أظهرت اعتداءات للمستوطنين الإسرائيليين على فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة مؤخرا، صحة التحذيرات المتتالية من خطورة اتجاه الحكومة الإسرائيلية لتسليح المستوطنين وإعطائهم الضوء الأخضر في حرية استخدامها تحت بند "الدفاع عن النفس".
ومن بين تلك الاعتداءات حوادث قتل وتهجم كما حدث في نابلس والقدس، وتوزيع منشورات تتوعد السكان بالتهجير على غرار ما حدث في عام 1948، ما دفع للتنبؤ باندلاع انتفاضة في الضفة تزيد حدة التوترات في المنطقة المشتعلة.
ووفقا لصحيفة التليجراف البريطانية، هددت الولايات المتحدة بوقف تزويد إسرائيل بالبنادق بعد أن شوهد وزير الأمن القومى الإسرائيلى يسلمها للمدنيين.
وبحسب الصحيفة، فإن الدافع وراء الخلاف الدبلوماسى هو الصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي لإيتامار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلى وهو يعطى بنادق لفرق الأمن المجتمعى فى جميع أنحاء البلاد وتظهر الصور بن غفير وهو يوزع الأسلحة فى مناسبات سياسية فى بنى براك وإلعاد، وهما بلدتان بالقرب من تل أبيب.
وبعد عدة أيام من التبادلات الدبلوماسية، تعهدت إسرائيل بتوزيع الأسلحة فقط من خلال الشرطة أو الجيش، على الرغم من أن السياسيين يمكنهم الحضور عند تسليمها.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "وجه الرئيس جو بايدن فريقه للتأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها، بما يتوافق مع القانون الدولي".
ووفقا للتليجراف قامت إسرائيل بتشكيل المئات من فرق الأمن التطوعية وقامت بتسليحها فى ضوء الاضطرابات وتوقع بن غفير أن تشهد هذه الحرب تكرارًا للتوترات التى أعقبت حرب غزة الأخيرة عام 2021، وأمر بتخفيف اللوائح الخاصة بإصدار تراخيص السلاح للمواطنين العاديين.
وقالت الأونروا أن المستوطنين هاجموا يوم الخميس تجمعًا بالقرب من رام الله فى الضفة الغربية، مما أدى إلى إتلاف المنازل وسرقوا الأشياء، وهو الأحدث فى سلسلة من الحوادث المماثلة.
وقالت فى تقريرها الأخير يوم الجمعة أنه منذ بداية الحرب أدى ارتفاع مستويات عنف المستوطنين إلى التهجير القسرى لـ 82 أسرة تضم 607 أشخاص، من بينهم 211 طفلا.
من جانبه دعا جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى، فى مقابلة مع شبكة سى أن إن يوم الأحد، رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، إلى "كبح جماح" عنف المستوطنين اليهود المتطرفين ضد الأبرياء الفلسطينيين فى الضفة الغربية.
والأربعاء الماضي، طالب الرئيس الامريكي جو بايدن بأن يتوقف المستوطنون الإسرائيليون عن مهاجمة الفلسطينيين، قائلا إن هذه الهجمات بمثابة "صب البنزين" على النيران المشتعلة بالفعل، و"يجب أن يتوقف ذلك الآن".
مليشيات بن غفير
وسبق أن حذرت جهات إسرائيلية من أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ينشئ ميليشيا مسلحة تحت إمرته، من شأنها أن تفجر الوضع في إسرائيل والضفة الغربية معا.
والخميس أعلن بن غفير عبر حسابه على منصة اكس إنشاء ما أطلق عليه "فرق احتياطية"، وقال انها ستتواجد في المجالس الإقليمية والمدن من خلال الآلاف من المتطوعين الذين سيتم تجنيدهم وتزويدهم بالأسلحة، وأشار بن غفير في المنشور الى ان عدد الفرق بلغ 600 .
وشوهد الوزير الإسرائيلي وهو يوزع بنادق هجومية على مستوطنين، وقال على منصة اكس: "تم حتى الآن شراء نحو 4 آلاف قطعة سلاح من أصل نحو 20 ألف قطعة، سيتم شراؤها"، وأضاف انه تم بالفعل توزيع ما يقرب من 2000 قطعة على عشرات المستوطنات في المناطق الشمالية والساحلية واكد انه سيتم توزيع المزيد على المستوطنات.
وتتزامن تحركات وزير الأمن القومي مع ارتفاع مبيعات الأسلحة النارية للمدنيين في إسرائيل لمستويات غير مسبوقة، بسبب مخاوف من حدوث المزيد من الاضطرابات.
ووفقا للتقارير بريطانية، قتل فلسطيني يسمى بلال صالح (40 عاما) برصاصة في صدره أطلقها مستوطن، السبت، في بلدية الساوية بنابلس، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، بينما قال مستوطن آخر إن مطلق النار جندي خارج الخدمة.
ووفق تصريح رئيس بلدية الساوية محمود حسن لـ"فرانس برس"، فإن صالح قتل وهو يقطف الزيتون مع عائلته في أرضهم قرب السياج الأمني المحيط بمستوطنة راشليم
تهديدات بالتهجير
وكشفت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن منشور يعتقد أن مستوطنين وزعوه في الضفة، يهددون فيه أهلها بالترحيل القسري إلى الأردن، وجاء فيه ان المقاومة الفلسطينية وعلى راسها حماس ارتكبت خطأ تاريخي معلنه الحرب فيها على إسرائيل، في إشارة الى هجوم السابع من أكتوبر الذي فاجئ قوات الاحتلال.
ولا يحمل المنشور توقيع أي جهة، لكنه خاطب الفلسطينيين بـ"أهالي العدو في الضفة اليهودية"، وتابع: "أردتم نكبة مثيلة بـ1948، فوالله سننزل على رؤوسكم الطامة الكبرى قريبا"، مضيفا أن أمامهم فرصة للهروب خارج البلاد قبل أن يتم طردهم بالقوة.
ذكرت صحيفة هاآرتس أيضا اخبار عن تعرض سائق حافلة في القدس للاعتداء من مستوطن في المدينة، وحسب الشكوى التي تلقتها الشرطة، أمر المستوطن السائق أن يقول "حماس حقيرة"، فلما رفض اعتدى عليه وعدد من رفاقه بالضرب المبرح.
وحسب شركة الحافلات في المدينة، فإن نصف السائقين العرب في القدس يتغيبون عن العمل لأنهم يخشون تهديدات يهود مسلحين.
وحذر خبراء من خطورة خطوات بن غفير، في ظل حالة الشحن داخل إسرائيل وبين المستوطنين خاصة، مشيرين الى ان ما يفعله قد يؤدي الى "عسكرة المجتمع" ما سيزيد من المخالفات القانونية وانتشار الجريمة ضد الفلسطينيين وتحويل المستوطنين الى قتلة منفلتين.