لم يكن من الغريب رؤية المؤسسات الإعلامية الغربية تقوم بتنفيذ توجهات سياسية ثابتة لديها منذ عقود تجاه التعامل مع القضايا التى تخص إسرائيل، ولكن التعامل غير المبرر بإظهار المظلوم على أنه ظالم والمحتل على أنه صاحب الأرض نجد أن الأمر وصل إلى حد كبير من الاستغراب وعدم المصداقية وازدواجية المعايير.
تشهد المؤسسات الإعلامية الغربية حالة من الارتباك الشديد بسبب التناول الإعلامى غير العادل لأزمة غزة، والتي تناولتها معظم المؤسسات الغربية بحالة من عدم الحيادية ونصرة الظالم على المظلوم.
لم يستطع من له أقل قدر من الضمير والعقل فى تلك المؤسسات الاستمرار فى نشر أخبار وفيديوهات مزيفة تظهر كل ما هو باطل وتدحض كل ما هو حق، ليأتى صوت الحق من داخل تلك المؤسسات ويرتفع صوت الصحفيون فى تلك المؤسسات لإظهار الحقائق أمام العالم.
فى هذا الصدد كشفت، صحيفة واشنطن بوست أن أكثر من 750 صحفيا من عشرات وسائل الإعلام وقعوا خطابا مفتوحا، يدين قتل إسرائيل للصحفيين فى غزة وينتقد التغطية الإعلامية الغربية للحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطاب، الذى قال إن غرف الأخبار مسئولى عن اللغة غير الإنسانية التى تم استخدامها لتبرير التطهير العرقى للفلسطينيين، هو الأحدث فى سلسلة من البيانات الجماعية الحماسية التى ترتكز على رد الفعل من جانب الولايات المتحدة على حرب إسرائيل على غزة.
وفى حين انتقد كتاب وفنانون وعلماء وأكاديميون التغطية الإعلامية للصراع، فإن الخطاب الأخير الذى شمل موقعون من رويترز ولوس أنجلوس تايمز وبوسطن جلوب وواشنطن بوست، يتسم بكشف الانقسامات والإحباطات داخل غرف الأخبار.
وبالنسبة لبعض الصحفيين، فإن التوقيع على الخطاب هو خطوة جريئة أو محفوفة بالمخاطر، فقد تم طرد صحفيين من بعض غرف الأخبار بسبب تبنيهم مواقف سياسية عامة قد تعرضهم لاتهامات بالتحيز.
إلا أن منظمى الخطاب الأخير يجادلون بأنه دعوة إلى إعادة الالتزام بالنزاهة، وليس التخلى عنها.
وقال عبدالله فياض، عضو مجلس التحرير السابق بصحيفة بوسطن جلوب، والذى وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة بوليتزر عام 2022، والذى وقع الخطاب إنه يأمل أن يكون هذا الخطاب ردا على ثقافة الخوف حول هذه القضية. وأضاف: وأن يفكر أصحاب القرار والصحفيين ورؤساء التحرير مرتين فى اللغة التى يستخدمونها.
من جانبها، قالت سوهانا حسين، مراسلة صحيفة لوس أنجلوس تايمز التى وقعت الخطاب، إن الأمر يتعلق فقط بمطالبة الصحفيين بالقيام بعملهم، ومحاسبة السلطة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الخطاب يقول إنه ينبغى على الصحفيين أن يستخدموا كلمات مثل الفصل العنصرى والتطهير العرقى والإبادة الجماعية لوصف معاملة إسرائيل للفلسطينيين.
من ناحية أخرى، نقل موقع بوليتكو عن "مذكرة" اطلع عليها، أن موظفين فى وزارة الخارجية الأميركية وجهوا انتقادات لاذعة لتعامل إدارة بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحماس.
ووفقا للمذكرة قال الموظفون إن على الولايات المتحدة أن تكون على استعداد لانتقاد الإسرائيليين علنا، فيما اعتبره موقع "بوليتكو" فقدانا متزايدا للثقة بين الدبلوماسيين الأمريكين في نهج الرئيس جو بايدن تجاه أزمة الشرق الأوسط، مضيفة أن ذلك يعكس مشاعر العديد من الدبلوماسيين الأميركيين، خاصة في الرتب المتوسطة والدنيا، وفقا لمحادثات مع العديد من موظفي الوزارة بالإضافة إلى تقارير أخرى من بينها ما أورده موقع هفنغتون بوست.
وإذا اشتدت هذه الخلافات الداخلية، فقد يزيد ذلك من صعوبة صياغة السياسة تجاه المنطقة على إدارة بايدن.
ووفقا لبوليتكو فإن المذكرة تتضمن طلبين رئيسيين:
- أن تدعم الولايات المتحدة وقف إطلاق النار.
- أن توازن بين رسائلها الخاصة والعامة تجاه إسرائيل، بما في ذلك توجيه انتقادات للتكتيكات العسكرية الإسرائيلية ومعاملة الفلسطينيين، التي تفضل الولايات المتحدة عموما الاحتفاظ بها سرا.
وتنص الوثيقة على أن الفجوة بين الرسائل الخاصة والعامة الأمريكية "تساهم في التصورات العامة الإقليمية بأن الولايات المتحدة جهة فاعلة متحيزة وغير نزيهة، وفي أفضل الأحوال لا تعمل على تعزيز المصالح الأمريكية فى جميع أنحاء العالم، وفى أسوأ الأحوال تضر بها".
وجاء في الرسالة أيضا: "يجب أن ننتقد علنا انتهاكات إسرائيل للمعايير الدولية مثل الفشل فى حصر العمليات الهجومية على الأهداف العسكرية المشروعة".
وأضافت أنه "عندما تدعم إسرائيل عنف المستوطنين والاستيلاء غير القانوني على الأراضي أو تستخدم القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، يجب علينا أن نعلن علنا أن هذا يتعارض مع قيمنا الأمريكية حتى لا تتصرف إسرائيل دون عقاب".
وقد تم تصنيف المذكرة على أنها "حساسة ولكنها غير سرية". ويذكر موقع بوليتكو أنه ليس من الواضح عدد الأشخاص الذين وقعوا عليها أو ما إذا كانت الوثيقة قد تم تعديلها بخلاف النسخة التي حصلت عليها الموقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة