كان طه حسين من أشد المتحمسين لثورة يوليو 1952 منذ لحظتها الأولى، ودعم الضباط وحركتهم، وسبق الجميع فى تسميتها "ثورة" بعدما كانت "الحركة المباركة".
بعد 13 يومًا فقد من اندلاعها نشر مقالا قال فيه إن مصر أصبحت تملأ الدنيا وتشغل الناس وإنه "فخور ومعجب بأن مصر قد ضربت للعالم الحديث مثلا رائعا بثورتها التى جمعت بين الهدوء الذى يملؤه الوقار والجلال، وبين العنف الحازم النقى الذي يحطم الظلم ويرسل ملكا إلى منفاه دون أن يسفك قطرة دم".
وأكد أن كثيرا من الصحف الفرنسية لا تستطيع إخفاء إشفاقها من الثورة المصرية لأنها تخشى أن تكون الثورة المصرية مثلا لثورات فى بلاد أخرى حيث بدأ الفرنسيون يواجهون صعوبات حين نهضت تونس تقاوم، وكذلك المغرب، انطلاقا من ارتباط شرطى، فإذا زال النفوذ البريطانى من مصر كان زواله إيذانا بزوال النفوذ الفرنسى من شمال أفريقيا.
وقال إن الثورة المباركة التى ردت لمصر كرامتها وشرفها فى وقار وأناة، ونالت بذلك إعجاب العالم الخارجى، قد ردت للمصريين ثقتهم بوطنهم ومنحتهم التفاؤل بحياة أكثر كرامة. وذلك بحسب مجموعة المقالات التى اختارها الشاعر حسن طلب وجمعها فى كتاب "طه حسين.. ثورة حية وحياة ثائرة.. خلاصة المقالات 1910-1964".
مما ورد فى الكتاب، أن الثورة قادرة على أن تدفع المصريين إلى "نشاط قوى عنيف لا يستريحون منه إلا حين يضطرون إلى النوم ساعات فى كل يوم وأن يكون النشاط متنوعا.. يمس الموظف فى ديوانه والعالم فى مكتبه أو معمله والزارع فى حقله والعامل فى مصنعه". وفى فصل عنوانه "الناصريزم" يقول إن الغرب نحت مصطلح "ناصريزم" للاستهانة بما يحاول عبدالناصر تحقيقه، فأى إنجاز بغيض بالطبع إلى الغرب الأوروبى والأمريكى، ونفوس الغربيين وساستهم خاصة مصابة بداء فى هذه الأيام يأتيهم من رئيس الجمهورية المصرية، ففى قلوبهم مرض هو بُغض جمال عبد الناصر، وفى عقولهم مرض هو اتهام جمال عبد الناصر". ويرى أن اسم عبد الناصر أصبح علّة تنغص على ساسة الغرب حياتهم، إذ يتهمونه حين أيد الثورة الجزائرية بمحاولة تأسيس "الامبراطورية المصرية" وليس مناصرة شعب فى نيل استقلاله.
كتاب "طه حسين من الملكية إلى الجمهورية" للكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة السابق، يسلط الضوء على موقفه من ثورة يوليو وكيف انحاز لها وظل صامدًا رغم تعرضه لهجوم خصومه، كما يناقش فكره بين العهدين.
لحظة أن تحرك الضباط الأحرار كان العميد فى إيطاليا، ووقتها تحدث معه السفير المصرى تليفونيا بصفته ليخبره بما حدث، وأنّ مجموعة من الضباط تحركوا، وقال له السفير: "يبدو أن هناك انقلابا على الملك"، فرد طه حسين على السفير: "ليس انقلابا بل ثورة". وتروى زوجته سوزان فى كتابها "معك" أنّه وضع سماعة الهاتف وقال لها: "هناك ثورة على الملك فاروق فى مصر" وكاد يغمى عليه من الفرح، وبدأ يكتب على أنها ثورة، رغم أن الضباط الأحرار لم يطلقوا عليها كلمة الثورة.
ومن القرارات التى دعمها طه حسين بقوة، طرد الملك فاروق، وقانون الإصلاح الزراعى، وتأميم قناة السويس، وجلاء القوات الإنجليزية، لأن ذلك يجعل المصريين يحسون "بأن الأمر أمرنا، وبأنا نحكم أنفسنا، لا يحكمنا فرد مسلط ولا تتدخل فى حكمنا قوة أجنبية".