تسبب تصاعد الأحداث في غزة إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا، ووصل أسعار خام برنت إلى 91.88 دولار للبرميل، والخام الأمريكي إلى 85.49 دولار للبرميل، مقارنة بمستويات 87.86 دولار للبرميل، و82.83 دولار للبرميل، على التوالي قبل اندلاع الحرب.
وينعكس تأثير زيادة أسعار النفط سلبيًا على الموازنة العامة للدولة، إذ خصصت الحكومة دعمًا للمواد البترولية بقيمة 119.41 مليار بموازنة العام المالي 2023-2024 مقابل 58 مليار جنيه في العام المالي السابق 2022-2023 بزيادة قدرها نحو 61 مليار و 325 مليون جنيه بنسبة زيادة 105.6%، وحددت الموازنة أن دعم البترول تم احتسابه على أساس متوسط سعر للبرميل يبلغ 80 دولارًا، ومن شأن كل زيادة بقيمة دولار واحد في سعر برميل النفط عن السعر المحدد بالموازنة أن تؤدي إلى تغير في حجم الدعم المخصص لذلك البند بحوالي 3-4 مليارات جنيه.
وتشير تقديرات دولية، إلى أن ارتفاع أسعار خام برنت إلى حوالي 100 دولار للبرميل سيضيف أعباء جديدة على الموازنة تتراوح قيمتها بين 60 مليار جنيه إلى 80 مليار جنيه (فارق السعر بين 100 دولار للبرميل المتوقعة، و80 دولارا للبرميل المحددة بالموازنة يساوي 20 دولارا للبرميل، بعد ضربها في 3-4 مليارات جنيه، يصبح الناتج 60-80 مليار جنيه، ونتيجة لذلك، من الممكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى الضغط على مستويات الإنفاق على هذا البند، وبالتالي ارتفاع العجز النقدي للموازنة ككل.
وانطلاقًا من وجود فجوة بين الإنتاج والاستهلاك المحلي من النفط ومن اعتماد الدولة المصرية على الواردات النفطية، فمن الممكن أن يساهم ارتفاع أسعار النفط في زيادة فاتورة الواردات النفطية بما قد يؤدي يؤثر على الاحتياطي النقدي المصري، ويضغط على قيمة الجنيه مقابل الدولار ويؤثر على معدلات التضخم المرتفعة بالفعل، حيث بلغت قيمة صادرات البترول الخام نحو 2332.6 مليون دولار بنهاية العام المالي 2023/2022 مقابل واردات بترول خام تبلغ 3277.8 مليون دولار.
تأتي أزمة زيادة أسعار النفط عالميًا في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي صدمات عديدة بدأت من انتشار جائحة كورونا وما تبعه من الإغلاق الكامل للعديد من دول العالم، والذي استمر خلال عامي 2020 و2021 وما اتبعه من اضطراب سلاسل الإمداد والموجة التضخمية إثر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية مما أسفر عن ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الاستراتيجية وخاصة المواد الغذائية (القمح والذرة وفول الصويا) والمواد البترولية، والذي نجم عنه ارتفاع كبير في معدلات التضخم وانخفاض الإنتاجية ومعدلات النمو.
كما تراجعت أسواق المال العالمية وتزايد عجز الموازنات ومستويات المديونيات العالمية ثم تبع ذلك اتباع معظم البنوك المركزية العالمية سياسة التشديد النقدي لمواجهة ارتفاع مستوى الأسعار وكان لذلك تبعات اقتصادية غير مواتية ومنها ارتفاع كبير في أسعار الفائدة وزيادة تكلفة الاقتراض، وعليه ارتفاع أعباء سداد الديون.