مع استمرار القصف الإسرائيلى لقطاع غزة، اتجهت الأنظار إلى واشنطن التى أعربت عن دعمها الراسخ للاحتلال الإسرائيلى، ورغم تخفيف لهجة الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالأزمة فى غزة فى ظل ارتفاع أعداد الشهداء من المدنيين جراء الغشم الإسرائيلى، اتفق عدد من المراقبين على أن الموقف الأمريكى يدفع العاصمة الأمريكية نحو العزلة الدبلوماسية لاسيما مع تنامى مشاعر الغضب فى العالمين العربى والإسلامى.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن الولايات المتحدة بدت معزولة بشدة بعد أن انضمت 12 دولة فقط إلى واشنطن وإسرائيل فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى معارضة اقتراح يدعو إلى هدنة إنسانية مستدامة تؤدى إلى وقف الأعمال العدائية.
وبعد ساعة واحدة من توسيع إسرائيل هجومها على غزة، تمت الموافقة على اقتراح الأردن فى نيويورك بأغلبية 120 صوتا مقابل 14، مع امتناع 45 دولة عن التصويت. وكانت النتيجة لافتة للنظر لإظهار الدعم المباشر المحدود للقوة العظمى الأعظم فى العالم، حتى أن فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة رفضت الانضمام إلى الولايات المتحدة فى التصويت ضد الاقتراح.
وانكشفت أيضًا الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبى، التى ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة، حيث صوت أعضاء الكتلة البالغ عددهم 27 عضوًا بثلاث طرق مختلفة، لكن الأغلبية امتنعت عن التصويت. ستة من الأصوات التى حصلت عليها الولايات المتحدة كانت من جزر المحيط الهادئ: فيجى، وتونجا، وجزر مارشال، وميكرونيزيا، وناورو، وبابوا غينيا الجديدة.
وفى الأيام التى سبقت التصويت، قام الأردن بتعديل قراره الأولى فى محاولة لتأمين أقصى قدر من الدعم من خلال إسقاط دعوته لوقف إطلاق النار لصالح هدنة إنسانية مستدامة، وأضاف أن إطلاق سراح "الأسرى" يجب أن يكون غير مشروط.
لكن كندا، بدعم من الولايات المتحدة، قالت أن هذه التعديلات لم تكن كافية، لأن الاقتراح الأردنى لم يذكر الفصائل بالاسم بل أدان ببساطة "جميع هجمات العنف ضد المواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين، بما فى ذلك جميع أعمال الإرهاب والهجمات العشوائية". ولم يصف التقرير أيضًا الرهائن الذين تحتجزهم الفصائل على هذا النحو، لكنه قال بدلًا من ذلك إنهم محتجزون بشكل غير قانونى كأسرى.
وعندما تم طرح التعديل الكندى الذى ينص على تسمية الفصائل ووصف الأسرى المحتجزين كرهائن للتصويت، فازت كندا والولايات المتحدة بالتصويت بأغلبية 88 صوتًا مقابل 55 صوتًا، مع امتناع 23 صوتًا. وقد أيدت جميع دول الاتحاد الأوروبى السبعة والعشرين والمملكة المتحدة هذا التعديل. لكن التصويت فى الجمعية العامة، على عكس مجلس الأمن الأصغر التابع للأمم المتحدة، يتطلب أغلبية الثلثين، مما يعنى سقوط التعديل الكندي.
وترك ذلك لمبعوثى الأمم المتحدة خيارين: إما دعم الدعوة الأردنية إلى هدنة إنسانية، دون الإشارة إلى الفصائل، أو الامتناع عن التصويت أو التصويت ضدها. وأيدت ثمانى دول فى الاتحاد الأوروبى بقيادة فرنسا القرار. ومن بين القوى الكبرى التى امتنعت عن التصويت أستراليا والهند والمملكة المتحدة.
واعتبرت الصحيفة أن التحالف الأمريكى الذى صوت ضد القرار لسبب واحد لا يمثل سوى 7% من مقاعد الجمعية العامة، وهو ما يحمل بعض التشابه مع العزلة الدبلوماسية التى شهدتها روسيا بشأن أوكرانيا فى العامين الماضيين.
ومن ناحية أخرى، وتحت عنوان "الولايات المتحدة تواجه أزمة علاقات عامة فى العالم العربى والإسلامي"، قال مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى أن إظهار إدارة الرئيس الأمريكى، جو بايدن الدعم الثابت لإسرائيل فى حربها مع الفصائل الفلسطينية أدى إلى إشعال سيل من المشاعر المعادية لأمريكا فى العديد من المجتمعات العربية والإسلامية.
وفى أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، اشتعلت مشاعر الغضب فى معظم أنحاء العالم ضد الولايات المتحدة وخاصة المجتمعات الإسلامية والعربية، ويرى الكثيرون فى الشرق الأوسط وجود علاقة سلسة بين تصرفات إسرائيل والولايات المتحدة.
وأوضح المجلس أن تصريحات إدارة جو بايدن بأن "الولايات المتحدة تحمى ظهر إسرائيل" وإعادة تأكيدها على "الالتزام الصارم" للولايات المتحدة بأمن إسرائيل قد ساهمت بشكل أكبر فى هذا التصور، على الرغم من حقيقة أن بايدن حاول التواصل بقوة مع مجتمعات تنتمى لمجموعة متنوعة من الأديان.
وبشكل عام، كان القادة والجماهير فى العالم العربى والإسلامى سريعين ومتحدين فى الدعوة إلى وقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة