زيارة هامة يجريها رئيسا وزراء أسبانيا وبلجيكا ، بيدرو سانشيز وألكسندر دي كرو، إلى القاهرة، اليوم الجمعة ، وهي الزيارة التي تتزامن مع دخول الهدنة الإنسانية فى قطاع غزة حيز النفاذ بعد أكثر من شهر ونصف الشهر من الحرب في قطاع غزة ، والتي خلفت قرابة 15 ألف شهد غالبيتهم من المدنيين العزل.
وتأتي الزيارة وما يتخللها من مباحثات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي لتعكس حجم الجهد الدبلوماسي الذي بذلته الدولة المصرية منذ بدء الحرب بهدف خفض التصعيد، وهي الجهود التي تبلورت في قمة القاهرة للسلام ، وما تبعها من اتصالات مصرية ـ أوروبية عالية المستوي ، وصولاً إلى تنسيق مصري ـ قطري ، كان له سبب رئيسي فى الوصول إلى تفاهمات بين الفصائل الفلسطينية وسلطات الاحتلال.
وترتكز الزيارة الحالية ، والتي تأتي ضمن جولة شرق أوسطية ، علي بناء تفاهمات أكثر شمولاً تؤدي بدورها إلى تمديد الهدنة الانسانية المؤقتة ، وتفتح الباب أمام استئناف عملية السلام والتفاوض علي مبدأ حل الدولتين.
وتسعي القاهرة من خلال تلك الزيارة للتركيز علي احراز تقدم ملموس فى ملفات هامة ، بمقدمتها ملف استدامة الهدنة الإنسانية، ثم تمرير مكثف للمساعدات الإنسانية العاجلة التي يحتاجها قطاع غزة ، وسبل تعزيز تلك المساعدات وضمان استدامتها.
ومن بين الملفات ، يأتي تذليل العقبات المحتملة فى ملف تبادل المحتجزين بين الجانبين ، حيث أن استمرار عملية التبادل واتساعها يؤدي فى نهاية المطاف إلى انهاء دورة التصعيد الجارية.
وتأتي الزيارة بعد مباحثات هامة استضافتها القاهرة بين الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ، تلتها مباحثات مماثلة بين الرئيس والمستشار الألماني أولاف شولتس ، وما تبع ذلك من تغير لافت فى الخطاب الغربي حيال الأزمة ، والتحول الواضح من التبني المطلق لما روجته وسائل إعلام عالمية بـ"حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس"، إلى الدعوة الواضحة لوقف إطلاق النار وتجنيب المدنيين ويلات الحرب.
وكذلك تعد الزيارة الحالية ذات أهمية خاصة ، حيث تستضيف أسبانيا حاليا الرئاسة نصف السنوية لمجلس الاتحاد الأوروبي ، فيما تتولي بلجيكا الرئاسة في النصف الأول من يناير المقبل.
وتسعي الدولة المصرية لاستكمال جهودها الدبلوماسية ، حيث تتضمن الزيارة تركيز مصري واضح علي تثبيت أركان الهدنة الحالية من جهة ، وفتح الباب أمام استمرار مثل تلك الهدن عبر بلورة موقف مصري ـ أوروبي ـ عربي ، مشترك يقضي فى نهاية المطاف لإنهاء كامل للحرب دون تفريط في ثوابت القضية الفلسطينية ، ودون تهاون مع مخططات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه.
وترتفع آمال المراقبون العرب بشأن تلك الزيارة ونتائجها لما تمثله أسبانيا وبلجيكا من تيار أوروبي معتدل ، حيث تبنت الدولتان منذ بداية الحرب مواقف متوازنة إلي حد كبير ، فرئيس الوزراء الأسباني بيدرو سانشيز ، كان فى مقدمة المسئولين الأوروبيين الساعين إلى حشد جهد واسع لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية تحظي بدعم واعتراف أوروبي ، وكانت أسبانيا كذلك فى مقدمة الدول المنددة بالجرائم الإسرائيلية داخل القطاع، وسبق أن وصف تلك الممارسات بـ"القتل الأعمي للفلسطينيين"، عبر سلوك "يرقي إلى جرائم الحرب"، فضلاً عن دعواته المتكررة لمراجعة أوروبية شاملة للدعم العسكري المقدم لتل أبيب.
ولا تختلف المواقف كثيراً داخل بلجيكا التي كانت من الدول الداعية لوقف التصعيد منذ بداية الحرب ، فضلاً عن ادانتها الواضحة للعملية العسكرية فى غزة ، وتنديدها باستهداف المدنيين واختراقات اسرائيل للقانون الدولي الإنساني، وهو ما تجلي واضحاً عليي لسان وزيرة التعاون والتنمية البلجيكية كارولين جينيز التي اتهمت تل أبيب بـ"انتهاك حقوق الفلسطينيين وتدمير متعمد للبني التحتية والأهداف المدنية".
الزيارة التي تأتي تزامنا مع الهدنة الإنسانية تكتسب كذلك أهمية خاصة ، حيث بدأت القضية الفلسطينية فى اكتساب بعض الزخم ، وسط تراجعي عالمي واضح للمواقف الداعمة للاحتلال ، ما دفع أصوات داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتحذير من أن "الوقت ينفذ أمام إسرائيل" ، وهي النبرة التي تتزامن مع انهيار واضح لشعبية بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي داخل تل أبيب.
لقاء الرئيس ورئيس وزراء أسبانيا وبلجيكا
لقاء السيسى ورئيس وزراء اسبانيا و بلجيكا
لقاء السيسى ورئيس وزراء اسبانيا و بلجيكا
موتمر الرئيس السيسى ورئيس وزراء اسبانيا وبلجيكا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة