توقع مجلس التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة "أونكتاد" أن يتباطأ النمو الاقتصادى العالمى من 3% فى عام 2022 الى 2.4% فى عام 2023 مع وجود علامات قليلة على حدوث انتعاش فى العام المقبل .
وقالت المنظمة الدولية - فى تقرير جديد اصدرته اليوم الأربعاء في جنيف - إن هناك حاجة إلى اصلاحات مؤسسية للهيكل المالى العالمي وسياسات أكثر عملية لمعالجة التضخم وعدم المساواة والديون السيادية فضلا عن رقابة أقوى على الأسواق الرئيسية .
وتوقع التقرير تباطؤا للنمو في معظم المناطق مقارنة بالعام الماضي ولم يخالف هذا الاتجاه سوى عدد قليل من البلدان ودعا إلى تغيير في اتجاه السياسة بما في ذلك سياسات البنوك المركزية الرئيسية وأن تصحب ذلك الاصلاحات المؤسسية التي وعد بها خلال أزمة كورونا لتجنب فقدان عقد من الزمان وحثت ريبيكا جرينسبان الأمينة العامة للمنظمة ومن أجل حماية الاقتصاد العالمى من الأزمات النظامية المستقبلية على تجنب أخطاء سياسات الماضى واعتماد جدول أعمال اصلاح ايجابى وقالت ان هناك حاجة الى مزيج متوازن من السياسات المالية والنقدية وسياسات جانب العرض لتحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الاستثمار الانتاجى وخلق وظائف أفضل اضافة الى ضرورة أن تتعامل اللوائح التنظيمية مع التفاوتات العميقة فى نظام التجارة والمالية الدوليين .
وأكد التقرير على أن الاقتصاد العالمى يقف عند مفترق طرق حيث تلقي مسارات النمو المتباينة واتساع فجوة عدم المساواة وتزايد تركيز السوق وتزايد أعباء الديون بظلالها على مستقبله وقال ان التعافى على الصعيد العالمى بعد جائحة كورونا يتسم بالتباين ولفت الى انه فى حين أظهرت بعض الاقتصادات بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والصين والبرازيل والمكسيك والهند وروسيا مرونة فى عام 2023 الا ان اقتصادات أخرى تواجه تحديات هائلة ولفت التقرير الى انه فى سياق تباطؤ النمو وغياب تنسيق السياسات فان هذا التباين يثير مخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمى .
أشار التقرير الى أنه وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة فان اقتصاد الولايات المتحدة قد أربك المزيد من التوقعات السلبية حيث شهدت تباطؤا اقتصاديا محدودا حتى الان مع تراجع الضغوط التضخمية وذلك بفضل الانفاق الاستهلاكى القوى وتجنب التقشف المالى والتدخل النقدي النشط لوقف العدوى المالية فى بداية العام ومع ذلك يحذر التقرير من استمرار المخاوف الاستثمارية خاصة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة .
من ناحية أخرى قال تقرير الأونكتاد أن أوروبا على حافة الركود وتكافح مع التشديد السريع للسياسة النقدية والرياح الاقتصادية القوية المعاكسة مع تباطؤ الاقتصادات الكبرى وانكماش ألمانيا بالفعل ونوه الى ان ركود الأجور الحقيقية أو انخفاضها فى جميع أنحاء القارة بالاضافة الى التقشف المالى فان هذا يؤدى الى تراجع النمو .
بالنسبة للصين قال التقرير انها وعلى الرغم من اظهارها لعلامات تعافى مقارنة بالعام الماضى الا أنها تواجه ضعف الطلب الاستهلاكى المحلي والاستثمار الخاص وذكر التقرير ان الصين مع ذلك تتمتع بحيز أكبر فى مجال السياسة المالية مقارنة بالاقتصادات الكبيرة الأخرى لمعالجة هذه التحديات .
تقرير المنظمة الدولية قال ان التباين فى الاداء الاقتصادى يشكل تحديا كبيرا حيث تعانى البلدان النامية بشكل غير متناسب بما في ذلك اثار تشديد السياسة النقدية فى الاقتصادات المتقدمة كما وتهدد فجوة الثروة الاخذة الاتساع بتقويض التعافى الاقتصادي الهش وتطلعات الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وشدد تقرير الاونكتاد على أن اعباء الديون التى تمثل الثقل الصامت الذي تتحمله العديد من البلدان النامية تظل مصدر قلق كبير خاصة مع اجتماع أسعار الفائدةالمرتفعة وضعف العملات وتباطؤ نمو الصادرات لتضغط على الحيز المالى لتلبية الاحتياجات الأساسية الأمر الذى أدى الى تحويل أعباء خدمة الديون المتزايدة الى أزمة تنمية تتكشف فصولها .
وأوضح التقرير أن مايعرف بالاقتصادات الحدودية ذات الدخل المنخفض أو المتوسط الأدنى كانت هى الأكثر تضررا وقال انه وعلى مدار العقد الماضى تضاعفت الديون الخارجية العامة والديون المضمونة من القطاع العام في هذه الاقتصادات ثلاث مرات مما أدى الى اجهاد الموارد المالية العامة وتحويل الموارد بعيدا عن أهداف التنمية المستدامة المهمة ونوه تقرير الاونكتاد الى ان الصدمات المتفاقمة الناجمة عن الجائحة وتغير المناخ قد عززت هذا الاتجاه ونتيجة لذلك ارتفعت خدمة ديون هذه البلدان مما يقارب 6% إلى 16% من الايرادات الحكومية فى العقد الذى أعقب الأزمة المالية العالمية
ولفت التقرير الى ان ما يقارب ثلث الاقتصادات الحدودية تقف على حافة ضائقة ديون .
حثت الاونكتاد على اتخاذ تدابير عاجلة لمنع المزيد من البلدان من الوصول الى حافة الضائقة المالية والأسوأ من ذلك الانزلاق الى العجز عن السداد وقال التقرير ان ضمان الاستدامة المالية الطويلة الأجل أمر أساسى ولابد من توسيع دور البنوك المركزية الى ما هو أبعد من استهداف التضخم ليشمل تركيزا أوسع على الاستدامة الاقتصادية الطويلة الأجل وشدد على ان ارتفاع الديون يتطلب حلولا عاجلة متعددة الأطراف والية لاعادة هيكلة الديون السيادية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة