لا تزال بلدان أمريكا اللاتينية تعانى من الأزمة الاقتصادية، وتحافظ على مستويات منخفضة من النمو الاقتصادى قد تصل إلى 1.7% هذا العام و1.5% فى عام 2024 بسبب انخفاض ديناميكية الإنتاج والتجارة العالمية، وفقا لتقرير صادر عن اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى.
ووفقا لهذه المنظمة، فإن الناتج المحلى الإجمالى فى بيرو، للعام الثانى على التوالى بعد الوباء، سوف ينمو أقل من المتوسط الإقليمى، بنسبة 1.3% فقط، ونما الاقتصاد المحلى بنسبة 2.7%، وأنهى 18 عامًا متتاليًا (باستثناء عام 2020) من النمو أعلى من بقية القارة، حسبما قالت صحيفة الاكونوميستا الإسبانية فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى.
ومن المتوقع أن تستمر معدلات التضخم فى الانخفاض قرب نهاية العام فى معظم البلدان، ولكن دون أن تكون ضمن الحد الذى تسمح به البنوك المركزية. والاستثناء من هذا الاتجاه هو الأرجنتين وفنزويلا، اللتان بلغت معدلات التضخم السنوية فى أغسطس 124%، وفى فنزويلا 398%، وهما من بين أعلى المعدلات الأربع على مستوى العالم.
وأشار وزير الاقتصاد السابق والمدير التنفيذى لمعهد فيدنزا، لويس ميجيل كاستيا، إلى أن إجمالى النمو المحلى لهذا العام أقل من 1% وبحلول عام 2024 سيرتفع إلى 3%، رغم تعرضه لمخاطر مثل شدة الأزمات التى تتعرض لها الدول فى أمريكا اللاتينية.
وقال التقرير أن ظاهرة النينيو المناخية التى تسببت فى الفيضانات والخسائر فى عدد من الدول، إضافة إلى الاضطرابات السياسية، ابرز أسباب انخفاض النمو الاقتصادى فى المنطقة.
ويضيف كاستيلا أن توقعات النمو فى المنطقة نمت بسبب الأداء الأفضل فى البرازيل والمكسيك، فى حين ستحتاج الأرجنتين إلى تعديل مالى قوى لخفض التضخم. "إن خفض التضخم فى الأرجنتين، التى سجلت أعلى مستوياتها مع فنزويلا، سوف يكون أمراً صعباً لأنه يعنى ضمناً تبنى تعديل مالى ومحاولة التفاوض مرة أخرى على شروط جديدة مع صندوق النقد الدولى.
وأشار إلى أن المدين الرئيسى لصندوق النقد الدولى هو الأرجنتين. وبغض النظر عن المرشح الذى سيفوز فى الانتخابات الرئاسية، فإن سياسة استقرار نموذجية أقوى بكثير قادمة والتى من المحتمل أن تؤدى إلى نمو أقل فى البلاد وانخفاض التضخم أو الحفاظ عليه إذا لم يتمكنوا من إجراء التعديل الذى يتعين عليهم القيام به.
وبالنسبة للبنك الدولى فقد رفع من تقديرات النمو الاقتصادى لأمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبى إلى 1.4% فى 2023 حتى مع بقاء النمو الاقتصادى فى المنطقة هو الأبطأ فى العالم، وأشار متحدث باسم البنك الدولى إلى نجاح المنطقة فى مكافحة التضخم من خلال التحرك مبكرا لتشديد أسعار الفائدة للتقديرات الأعلى.
وقال المتحدث إن "خفض أسعار الفائدة، كما بدأت البرازيل وتشيلى فى القيام بذلك، سيسمح لدول أمريكا اللاتينية بالنمو بشكل أسرع خلال بقية العام"، مشيرا إلى أن نسبة الدين إلى الناتج فى المنطقة انخفضت إلى 64% هذا العام من 67% قبل عام، لكنها تظل أعلى من 57% التى تم الوصول إليها فى عام 2019. ومع ارتفاع أسعار الفائدة فى الأسواق المتقدمة وتزايد التوقعات بأنها ستظل أعلى لبعض الوقت، تشير النسبة إلى تزايد تكلفة خدمة هذا الدين.
وتتجه بعض دول أمريكا اللاتينية للرقمنة من أجل التغلب على الازمة الاقتصادية ومكافحة التضخم، حيث اقترح مرشح الانتخابات الرئاسة الارجنتينية، سيرجيو ماسا، أول عملة رقمية قانونية فى الأرجنتين ويدعم من البنك المركزى، وذلك فى خضم عرض الأفكار الاقتصادية خلال أول مناظرة رئاسية استعدادا للانتخابات الأرجنتينية، حسبما قالت صحيفة انفوباى الأرجنتينية.
وقال سيرجيو ماسا، أن "الأرجنتين تواجه صعوبات هائلة، اليوم أريد أن أخبركم كيف سنحلها، وسنقوم بتمييز العملة الرقمية للأرجنتين فى المقام الأول لمواجهة تلك الصعوبات".
وقال وزير الاقتصاد الأرجنتينى السابق: "تمامًا كما يقترح أطفالك فى منصة الاقتصاد الخاصة بهم إمكانية التداول باستخدام هواتفهم المحمولة أو بطاقاتهم، فإننا سنفعل ذلك بطريقة عالمية فى الأرجنتين". إلا أنه لم يقدم المزيد من التفاصيل حول تنفيذ هذا الإجراء فى هذا الصدد.
كما أكد أن من يعتمد هذه العملة الجديدة سيحصل على تخفيض ضريبى، وسيكون "نفسه" الذى سيتاح للمستفيدين من قانون غسيل الأموال، والذى تم تقديمه بالفعل إلى الكونجرس لمعالجته.
وفى الوقت الحالى، يشجع البنوك المركزية فى العالم على تكثيف الجهود للانضمام إلى هذه "الثورة الرقمية" التى تنطوى على الانتقال من الأموال المادية إلى الأموال الافتراضية.
فنزويلا، من جانبها، تبرز بين البلدان منخفضة الثقة، ولهذا السبب، هناك أيضًا احتمالات جدية فى الدولة الكاريبية لاعتماد البيتكوين، حيث إنه منذ ما يقرب من عقد من الزمان، كانت الدولة الكاريبية تواجه أزمة غير مسبوقة، مما جعلها الدولة ذات أعلى معدل تضخم فى العالم لعدة سنوات.