أكد الخبير الدولي بالاستدامة والمناخ ورئيس الكرسى العلمى للبصمة الكربونية والاستدامة بـ"الألكسو - جامعة الدول العربية" سفير ميثاق المناخ الأوروبى لدى مصر السفير مصطفى الشربينى، أن آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) تعد أداة الاتحاد الأوروبى التاريخية لمكافحة تسربه وواحدة من الركائز الأساسية لخطته الطموحة، وسوف تعادل سعر الكربون بين المنتجات المحلية والواردات.
وقال الخبير الدولى - فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الخميس، إن تلك الآلية من شأنها أن تضمن عدم تقويض سياسات المناخ التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي من خلال نقل الإنتاج إلى بلدان ذات معايير خضراء أقل طموحا، أو من خلال استبدال منتجات الاتحاد الأوروبي بواردات أكثر كثافة في الكربون، مشيرا إلى أن (CBAM) هو إجراء متوافق مع منظمة التجارة العالمية يشجع الصناعة العالمية على تبني تقنيات أكثر خضرة واستدامة.
وناشد السفير الشربيني، الاتحاد الأوروبي بالدخول في مفاوضات مع الشركاء من إفريقيا بشأن تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون لحين التفاوض مع الدول الإفريقية في مؤتمر المناخ القادم بالإمارات (COP28) ووضع جسور بينهما للتفاهم لأن هذه الآلية في الوقت الحالي ستقوض جهود التنمية في الدول الإفريقية وتقلل من عائدات الصادرات للسوق الأوروبية، مشيرا إلى أن المفوضية الأوروبية أعلنت على الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي دخول آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) حيز التنفيذ في مرحلتها الانتقالية يوم الأحد الماضي.
وأشار إلى أنه - في هذه المرحلة الانتقالية - لن ينطبق قانون (CBAM) إلا على واردات الأسمنت والحديد والصلب والألمونيوم والأسمدة والكهرباء والهيدروجين، وسيتعين على مستوردي هذه السلع في الاتحاد الأوروبي الإبلاغ عن حجم وارداتهم وانبعاثات الغازات الدفيئة المتضمنة أثناء إنتاجهم، ولكن دون دفع أي تسوية مالية في هذه المرحلة وفي حين يُطلب من المستوردين جمع البيانات للربع الرابع من عام 2023، فلن يتعين تقديم تقريرهم الأول إلا بحلول 31 يناير 2024، علاوة على ذلك تم دمج عدد من مواطن المرونة في هيكل (CBAM) للسنة الأولى من التطبيق، مثل استخدام القيم الافتراضية للإبلاغ عن الانبعاثات المدمجة وإمكانية استخدام قواعد الرصد والإبلاغ والتحقق الخاصة ببلد الإنتاج.
وأكد السفير أن المرحلة الانتقالية ستكون بمثابة فترة تعلم لجميع أصحاب المصلحة (المستوردين والمنتجين والسلطات) وسوف يسمح للمفوضية الأوروبية بجمع معلومات مفيدة عن الانبعاثات المدمجة من أجل تحسين المنهجية للفترة النهائية، التي تبدأ في عام 2026 واعتبارا من ذلك التاريخ، سيحتاج المستوردون إلى شراء وتسليم عدد "شهادات CBAM" المقابلة لـ الغازات الدفيئة المضمنة في سلع (CBAM) المستوردة.
ونوه الشربيني بأنه لمساعدة المستوردين في الاتحاد الأوروبي والمنشآت من خارج الاتحاد الأوروبي في التنفيذ العملي للقواعد الجديدة أصبح السجل الانتقالي الجديد لـ (CBAM) متاحًا من أول أكتوبر الجاري لمساعدة المستوردين في إجراء هذه الحسابات والإبلاغ عنها وتعمل المفوضية أيضًا على توفير إرشادات مكتوبة مفصلة بشكل تدريجي ومواد تدريبية عبر الإنترنت وندوات عبر الإنترنت، وقائمة مرجعية خطوة بخطوة لدعم الشركات مع بدء الآلية الانتقالية وسيتم الانتهاء من مراجعات أداء (CBAM) ونطاق المنتج خلال مرحلتها الانتقالية قبل بدء الفترة النهائية، بالإضافة إلى جدوى توسيع نطاق (CBAM) ليشمل السلع الأخرى المنتجة في قطاعات خدمات الاختبارات التربوية.
وأوضح أن عملية إزالة الكربون عن السلع التي تستهلك الطاقة بكثافة مثل الأسمنت والصلب ليست سهلة وليست منخفضة التكلفة، ولكن يمكن للاتحاد الأوروبي أن يمنع تأثيراتها السلبية على الاقتصادات النامية، ليس فقط من خلال فرض البلدان منخفضة الدخل لضرائب الكربون في أسواقها (والتي ستكون تحديًا نظرًا لقدرتها الإدارية المحدودة في هذا المجال)؛ ولكن أيضًا من خلال دعم تلك البلدان التي تحتاج إلى أكبر قدر من المساعدة لتقليل انبعاثاتها.
وتابع:"بدلاً من معالجة التسرب الكربوني فقط وترك البلدان النامية تتكيف قدر المستطاع، ينبغي على الاتحاد الأوروبي تخصيص جزء من عائدات آلية تعديل حدود الكربون المقترحة للمساعدة في تعزيز تحول أخضر عادل للبلدان الفقيرة، ويمكن تقديم هذا الدعم من خلال تخصيص الموارد والتكنولوجيا لتحسين كفاءة العمليات الصناعية وتمويل مشروعات الطاقة المتجددة، وإعفاء أفقر البلدان من آلية تعديل حدود الكربون عند الضرورة ويجب أن يخصص الاتحاد الأوروبي، أيضًا، جزءًا من عائدات آلية تعديل حدود الكربون لمساعدة البلدان النامية على اعتماد تقنيات أنظف".
وأكد الشربيني ضرورة بناء قدرات الشركات لحساب البصمة الكربونية وتخفيضها وفقا لتقارير المعايير الدولية (IFRS-S1 , IFRS-S2) والحصول على نظام للإبلاغ عن الانبعاثات اعتبارا من الشهر الجاري، وستتطلب المرحلة التجريبية لآلية تعديل حدود الكربون من المصدرين إخطار المستوردين بانبعاثات الكربون الخاصة بهم و سيتطلب ذلك من المنتجين الاستثمار في ضمان اعتماد بياناتهم الخاصة بانبعاثات الكربون من قبل استشاري مستقل وأن عملياتهم "ترقى إلى مستوى" تلك الشهادات.
وحول قيام المفوضية بعمل آلية لتعديل حدود الكربون، أكد السفير مصطفى الشربيني أن الاتحاد الأوروبي يقف في طليعة الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ، وتحدد الصفقة الخضراء الأوروبية طريقا واضحا نحو تحقيق هدف الاتحاد الأوروبي الطموح المتمثل في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 55% مقارنة بمستويات عام 1990 بحلول عام 2030، والتحول إلى قارة محايدة مناخيا بحلول عام 2050، وتعد حزمة يوليو 2021 لدعم أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتحقيق ذلك، وستعزز سمعة الاتحاد الأوروبي كقائد عالمي للمناخ وكجزء من هذه الجهود.
وأشار إلى أن آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) تعد بمثابة تدبير مناخي ينبغي أن يمنع خطر تسرب الكربون ويدعم طموح الاتحاد الأوروبي المتزايد بشأن التخفيف من آثار المناخ، مع ضمان التوافق مع منظمة التجارة العالمية.. لافتا إلى أنه من الممكن أن يؤدي مثل هذا التسرب للكربون إلى تحويل الانبعاثات إلى خارج أوروبا، وبالتالي تقويض جهود الاتحاد الأوروبي وجهود المناخ العالمية بشكل خطير وسوف تعمل آلية (CBAM) على معادلة سعر الكربون بين المنتجات المحلية والواردات وضمان عدم تقويض أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية من خلال نقل الإنتاج إلى بلدان ذات سياسات أقل طموحا.