الكاملة عن جميع أعمال العنف المنتشرة، بعد عقود من الاحتلال، وأضاف البيان أن نظام الفصل العنصرى هو المتهم الأول فيما يحدث فى غزة الآن.