شكلت "قمة القاهرة للسلام 2023"، نبراساً أضاء للقمة العربية الإسلامية المنعقدة اليوم بالرياض خطواتها لحقن الدماء الفلسطينية، وتأكيدا على ما جاءت به القمة التى احتضنتها مصر أكتوبر الماضى، حيث نجحت مصر من خلالها فى توحيد المواقف العربية واجبار الغرب على تعديل مواقفه من العدوان الإسرائيلى.
نجحت مصر من خلال القمة فى اتخاذ موقف دولى قائل برفض استخدام الضغط الإنسانى، للإجبار على التهجير، حيث أكدت مصر من خلال كلمة الرئيس السيسى بالقمة، على الرفض التام، للتهجير القسرى للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضى المصرية فى سيناء، وتنظر الدولة المصرية للتهجير باعتباره "تصفية نهائية للقضية الفلسطينية" وإنهاءً لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وإهدارًا لكفاح الشعب الفلسطينى، والشعوب العربية والإسلامية، وشدد على أن هذا الشعب الأبى الصامد يرفض مغادرة أرضه حتى لو كانت هذه الأرض، تحت الاحتلال، أو القصف.
وفى الوقت ذاته، شكلت فرصة لاستعراض الأزمة الإنسانية التى توصف بالكارثية، والتى يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطينى، فى قطاع غزة، كما ألقت القمة الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، من استهداف وقتل وترويع كل المدنيين المسالمين،
حيث تفرض إسرائيل عليهم عقاب جماعى، وحصار وتجويع، وضغوط عنيفة للتهجير القسرى، فى ممارسات نبذها العالم المتحضر الذى ابرم الاتفاقيات، وأَسَسَّ القانون الدولى، والقانون الدولى الإنسانى، لتجريمها، ومنع تكرارها، مما دفع القادة للتأكيد على توفير الحماية الدولية، للشعب الفلسطينى والمدنيين الأبرياء.
وفى وقت رفعت فيه إسرائيل من وتيرة بناء المستوطنات وتدنيس المقدسات، جاءت القمة أيضا لترفض الاجراءات الأحادية من جانب الاحتلال، ومن بينها الاستيطان وتدنيس المقدسات، بل وخلع الفلسطينيين من بيوتهم وقُراهم، ومن القدس الشريف.
وبما أن القمة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، فإنها نادت بحل القضية، على أساس "العدل" من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، فى تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، فى دولة مستقلة على أرضهم مثلهم، مثل باقى شعوب الأرض.
كما وضعت خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
وبخلاف التهجير انتزعت مصر من الولايات المتحدة الاعتراف بمبدأ حل الدولتين، وجاء على لسان القائمة بأعمال السفير فى السفارة الأمريكية فى القاهرة بيث جونز خلال قمة القاهرة للسلام 2023التى عقدت فى القاهرة، "تظل الولايات المتحدة ملتزمة بتطلعات الشعب الفلسطينى إلى حل الدولتين وملتزمة بحق الشعب الفلسطينى فى العيش بكرامة وتقرير مصيره، ولا نزال أكبر مساهم فى العالم فى تقديم المساعدات له".
إضافة إلى ذلك تمكنت مصر من انتزاع مواقف دولية ومنظمات أممية ودولية كالأمم المتحدة والمجلس الأوروبى برفض تصفية القضية الفلسطينية، حيث تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة اعتماد مشروع قرار أردنى - يعتبر غير ملزم - يدعو إلى وقف الأعمال العدائية وإقامة هدنة إنسانية فورية فى قطاع غزة.
كما نجحت الدبلوماسية المصرية فى إعادة فتح المعبر من الجانب الفلسطينى، وإدخال عددا من شاحنات المساعدات إلى غزة ونقل مصابين من الحالات الحرجة بينهم أطفال ثم السماح للرعايا الاجانب ومزدوجى الجنسية من العبور.