لم تُسى أصداؤها حتى الآن.. إنها مأساة زلزال "الحوز" الذى باغت المغرب فى سبتمبر الماضى، ولا تزال تداعيات الكارث مستمرة، خاصة على الصعيد النفسى للأطفال بالأقاليم الخمسة المتضررة من الزلزال.
العلاج النفسى للأطفال
وفى إطار محاولات تقديم الدعم النفسى للأطفال فى تلك المناطق المتضررة ، يقوم مجموعة من الإخصائيين النفسيين المتطوعين فى المغرب بالتنسيق مع الحكومة المغربية بزيارات ميدانية للأطفال للتوصل لصورة دقيقة عن "الخريطة النفسية" لهؤلاء الأطفال، الذين عايشوا لحظة الزلزال، فيما أكد هؤلاء الأطباء أن هؤلاء الأطفال أضحوا يعيشون "رعبا يوميا حقيقيا" حتى الآن، مؤكدين أن موضوع "الصحة النفسية" يستدعي معالجة شاملة ومتأنية وعلى فترات طويلة من أجل ضمان تأقلم الأطفال مع حياتهم ( حياة ما بعد الزلزال)، والانخراط فيها بعيدا عن ذاكرة الموت والخراب.
ضحايا زلزال الحوز بالمغرب
من بين هؤلاء الأخصائيين الدكتورة كنزة الناجي، التى قالت إن مجموعة من الأخصائيين يعتزمون الاتجاه إلى المناطق المتضررة من الزلزال بالمغرب، لأن أنماط التدخل العلاجى لهؤلاء الأطفال تختلف بين( الآني والفوري)، أي فور وقوع الزلزال، و"ما بعد الآني)، بمعنى عقب أربعة أيام وأكثر؛ لكن هناك أيضا فترة (ما بعد الكارثة)، أي بعد أزيد من شهر على الفاجعة، موضحة أن اختلاف الأنماط يعني اختلاف أشكال التدخل العلاجى، حسب كل حالة على حدة.
وأضافت الناجي، وفق "هسبريس": أن المواكبة التي نعتبرها أساسية الآن هي تلك الممتدة على المستوى البعيد والطويل، أي أن نضمن خلاء البنية النفسية للتلاميذ من شوائب الزلزال بشكل تام، مؤكدة أن درجة الاستمرار ميدانيا تتعلق بالتمويل، وأيضا بمدى توفر الموارد البشرية المساهمة في العملية، وأضافت : "حاليا نركز على دراسة أوضاع الأطفال النفسية على مدى سنة كاملة، ولاحقا يمكن مناقشة الاستمرار مع الشركاء، لكن هذا المشروع الخاص بالتنمية النفسية مهم للغاية".
وأشارت الأخصائية النفسية إلى أنها أجرت زيارة ميدانية في الأيام القليلة الماضية إلى بعض المناطق المتضررة، “واتضح أن دراسة أوضاع هؤلاء تحتاج عدة زيارات، لكي يستطيع التلاميذ بالتحديد استئناف مسارهم الدراسي بلا أي مشاكل، خصوصا الذين تظهر عليهم أعراض الصدمة والقلق وغيرها من الحالات التي فرضتها قوة الفاجعة، مسجلة أنه "سيتم تكوين فريق من الأساتذة و الأخصائيين النفسيين لضمان نتائج جيدة.
أضاف الدكتور مصطفى أوسرار، أستاذ متخصص في علم النفس بكلية علوم التربية، وأحد المشاركين فى القافلة التضامنية للدعم النفسي لضحايا زلزال الحوز" ، أن استئناف رهانات الدعم النفسي بالمناطق المتضررة مازال مطروحا وتجرى مناقشته، وهناك أنشطة خُصصت للأطفال المتضررين شملت جلسات إنصات وجلسات للتربية الفنية، إذ يضم الفريق التطوعى أساتذة للتربية الفنية والجمالية وأخصائيون في مجال علم النفس التربوي وأخصائيون في مجال علم النفس المرضي الإكلينيكي".
إعادة البناء
وعلى صعيد إعادة التأهيل والبناء للمناطق والمؤسسات المتضررة ، تم إطلاق منصة رقمية للدعم المالي للمؤسسات السياحية التى تضررت من الزلزال ، وقد أقرت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني العمل بها الأسبوع المقبل.
وأكدت الوزارة، في بيان لها، أن هذه المنصة تأتي تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس، وفي إطار برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، موضحة أن هذه المنصة الرقمية ستمكن من استقبال طلبات الدعم المالي من مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة التي تضررت جراء الزلزال".
و أفادت الوزارة بأنه تمت زيارة 667 مؤسسة مصنفة للإيواء السياحي وتقييم الأضرار بها عبر خبرات تقنية من قبل مختصين، بشكل يمكن من تحديد حجم الأضرار ووضع خطط خاصة لإعادة التأهيل.
وسيتم دعم المؤسسة التى طالتها أضرار بسيطة بـ 500 ألف درهم، وسيتم صرف نصف مبلغ الدعم فور استلام ملفات الطلبات كاملة. فيما سيتم صرف النصف الآخر من الدعم بعد إنهاء الأشغال.
إجراءات مواجهة الكوارث
وفى إطار استعداداتها لمواجهة أية كواث محتملة، ومن بينها الفيضانات، أعلنت الحكومة المغربية عددا من الإجراءات الاستباقية لمجابهة أى احتمالات لتعرض البلاد للفيضانات، حيث شددت إجراءات الترخيص بالبناء في المناطق المعرضة لها، وخلق عدد من اللجان، منها لجان إقليمية لليقظة ستتولى تتبع النشرات التحذيرية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، وإخبار السكان بحدوث الفيضانات.
جاء ذلك ضمن مشروع مرسوم يتعلق بالحماية والوقاية من الفيضانات وبتدبير الأخطار المتصلة بها، صادقت عليه الحكومة في اجتماعها الأسبوعي، ويهدف إلى تحديد كيفيات تطبيق وتفعيل مقتضيات القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، لا سيما المواد المتعلقة بكيفيات الحماية والوقاية من الفيضانات والأنظمة المتعلقة برصدها ومراقبتها وتدبير وتتبع أحداثها عند وقوعها.
وشددت الحكومة إجراءات إقامة الحواجز أو البنايات أو التجهيزات الأخرى التي من شأنها أن تعرقل سيلان مياه الفيضان في الأراضي المعرضة للفيضانات، حيث نص المرسوم على الترخيص بإقامة الحواجز أو البنايات أو التجهيزات الأخرى في هذه المناطق، يُسلم من طرف رئيس الجماعة المعني، بعد استطلاع رأي وكالة الحوض المائي المعنية، وذلك بناء على طلب للترخيص يتقدم به صاحب المشروع.
ويتم تحديد الوثائق التي ينبغي أن يتضمنها طلب الترخيص بإقامة الحواجز أو البنايات أو التجهيزات الأخرى التي من شأنها أن تعرقل سيلان مياه الفيضان في الأراضي المعرّضة للفيضانات، والوثائق التي يتعين إرفاقه بها، باتفاق بين المجلس الجماعي ووكالة الحوض المائي.
ويُلزم المرسوم صاحب طلب الترخيص بإنشاء البنايات المذكورة بإرفاق الطلب بعدد من الوثائق، منها التزامه بإبرام عقد تأمين من أجل تأمين الحواجز أو البنايات أو التجهيزات موضوع الترخيص ضد الكوارث الطبيعية، وتقرير تقني يتضمن آثار المشروع الإيجابية في مكافحة الفيضانات أو الحد من خسائر الفيضانات، وتصاميم الحواجز أو البنايات أو التجهيزات مطابقة للقواعد والمعايير المنصوص عليها في مخططات الوقاية من أخطار الفيضانات المتعلقة بالمنطقة المعنية في حالة وجودها.
وبخصوص توقع خطر الفيضانات والإنذار بوقوعها، نص المرسوم على إحداث أنظمة مندمجة للتوقع والإنذار بالحمولات على مستوى مجاري المياه أو مقاطع مجاري المياه المحدثة لخطر مرتفع للفيضانات، وستتولى وكالة الحوض المائي وضع هذه الأنظمة في أجل لا يتعدى 6 سنوات ابتداء من تاريخ نشر المرسوم في الجريدة الرسمية.
وستتم عملية وضع أنظمة التوقع والإنذار، بتنسيق بين وكالة الحوض المائي والمصالح اللا ممركزة للسلطات الحكومية المكلفة بالداخلية، وبالماء، وبالفلاحة، والمديرية العامة للأرصاد الجوية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية المعنية، لا سيما الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، والوكالة الوطنية للمياه والغابات، والوكالات الحضرية المعنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة