الخارجية المصرية.. للمواجهات إجراءات وآليات
أجهزة الاستخبارات المصرية تقود حرب الأيام الصعبة
معبر رفح باب دخول للأمل.. وليس وجهة للنزوح أو التهجير
والمصريون للعالم: صف وأحد وقيادة وأحدة
لا لتمرير رغبة الاحتلال
منذ اليوم الأول لاندلاع الأوضاع فى غزة، تفهمت الدولة المصرية ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلى من ضربات ممنهجة بهدف نزوح ألفلسطينيين للجنوب، فى قطاع يبلغ مساحته 360 كم متر تقريبا، يسكنه حوإلى 2 مليون و400 ألف فى آخر تحديثات متوفرة، وبالتإلى يبقى أمام ألفلسطينيين مع الوقت مأزقا فى التعايش فى تلك المساحة ما بين خان يونس ورفح ألفلسطينية، ويصبح الهدف لديهم هو النزوح لشمال سيناء، ولذلك كثف العدو الاسرائيلى ضرباته فى المناطق كثيفة السكان، مع فتح باب الأمل جهة الجنوب، وغلق مصادر الحياة كليًا من طعام وشراب ووقود، واستهداف للقطاع الصحى بشكل كامل، إلا أنه فى المقابل وباستيعاب شديد من الإدارة المصرية، كان مصطلح «لا للتهجير» حاضرا منذ اليوم الأول، ووفق قراءة مستقبلية منضبطة، حيث صنعت الدولة المصرية رأيا عاما عالميا، يرفض فكرة التهجير والنزوح، لأنها بمثابة تطهير عرقى للقضية ألفلسطينية برمتها، وتصفيتها فى شهور.
السيسي
يقول اللواء فؤاد حسين، مؤلف كتاب شبه جزيرة سيناء المقدسة: «تعتبر سيناء أرض المتناقضات، فهى أكثر بقاع العالم تعرضًا للهجمات منذ بدء التاريخ»، وفى صفحة أخرى يذكر بأن سيناء تعتبر أرض المعجزات الإلهية، ففيها حدثت أكثر من 13 معجزة إلهية لم تحدث فى مكان آخر بالعالم، ولذلك فالمعنى من تلك الإشارات أن سيناء فى عين وفى مخطط الدولة المصرية قبل أن يتم وضعها فى مخططات دول وأطراف أخرى، ولذلك فالدولة تواصل التحذير من أى مخططات يحأول البعض تمريرها.
لا غلق لمعبر رفح طوال الوقت
فى ظل التأكيد الكامل من القيادة السياسية المصرية أن معبر رفح سيظل مفتوحا طوال الوقت، كان الهدف الإسرائيلى المتخابث حول المشهد، يعمل على استهداف المعبر جهة فلسطين، ثم ضرب الطرق نفسها التى يمكن المرور عليها من المساعدات، ثم وضع عراقيل أمام المساعدات، فتارة يقول إن المساعدات تدخل عن طريق معبر كرم أبو سالم، وتارة يقوم بتفريغها فى شاحنات أخرى، وكل ذلك بهدف التضييق ومد أجل الوصول لتلك المساعدات لمستحقيها، وحتى ينال وقتًا أكثر فى استهداف عزيمة ألفلسطينيين، وبث فكرة النزوح والتهجير باعتبارها هدفا وجوديا فى حد ذاته، لذلك قررت الدولة المصرية فتح المعبر طوال الوقت لدخول المساعدات، مع وضع تنسيق خاص حول خروج المواطنين مزدوجى الجنسية، باعتبار أن الإنسانية لا يمكن تجزئتها بناء على الجنسية، بل لا بد أن يكون هناك تصور عام لحل الأزمة، وهو الأمر الذى ساهم فى تعجيل الهدنة بالشراكة مع الجانب الاقليمى العربى ممثلًا فى دولة قطر، والتى تأوى داخلها المكتب السياسى لحركة حماس بالخارج.
الخارجية المصرية الدبلوماسية ناعمة
المعركة فى ملف رفض التهجير وتحديد الخطوط الحمراء، ليست معركة عسكرية حتى الآن، بل هى معركة يتصدرها فى المواجهة الخارجية المصرية بكل ما فيها من إدارات معنية، ومن سفراء ودرجات وصولًا للسيد سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، فتلك المعركة قد يذهب المواطن إلى أنها معركة سياسية، أو معركة ومبارزات فى اتجاهات أخرى، غير أن البعض لا يقف عند حدود وقدرة الخارجية المصرية، لأنها الجهة المعلنة فى المواجهة، وما قدمته حتى الآن يستحق التقدير والثناء، بل والدعم المستمر، لأن المواجهات مع الغرب تحديدا، لا بد أن يكون لها إجراءات وأسس يمكن تمريرها فى مشهد عام يدعم التصدى للاحتلال ورؤيته بكل قوة، لذلك فالجهد المبذول من المعنيين فى الخارجية المصرية، جهد ضخم وغير مسبوق، لأنها المواجهة الأولى تقريبًا على ذلك المستوى منذ مفأوضات ما بعد عام 1973.
المخابرات العامة جهد الأيام الصعبة
الإشكاليات التى تواجه عمل أجهزة الاستخبارات عمومًا وقت الحروب، هو الوصول لرؤية مناسبة للوضع الميدانى، توفر الدماء فى تلك الحرب، ولذلك فهناك دائمًا جبهات ومحأور يتم العمل عليها لاستيعاب الرؤى والإشكاليات، فكيف تستقبل القاهرة ممثلين لحركة حماس، فى الوقت الذى يرغب الاحتلال فى تصفيتهم، وكيف تستقبل مسئولين إسرائيليين فى الوقت الذى يقوم شركاءهم بتوجيه القنابل والصواريخ فى وجه المدنيين والمستشفيات والمدارس، ولذلك فجهد اللحظات الصعبة هو الجهد العظيم فى تاريخ عمل أجهزة الاستخبارات بشكل عام؛ فرغم أن عملها الدائم سلمًا وحربًا مقدر، لكن فى لحظات الاشتباك مثلما حدث منذ يوم 7 أكتوبر كان واقعا مختلفا تماما، استطاعت فيه أجهزة الاستخبارات المصرية، ومنها جهاز المخابرات العامة، أن يفتح المحأور السليمة والمسارات الصحيحة التى أوصلت كتلة اللهب المشتعلة والمتزايدة أن تصل لهدنة ولو مؤقتة، لكنها بطبيعة الحال ستكون فرصة لهدن أخرى يمكن السير فيها، أيضًا من جهود الأجهزة الاستخباراتية ليست فقط التدخل فى حسم المفأوضات، لكنها جزء رئيسى فى بناء التصور حول رفض مخططات التهجير، وكذلك مخططات المزايدة فى المقابل، لذلك فالمسافة ممتدة، لأنهم بطبيعة عملهم لا يقفون عند المسافة صفر.
جيش وتسليح مصر درع وسيف
كلمة «عارفين كنا بنسلح الجيش ليه» هى كلمة بألفعل يرددها الكافة، لكن المواطن المصرى البسيط يجب أن يعرف الإجابة باليقين، فالجيش المصرى لم يبدأ حماية مصر مع الأحداث الأخيرة، بل هو الجيش الذى وقف وحمى 25 يناير 2011، وتلك الوقفة جاءت من المشير طنطأوى بنفسه ومن معه، ولذلك فهذا أمر فى التاريخ لا يمكن نكرأنه ونسيأنه، وهو الجيش أيضًا الذى حمى ثورة 30 يونيو 2013، وتلك اللحظة بطبيعة الحال نتذكرها وجميعنا مشارك بها، غير أن الأمر الأكثر تضحية بالدم والمال، هو ما حدث بعد 2013، حيث قدم الجيش المصرى آلاف الشهداء وبالأرقام فى عملية تضحية نوعية فى غاية الأهمية، ونتيجتها فى غاية الخطورة، لأنها تختلف كليًا عن عام 1967، ففى النكسة كان العدو معروفًا، لذلك كانت 6 سنوات كفيلة لهزيمته واستعادة الأرض، وهو أمر مختلف تمامًا عن 2013 الذى كان الجيش يواجه فيها عدوًا متخفيًا، وعدوًا مدعومًا بأطراف لا تعلن تمويلها، ولذلك استغرق الأمر سنوات أكثر، حتى أعلنها الرئيس السيسى بأن سيناء خالية من الإرهاب، وهذا يذكرنا بكتاب «وعليكم السلام» للكاتب الكبير محمود عوض، الذى أورد شهادة لأحد الجنرالات الغربيين، حيث قال فيها إن الدعاية التى نشرتها إسرائيل بأنها كانت فى يونيو 1967 تحارب من أجل البقاء لم تكن إلا خدعة استغلتها إسرائيل لتبرير حربها الهجومية، وسواء أغلقت مصر خليج العقبة أو لو تغلقه، فإن إسرائيل كانت على أى حال تعد مبكرا لتوجيه ضربة الإجهاض لمصر، وهى إشارة تؤكد أن الدولة المصرية وأجهزتها تعلم ما يقوم به الاحتلال الاسرائيلى، من خطط وغير مرتبطة بتاريخ 7 أكتوبر أو غيره، لأن المخطط صهيونى بامتياز.
ولذلك فالمشهد الحإلى الذى تعلن فيه الدولة المصرية إجراءات وخطوط، تحمل فى جوهرها تكليفًا مشددًا لأجهزة التأمين وفى قلبها القوات المسلحة، لرفع درجات الاستعداد، وهو ما يمكن ملاحظته فى اصطفاف ألفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميدانى، وكذلك الإجراءات التى تتم فى نطاق الجيش الثانى الميدانى، وهما الجيشان المعنيان بنطاق سيناء ككل.
سيناء للمصريين
طوال الوقت كما يقول المؤرخ المصرى جمال حمدان، فإن سيناء معرضة للاستهداف سواء بالسلخ أو بالعزل أو الشراء، وتلك الكلمات كاشفة للغاية، فكل مرحلة من مراحل التاريخ المصرى، هناك استهداف لسيناء، فينظر إليها البعض كأنها مستباحة لدخولها، وهو الأمر الذى جعل الجهد المصرى المعمول فى سيناء مختلفا عن جهود الاتجاهات الاستراتيجية الأخرى، ومنذ تولى الرئيس السيسى المسئولية ظهر المخطط الاستراتيجى لتعمير سيناء بالكامل، وبلغت الأرقام المرصودة له حوإلى 610 مليارات جنيه، وهو الرقم الأضخم فى تاريخ سيناء، يشمل تطوير كل مناحى الحياة، وتغيير شكل سيناء تمامًا، وجعلها مقصدًا لجذب مئات الآلاف من المواطنين فى السنوات المقبلة، وهو الأمر الذى تعمل عليه الدولة ليل نهار، وعجلت الأوضاع الحالية فى التسريع فيه.
رسالة مصر للعالم
تعتبر لغة الخطاب الرسمى المصرى، هى اللغة الأقوى فى تاريخ مخطط التهجير، حيث يعلنها الرئيس السيسى تقريبا فى كل لقاء واتصال هاتفى وكل التزام يحضر فيه، وانسحب الأمر على لسان كل المسئولين فى كل اللقاءات الثنائية والجماعية، وهو الأمر الذى يجعل الجميع يدرك أن مصر لن تنفذ هذا المخطط لأنه قرار فى يد 100 مليون مصرى وأكثر، كما عبر نواب البرلمان المصرى فى الجلسة التاريخية حول رفض مشروع التهجير، ولغة الخطاب المصرى ليست لغة موجهة للأعداء فقط، بل هى لغة للجميع أصدقاء وأعداء، بأن مشروع التهجير والمخططات الساعية لدعمه لن تتم مهما حأول البعض دعم ذلك المخطط، أو حتى الصمت عنه، والايحاء بالموافقة عليه، وهى الرسالة الضمنية من المصريين للعالم، بأن الشعب المصرى فى تلك ألفترة صفا وأحدا وقيادة وأحدة، ويقفون خلف القرار المصرى سواء كانوا من صفوف المعارضة أو المؤيدين، فالقرار المصرى حاليا هو قرار السيادة الوطنية على كل شبر من أرض جمهورية مصر العربية.
p
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة