أصدرت دار الإفتاء المصرية كتاب "دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة" بالتعاون مع وزارة العدل، وغطَّى كافَّة الموضوعات التى تهمُّ الأسرة المصرية.
وقامت دار الإفتاء بتوزيع الدليل على المأذونين الشرعيين على مستوى الجمهورية لإهدائه إلى الأزواج عند عَقْدِ القران، كما تعتزم تحويل محتوى الدليل إلى برامج تدريبية وتأهيلية للمُقبلين على الزواج، بالإضافة إلى إطلاقها حملات إعلامية لنشر أهداف الدليل، فضلًا عن نشر محتوى الكتاب على هيئة "بوستات" عبر منشورات على منصَّات التواصل الاجتماعى.
وفى صدر الكتاب قدمت نصائح وإرشادات فى العلاقة بين الزوجين، حيث راعـت الشريـعة الإسلاميـة، نظام العلاقة بين الرجل والمرأة وفــق الاستـعداد الفطـرى والتكويـن الجسـدى لكل منـهما، وذلـك لإعمـار الأرض وتحقيـق معنى السكن والمودة والرحمة، مـع غرس روح التـعاون والمشـاركة لصالح الطرفيـن ولصالح المجتـمع كله، فتتسق بذلك دواعى الطبع مع دواعى الشرع، وذلك على النحو الآتى:
1. من أسس العلاقات الزوجية الناجحة وجود تواصل مستمر بشكل سليم وصحيح بين الزوجين.
لا تجعل شريك الحياة آخر من تتواصل معه، بل ابدأ التواصل معه أولًا، وليحاول كل من الزوجين عند حدوث المشكلة أن يتحدث إلى زوجه ويعلمه بما حدث له، حتى لا يعلم من غيره فتنبعث التهم في نفسه، ويظن به ظن السوء.
ولا شك أن معرفة المشكلة أحد أهم أسباب العلاج، وليكن علاج مشكلاتكما بحكمة وعقلانية، وتشاركا في البحث عن أفضل الحلول الممكنة لها، والنظر فيما يمكن أن تؤول إليه الظروف لمعرفة أضرار ونتائج كل حل، لاختيار أفضلها وأنجحها.
2. التشارك بين الزوجين من أكبر عوامل نجاح الحياة الزوجية بينهما.
ليشارك كل منكما الآخر؛ وذلك بالقيام بمسئوليته تجاه الأسرة؛ فمتى قام كل منكما بما يجب عليه تجاه أسرته نعمت الأسرة بالراحة والسكينة والاستقرار.
3. احرصا على التعاون فيما بينكما، واعلما أن كلا منكما يكمل نقص الآخر.
التعاون فيما بينكما وسيلة من وسائل المودة والرحمة، وذلك بأن يساعد كل طرف الآخر في إكمال مسؤولياته وتتميمها وسد النقص فيها، فالتعاون سبيل التكامل بينكما حتى تسير سفينة الحياة بأمان واطمئنان.
4. التحقا بدورات الإرشاد الزواجي لإتقان فن التعامل بينكما.
حاولا الاستفادة من الندوات والدورات التثقيفية التي تعقدها المؤسسات الدينية والاجتماعية، فإن ذلك له ثمرة كبيرة في كيفية معالجة المشكلات الأسرية، والإنسان بحاجة دائمة إلى التعلم، فمهما بلغ من العلم فحتمًا هناك ما يجهله.
فليحرص الزوجان على حضور الندوات والدورات التثقيفية في هذا المجال، إذ فيها تجارب وخبرات وتدريب على طرق حل المشكلات، فيستفيد الزوجان من ذلك في حياتهما الأسرية حتى لا يقعا في المشكلات، ومتى وقعت مشكلة تمكنا من العلاج،فمن تعلم شيئًا وتعب في تحصيله استفاد منه بعد حين، وعاد خيره عليه.
5. الاحترام هو الركيزة الأساسية لبناء علاقة زوجية ناجحة.
استخدما فيما بينكما كلمات تدل على التقدير، مثل: “شكرًا”، “عفوًا”، وناديا بعضكما بأحب الأسماء، فهذا يساعد على مزيد من التقارب والألفة، وابتعدا عن استخدام الكلمات المهينة أو الخادشة للحياء أثناء النقاش، فإنها تُسبب المزيد من المشكلات.
6. عليكما بالتجمل فيما بينكما بالأقوال الحسنة، كما تتجملان بالملابس الأنيقة.
كما أن الاهتمام بالمظهر الخارجي بين الزوجين يزيد في الود والمحبة بينهما، فإن التجمل في الأقوال باختيار الألفاظ الجميلة والكلمات المعسولة مما يزيد في استقرار الأسرة وسعادتها، لكن بشرط عدم الإفراط في المبالغة التي قد تؤدي بعد ذلك إلى نتائج عكسية.
7. التعامل بالفضل بين الزوجين صمام أمان يحمي العلاقة من التدهور والتفكك.
أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعًا، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى سلامة رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح.
فعلى الزوجين أن لا يقنعا بالعدل بل يتعاملا بالإحسان؛ حتى ينالا السعادة والفوز في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡ﴾ [البقرة: 237].
8. عليكما باحترام الخصوصية فيما بينكما، وفيما يتعلق بحياتكم الزوجية.
يجب أن يراعي الزوجان خصوصية بعضهما البعض، فلا يصح أن يتجسس الزوجان على المكالمات التليفونية الخاصة، أو قراءة الرسائل بدون علم الآخر، قال تعالى: ﴿وَلَا تَجَسَّسُواْ﴾ [الحجرات: 12]، وكذلك لا يصلح نشر الأسرار المتعلقة بحياتهما - تصريحًا أو تلميحًا - على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن ذلك انتهاك لخصوصية الأسرة.
فمواقع التواصل ليست هي المكان المناسب لمناقشة المشكلات الشخصية والأسرية الخاصة بحياتكما معًا.
9. قوامتُكَ على الزوجة قوامة مسؤولية والتزام، لا تسلط واستبداد.
القوامة على المرأة تعني: القيام بحقوقها من نفقة ومعاشرة بالمعروف، قال الله تعالى: ﴿ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ﴾ [النساء: 34]، وهي وظيفة ومسؤولية داخل كيان الأسرة لتولي زمام القيادة فيها وإدارتها وحمايتها واحتوائها.
فقد نظر الإِسلام إلى الحياة الزوجية نظرة عادلة، فوجد أن الرجل أقوى في ضبط نفسه، وأقدر على إدارة شؤون البيت الذي أقامه بماله، وأن انهياره خراب عليه فجعل له القوامة، وهي درجة تكليف أكثر منها تشريف، فهي تجعل له حقوقًا، ولكن تجعل عليه واجبات أكثر.
ومن هنا اقتضت القوامة القيام على أمر النساء بالحماية والرعاية وتلبية مطالب الحياة، وليس معناها الاستبداد بالرأي.
10. ليتقبل كل منكما اختلاف الآخر معه، فالاختلاف في الرأي طبيعة بشرية.
لقد فطر الله الخلق على التنوع بينهم في كل شيء، بما في ذلك الآراء والمواقف، فاحرصا كل الحرص على عدم تحويل هذا الاختلاف بينكما - عندما يحدث - إلى نزاع وصراع يؤدي إلى تفكك الأسرة وتصدُّعها.
فيجب أن يتقبل كلا الزوجين رأي الآخر ويحترمه، وأن يستمعا إلى بعضهما ويتناقشا بكل هدوء، ولا يحاول أحدهما فرض رأيه بالقوة والقهر، ولا أن يتعنت الطرف الآخر فيرفض الرأي بدون سبب وجيه سوى الاستعلاء أو العناد.