أصدرت محكمة جنايات بورسعيد برئاسة المستشار جودت ميخائيل قديس، حكمًا مختلفًا في الجناية رقم 8844 لسنة 2022 جنايات الزهور، ونظراً لظروف وملابسات الواقعة فالمحكمة تأخذ المحكوم عليه بقسط من الرأفة في حدود ما نصت عليه المادة 17 عقوبات، وحيث إن ظروف الجريمة وملابساتها وحال مرتكبها يرشح بأن المحكوم عليه لن يعود إلى مخالفة القانون مستقبلاً فإن المحكمة تقضي بوقف تنفيذ عقوبة الحبس – فقط - المقضي بها عليه عملا بنص المادتين 55/1 ، 56/1 من قانون العقوبات.
وجاء ذلك بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة، وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطْمَأَنَّ إليها وجدانها مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بجلسة المحاكمة تخلص في أنه أثناء قيام ضابط مرور بورسعيد بحملة مرورية استوقف السيارة رقم ر ط ل 1798 نقل الشرقية لقيادة المتهم تظهر عليه علامات عدم الاتزان واحمرار العينين والتلعثم أثناء الكلام، فطلب منه إجراء تحليل عينة بول بمعرفة اللجنة الطبية المشكلة من مديرية الصحة فوافق طواعية فلم يتمكن من إعطاء عينة البول فتم عرضه على النيابة العامة التي أمرت بعرضه على مستشفى السلام لفحصه عينته وبإجراء تحليل العينة تبين إيجابيتها لمادتي الحشيش المخدر.
واستقامت الأدلة أمام المحكمة على صحة الواقعة وثبوتها في حق المتهم بشهادة الضباط، وما ثبت من تقرير مستشفى السلام ببورسعيد، إذ شهد ضابط مرور بورسعيد - أنه أثناء قيامه بحملة مرورية وباستيقافه السيارة قيادة المتهم لكونه يقودها بطريقة مريبة فطلب منه إجراء تحليل عينة بول بمعرفة مديرية الشئون الصحية ببورسعيد فوافق لكنه لم يتمكن.
وإذ شهد أخصائي تحاليل بتحقيقات النيابة العامة بمضمون ما شهد به سابقه، وثبت بتقرير مستشفى السلام ببورسعيد إيجابية العينة لمادة الحشيش المخدر، وحيث إن المتهم سئل بالتحقيقات فأنكر ما نسب إليه وقرر بإجراء التحليل بإرادته أمام اللجنة.
وبجلسة المحاكمة اعتصم المتهم بالإنكار والنيابة طلبت تطبيق مواد الاتهام والدفاع الحاضر مع المتهم طلب البراءة تأسيسا على بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وانفراد الضابط بالشهادة وحجب أفراد القوة المرافقة وبطلان الاستيقاف لانتفاء مبرراته، وبطلان أخذ العينة وبطلان محضر الضبط لكونه نموذج مطبوع.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاستيقاف لانتفاء حالة من حالات التلبس فذلك الدفع مردود بأن الاستيقاف هو إجراء استدلال بمقتضاه يحق لرجال السلطة العامة أن يوقف الشخص ليتحرى أمره وبشرط أن يكون الاستيقاف له مسوغ، ولما كان ضابط الواقعة وهو ضابط بإدارة المرور وله أن يقوم باستيقافه السيارات للسؤال عن التراخيص والأوراق الخاصة بالسيارة الأمر الذى يحق لضابط الواقعة استيقاف قائدها، وقد تبين قيادته بدون رخصة قيادة وقد ظهرت عليه علامات الريبة من عدم الاتزان واحمرار العينين والتلعثم أثناء الكلام فضلا عن موافقة المتهم طواعيةً واختياراً وبإرادته لإجراء التحليل، ومن ثم يضحي القبض صحيحاً لما كان ذلك ، وكانت المادة 66 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 والمستبدلة بالقانون رقم 59 لسنة 2014.
وقد نصت على أن تحظر قيادة أية مركبة على من كان واقعاً تحت تأثير خمر أو مخدر، ولمأموري الضبط القضائي عند التلبس بمخالفة الفقرة الأولى من هذه المادة في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أن يأمر بفحص حالة قائد المركبة بالوسائل الفنية التي يحددها وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الصحة، وذلك دون الإخلال باتخاذ ما يراه من إجراءات وفقاً للقانون، وكانت المادة 30 إجراءات جنائية قد نصت على أنه تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة. وتعتبر الجريمة متلبساً بها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك"، ويكون الدفع قد جاء على غير ذي سند من الواقع والقانون متعينا رفضه.
وحيث إنه عن بطلان أخذ العينة فذلك الدفع مردود بأن المتهم قد خضع طواعية واختياراً لذلك التحليل ولم يعترض عليه ، وأن العينة قد أُخذت بمعرفة المختص بشأن إجراء التحاليل الطبية بمستشفى السلام بعد ظهور ثمة دلائل قوية على أن المتهم كان متعاطياً لمخدر. وقد جاء التقرير مؤيدا لأقوال الشهود، مما تلتفت معه المحكمة عن ذلك الدفع.
كما إن المحكمة اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى وصدق ما شهد به شهود الإثبات فإنها تلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه دفاع أخرى لا تلقى سندا في الأوراق وقوامها إثارة الشك في تلك الأقوال، ولا تنفي حدوث الواقعة، ولا يسع المحكمة سوى إطراحها وعدم التعويل عليها ، وحيث وانه لما تقدم يكون قد ثبت يقينا للمحكمة أن المتهم، في يوم 11 / 12 / 2022 بدائرة قسم شرطة الزهور محافظة بورسعيد، أحرز بقصد التعاطي جوهرا مخدرا (الحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، قاد سيارة آلية (ر ط ل 1798 نقل الشرقية) وهو تحت تأثير المخدر، الأمر الذى يتعين معه معاقبته عملا بنص المادة 304/2 إجراءات جنائية والمواد 1 , 2 , 37/1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997. والمواد 1, 3 ,4 , 66/1 , 76/1 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل.
وحيث إن الجرائم قد انتظمهم نشاط إجرامي واحد بفكر وغرض واحد وقد ارتبطت ببعضهم ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما يتعين القضاء بعقوبة الجريمة الأشد عملا بنص المادة 32/1 من قانون العقوبات، ونظراً لظروف وملابسات الواقعة فالمحكمة تأخذ المحكوم عليه بقسط من الرأفة في حدود ما نصت عليه المادة 17 عقوبات، وحيث إن ظروف الجريمة وملابساتها وحال مرتكبها يرشح بأن المحكوم عليه لن يعود إلى مخالفة القانون مستقبلاً فإن المحكمة تقضي بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط المقضي بها عليه عملا بنص المادتين 55/1 ، 56/1 من قانون العقوبات، وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فالمحكمة تلزم بها المحكوم عليه عملا بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
وتضمنت أوراق سبب صدور الحكم رسالة من القاضي المستشار جودت ميخائيل قديس نصها كـ الأتي: والمحكة تنوه أنه لما كان ذلك وكان المشرع قد تحرز حال سنه للتعديلات القانونية لقانون المرور، مما قد يشوب مسألة الحصول علي العينة من الشخص الطبيعي من عيب أو خطأ لما في ذلك من مساس بحريته المصونة بالدستور والقانون ، وقد اناط المشرع بالوزراء المختصين وزير الصحة ووزير الداخلية باتخاذ من القرارات ما يُحقق تلك الضمانة على نحو تُحاط فيها الحريات بسياج من الشرعية القانونية التي تصونها من العبث وتبعث الطمأنينة لدى القاضي والمتقاضي في صحة وسلامة الاجراءات، وهو ما كان يستوجب إصدار عدد من تلك القرارات بموجب ذلك التفويض التشريعي وهى القرارات المتعلقة بحالات فحص قائد المركبة ، وتنظيم الوسائل الفنية التي يتم اللجوء إليها لفحص حالته في الطرق العامة وكذا شخص القائم بالفحص واختصاصه الوظيفي والمكاني ولزوم صفة الضبطية القضائية له من عدمه و المستشفيات الحكومية أو الجهات التي يمكن اللجوء إليها لتأكيد النتيجة أو نفيها و إجراءات التحفظ على العينات ومدة التحفظ في الحالتين وكذا بيان النسب المتعارف عليها لثبوت إيجابية العينة في حالتي الدم أو البول و وسائل التعرف على شخصية قائد المركبة طوال الإجراءات وأخيرا التعرض لفرض امتناع القائد عن إعطاء العينة بإرادته أو لعدم توافر السوائل الحيوية، وهو ما تهيب معه المحكمة حال اصدارها حكمها بالواقعة الماثلة بأن تُتخذ تلك القرارات الفعالة في صحة وسلامة الدليل المُقدم في الدعوى لما له من بالغ الأثر وعظيم التأثير في مبلغ اطمئنان وعقيدة المحكمة في سلامة إجراءات أخذ العينة من المُتهم الماثل أمامها من دون غيره.