يسعى الاتحاد الأوروبى إلى ضمان أمن الطاقة وإصلاح منظومتها بعد الأزمة غير المسبوقة التى واجهتها بلدانها قبل أكثر من عام خاصة مع حلول فصل الشتاء القارس فى البلاد الأوروبية، ولذلك فإن الدول الأوروبية تعمل على تعزيز الطاقة المتجددة، وفقا لما أعلنته الرئاسة الإسبانية الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبى والتى تستمر حتى نهاية العام الجارى.
وحث مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبى قدرى سيمسون "الجميع معا" على القيام "باستثمارات ضخمة" فى نشر الطاقات المتجددة وكذلك فى تحسين كفاءة استخدام الطاقة حتى عام 2030، وفقا لوكالة اوروبا بريس.
وصرح بذلك المفوضة خلال كلمتها أمام الجلسة العامة للقمة الدولية للمناخ والطاقة التى نظمتها الوكالة الدولية للطاقة ووزارة التحول البيئى والتحدى الديموغرافى فى إطار الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبى.
ويضع الاتحاد الأوروبى على الطاولة لائحة واضحة للمستقبل لتسهيل انتقال الطاقة من خلال إنشاء طموح تتوافق فيه أهداف اتفاق باريس للمناخ وسياسات المناخ للاتحاد.
على سبيل المثال، أشار سيمسون إلى أنه فى عام 2022 تم تطوير المزيد من الطاقات المتجددة أكثر من أى وقت مضى فى الدول الأعضاء السبع والعشرين فى الاتحاد الأوروبى مع تحسن بنسبة 8 % فى كفاءة استخدام الطاقة.
وبالإضافة إلى ذلك، قالت إنه سيتم تركيب 40 جيجاوات من الطاقة الشمسية الجديدة و19 جيجاوات من طاقة الرياح. وتوقعت المفوضة "نعلم أن هذا العام سيكون أكثر إثارة للإعجاب"، وشددت على أن أوروبا تشهد "ثورة حقيقية" فى مجال الطاقة المتجددة تمنح "الثقة" للاعتقاد بإمكانية تحقيق هدف الحد من درجات الحرارة العالمية. إلى 1.5 درجة مئوية.
وقال سيمسون، الذى يأمل فى اتخاذ خطوة أخرى فى مجال التكنولوجيات النظيفة الجديدة إذا تم الحفاظ على البحث والابتكار: "يتعين علينا أن نستثمر معا بكثافة فى نشر تكنولوجيات اليوم، وفى الوقت نفسه، تطوير تكنولوجيات الغد".
وعلى هذا المنوال، أشار إلى الاقتراح الذى قدمته فى أبريل الماضى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، فى المنتدى الاقتصادى للطاقة والمناخ، والذى أشار إلى الحاجة إلى "مضاعفة" قدرة الطاقة المتجددة فى العالم بمقدار 11 تيراواط بحلول عام 2030.
وبهذا، أكد على أن هدف 1.5 درجة مئوية يظل "فى متناول اليد" إذا تضاعفت معدلات التحسن فى كفاءة استخدام الطاقة.
وأشارت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى إلى أن قطاع الطاقة الشمسية فى أوروبا يحتاج إلى مئات الآلاف من العمال المهرة الإضافيين فى الأعوام المقبلة، بحسب تقرير صادر عن المنظمة الأوروبية الجامعة للطاقة الشمسية فى أوروبا "سولار باور يوروب" (SPE).
ووفقا للتقرير، فإن القطاع فى الاتحاد الأوروبى وفر 648 ألف وظيفة "معادلة بدوام كامل" حتى العام الماضى، وكان معظمها فى مجال التركيب والتجميع، وإذا استمر ازدهار الطاقة الشمسية، فيمكن فى "سيناريو متوسط" أن يتم توفير 1.2 مليون وظيفة بحلول عام 2027. ووفقا للتقرير، ستكون أكبر حاجة ماسة للعمالة الماهرة فى هذا القطاع فى ألمانيا.
وبحسب تقرير المنظمة للعام الماضى، حلت بولندا فى المرتبة الأولى بنحو 147 ألف وظيفة معادلة للدوام الكامل، تليها إسبانيا بنحو 103 آلاف وظيفة، ثم ألمانيا بنحو 96 ألف وظيفة.
ويتوقع معدو التقرير أن ألمانيا سيكون لديها أكثر من 210 آلاف فرصة عمل فى هذا القطاع معادلة للدوام الكامل بحلول عام 2027، أى ضعف العدد المسجل فى ألمانيا حاليا، وبالتالى قد تحل ألمانيا فى مركز الصدارة قبل إسبانيا وبولندا.
وبهدف تحقيق الحياد المناخى بحلول عام 2050، أطلقت المفوضية فى عام 2019 الصفقة الأوروبية الخضراء، وهى استراتيجية أدت فى عام 2021 إلى قانون المناخ الأوروبى والتسليم الأول لحزمة تدابير "Fit for 55" (الهدف 55) من أجل تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بنسبة 55% على الأقل بحلول عام 2030.
وجاءت الأزمة الأوكرانية التى بدأت فى فبراير 2022 بمثابة الصدمة التى استفاقت عليها أوروبا فقررت على إثرها إنهاء الاعتماد الكبير على الوقود الأحفورى وتسريع الانتقال للطاقة النظيفة وتوحيد القوى لإصلاح نظام الطاقة.
وأطلق الاتحاد الأوروبى خطة نجحت من خلالها فى تخفيض استهلاك الطاقة ووضعت حدا أقصى لأسعار الغاز وأسعار النفط العالمية وضاعفت استخدام الطاقات المتجددة، ووقعت اتفاقيات مع دول أخرى لواردات الغاز عبر خطوط الأنابيب.
ووفقا للتقارير الأوروبية الرسمية، أطلقت المفوضية، التى أنشأت سوقا جديدا فى عام واحد فى مايو الماضى، أول دعوة للشركات لشراء الغاز معا، بإجمالى طلب يبلغ 11.6 مليار متر مكعب، منها 2.8 مليار متر مكعب ستكون طبيعية مسالة.. ويتم تسليم الغاز (LNG) عن طريق السفن، فيما يتم ضخ 9.6 مليار متر مكعب عن طريق خطوط الأنابيب.