على الرغم من أن التصريحات الآتية من واشنطن تؤكد بما لا يدع مجالا للشك الدعم المطلق وغير المقيد لإسرائيل فى حربها الحالية على قطاع غزة، إلا أن هناك حالة من القلق بين المسئولين الأمريكيين من خطط إسرائيل للتوغل البرى فى القطاع، ومساعى أمريكية لمنع عملية برية شاملة على القطاع لما يمكن أن تسببه من تداعيات هائلة عسكريا وسياسيا.
قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن قرار إسرائيل الواضح بوقف غزو واسع النطاق لقطاع غزة، والقيام بدلا من ذلك بإجراء المزيد من التوغلات البرية المحدودة، على الأقل فى البداية، يتوافق مع الاقتراحات التى قدمها وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن لنظرائه الإسرائيليين فى الفترة الأخيرة، بحسب ما أفاد مسئولون أمريكيون.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قد قال مساء السبت إن القوات الإسرائيلية دخلت قطاع غزة يوم الجمعة للبدء فى المرحلة الثانية من الحرب، وإن لم يصف هذه الخطوة بالغزو.
وقال مسئولون أمريكيون إنه حتى الآن، فإن التوغلات البرية الإسرائيلية فى غزة أصغر وأقل تركيزا عما تحدث عنه المسئولون العسكريون الإسرائيليون من قبل لأوستن ونظرائهم الأمريكيين.
وذكرت الصحيفة أن خطط الغزو الإسرائيلى الأولية كانت قد أثارت قلق المسئولين الأمريكيين الذين أعربوا عن قلقهم من افتقارها إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق، وأن الجيش الإسرائيلى لم يكن مستعدا بعد لشن غزو برى.
وفى محادثة هاتفية مع نظيره الإسرائيلى، شدد أوستن على الحاجة إلى اعتبار حذر للكيفية التى يمكن أن تجرى بها القوات الإسرائيلية غزو بريا للغزة، حيث تظل الفصائل الفلسطينية تحتفظ بشبكة من الأنفاق.
وقال أحد المسئولين، إن الإسرائيليين حسنوا خطتهم وأعادوا تحديدها بعد جهود مركزة من قبل أوستن ومسئولين آخرين. إلا أن إدارة بايدن أصرت أن الولايات المتحدة لم تخبر إسرائيل بما تفعله، وأنها لا تزال تدعم الغزو البرى.
نفس الأمر تقريبا تحدثت عنه صحيفة واشنطن بوست فى تقرير لها، الاثنين، حيث قالت أن إدارة بايدن تضغط على إسرائيل من أجل إعادة التفكير فى خطط شن هجوم برى فى قطاع غزة، ودعت إلى شن "عملية جراحية هجومية" باستخدام الطائرات وقوات العمليات الخاصة لتنفيذ غارات دقيقة وموجهة للأهداف والبنية التحتية ذات القيمة العالية للمقاومة.
قالت مصادر للصحيفة، إن مسئولى الإدارة أصبحوا قلقين بشأن التداعيات المحتملة لهجوم برى كامل، ويشككون فى أن ذلك سيحقق هدف إسرائيل المعلن المتمثل فى القضاء على حماس.
وأوضح أحد المسئولين، أنهم قلقون من أن ذلك قد يعرقل المفاوضات للإفراج عما يقرب من 200 أسير، خاصة أن الدبلوماسيين يعتقدون أنهم حققوا تقدما فى الأيام الأخيرة لتحرير عدد منهم، ومن المحتمل أن يكون من بينهم بعض الأمريكيين.
وتابع المسئولون أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن الغزو البرى قد يؤدى إلى سقوط العديد من الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين وكذلك الجنود الإسرائيليين، مما قد يؤدى إلى تصعيد كبير للأعمال العدائية فى المنطقة.
وبدلا من ذلك يعتقد المسئولون أن العمليات الموجهة ستكون أكثر ملاءمة لمفاوضات الرهائن، وأقل احتمالًا لعرقلة تسليم المساعدات الإنسانية، وأقل فتكا على المدنيين من الجانبين، وأقل احتمالًا لإثارة حرب أوسع فى المنطقة.
جاء هذا فى الوقت الذى قالت فيه نائبة الرئيس الأمريكى كامالا هاريس أن الولايات المتحدة لا تنوى على الإطلاق إرسال قوات إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وخلال مقابلة مع برنامج 60 دقيقة المذاع على قناة CBS الأمريكية، ردت هاريس على سؤال حول إمكانية جر القوات الأمريكية إلى حرب فى المنطقة، وقالت: ليس لدينا على الإطلاق أى نية أو أى خطط لإرسال قوات قتالية إلى إسرائيل أو غزة.
وكررت هاريس موقف إدارة بايدن بأن إسرائيل لديها "الحق فى الدفاع عن نفسها"، لكنها قالت أن الفلسطينيين يستحقون إجراءات متساوية من الأمن والأمان. كما تحدثت هاريس عن ضرورة التفريق بين الفصائل الفلسطينية والمدنيين الفلسطينيين.
وقالت هاريس، إن الفلسطينيين يستحقون إجراءات متساوية من الأمن والأمان وتقرير المصير والكرامة، وكنا واضحين للغاية بشأن ضرورة احترام قواعد الحرب وضرورة تدفق المساعدات الإنسانية.
وسبق أن حذر مدير CIA الأسبق ديفيد بترايوس ن الهجوم البرى الإسرائيلى المحتمل على قطاع غزة سيستمر سنوات وسيتضمن "قتالا مروعا".
وأكد باتريوس، أن إسرائيل أن توغلت بريا فى القطاع فستواجه وضعا أصعب من الذى واجهته القوات الأمريكية فى الصومال، وستقابل بهجمات "انتحارية" وعبوات ناسفة ومفخخات وكمائن.
واستشهد الجنرال، الذى كان أيضا القائد السابق للقوات الأمريكية فى العراق وأفغانستان، بحادثة إسقاط 3 مروحيات أمريكية من طراز بلاك هوك فى مقديشيو عام 1993 مما تسبب فى قتال دموى، بينما كانت القوات الأمريكية تكافح لإنقاذ الناجين جراء التحطم، ليؤكد أن الجيش الإسرائيلى سيواجه "واقعا مماثلا" إذا اشتبك على الأرض فى غزة.
وقال بتريوس، إن تجربته الشخصية فى إدارة الجيوش المنخرطة فى "حملات وحشية لمكافحة التمرد" يجب أن تكون بمثابة تحذير للجيش الإسرائيلى فى حالة المضى قدما فى التوغل البري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة