نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة فى الشارقة أمسية شعرية بمشاركة الشعراء عبد السلام حاج نجيب، محمود الجيلي، وحسام شديفات، بحضور الشاعر محمد عبد الله البريكى مدير البيت، وقدمتها نور نصرة التى أشادت بتجربة بيت الشعر فى الحياة الثقافية، كونه يعمل بشكل مباشر على تجديد دماء الشعر من خلال إبراز الأصوات الشعرية المختلفة، ومن ثم الاحتفاء بالنماذج الحقيقية فى الشعر من أصحاب التجارب المحلقة فى فضاء الشعرية العربية.
جانب من الحضور
كما أشادت نور نصرة بتفاعل الجمهور مع الأمسيات، والحضور بكثافة فى ظل الدعم غير المحدود من قبل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذى تمثل مبادراته الثقافية شريان حياة للشعر والشعراء.
وقد حلقت قصائد الشعراء فى فضاء الدهشة، واتسمت بالجمال، برمزيتها العالية ومجازاتها المحلقة، لتبرز أشكالهم الفنية المتنوعة، فقد انسجمت كلماتهم الشعرية مع كل ما هو إنسانى، فجاءت صورهم محملة بالدلالات التي غمرت الحضور بجمال الإبداع، ودهشة الإيقاع، إذ عبروا فى قصائدهم عن هموم الذات، وأحلام المستقبل، فلامست كلماتهم القلوب وعبرت للمتلقى دون تكلف.
الحضور خلال الأمسية
افتتح القراءات الشاعرعبد السلام حاج نجيب بمقطوعات من شعره، كشفت عن طاقات جمالية يمتلكها، لتفيض على الحضور دهشة وجمالا، حيث عبرت المقطوعة الأولى عن أمنيات حائرة، ترتحل في قلب الشاعر لكي يستعيد الزمان الجميل فيقول بعفوية وصدق:
فتاةٌ بِعُمْرِ حديقةِ فلٍّ
تَسُوقُ الحقولَ لفجرٍ نَدِي
تجيءُ بِكُلِّ أنوثتها
لتبحثَ عن ولدٍ مُجهَدِ
تجيءُ إلى موعدي كلَّ يومٍ
وتبكي على طرَفِ المقعدِ
ثم قرأ مقطوعة أخرى محملة بالدلالات الإنسانية في شراع الحياة، ومحطاتها المتعرجة، فجسد ببلاغة خطاه العابرة، وهو مسكون بعطر التشبيهات وحميميتها فيقول:
سأُنكِرُ أنَّ حَنجرَتي زنادٌ
وأنَّ قصائدي نايٌ لِـصَمْتي
وأعدُو ما استطعتُ كأيِّ طفلٍ
تنفَّسَ عُمرُه من خدِّ بِنتِ
أبي هذا النَّدى والوردُ أُمّي
فَمَن سَمَّاكِ يا صحراءُ أُختي..؟!
خلال تكريم الشعراء
وقرأ الشاعرة محمود الجيلى مجموعة من القصائد التحمت بمواجدها مع الجمهور الذي تفاعل بإيجابية، وتميزت قصائده بطابعها الأليف في الصورة والخيال، وكأنه يكتب جزءاً من سيرته بقالب رومانسي يفيض بالحيوية والجمال، فيقول:
سرٌّ بعينك يغنيني عن السفر
يا بنت قلبي ويا أرجوحة السمر
أعطيت سرّك للنجمات فأتلقت
فعم نورك للأرياف والحضر
أهديت عطرك للأيام فأنبجست
من صخرة العمر أنهارٌ من الزهر
ثم قرأ قصيدة أخرى تتميزت بطابعها الغنائي الذي يختزل الشجن، بأسلوب درامي معبر، لا يستنفد الحس الموسيقي ودلالاته، فهو يقيم حواره الشعري بألفة من خلال الوصف الحالم، فيقول:
غنت هنا وبكت على مزمارها
وأذابت الدمع الثخين بنارها
مدّت يديها للرياح وأشرعت
فتكسّر المجداف في أنهارها
صوفية الأعماق إلا أنها
صبّت ليالي الوجد فوق نهارها
واختتم القراءات الشاعر حسام شديفات الذي استطاع بلغته المتشظية بدلالاتها أن يأسر، وقرأ قصيدة بعنوان " الحقيقة" وهي نموذج لحرية التعبير الشعري، إذ يبدو الشاعر متوهجاً في الكلمات، متشبعاً بفكرته وهو يستحضر حقيقية القول الذي يملأ كيانه، فيقول:
مُسلّماً فكرَةً أولى ومنطلِقا
لِغيرِها.. للتخاييلِ المُسلسَلَةِ
وواضِعاً دفَّةَ الأفكارِ في يدهِ
مخافَةً من تعابيرٍ مُزلزِلَةِ
يقولُ لامرأةٍ في القوسِ قد مَشَطَت
شعرَ الحياةِ وتبدو مثلَ أرمَلَةِ
: هل الضجيج الذي في الرأس يوصلُني
إلى الحقيقةِ؟ قالَت: قيدَ أُنمُلَةِ
ثم ألقى نصاً أخر بعنوان "بتهوفن" وهو نص مشحون بصدق العاطفة وفضاء الفلسفة والتأمل الوجودي، فيقول:
جَسدٌ عَلى نوتاتِهِ يتراقى
ولذلكَ اتَّخذَ الحَمامَ رِفاقا
الأُغنياتُ البكرُ في صلصالِهِ
كَبُرتْ فَشقَّت طينَهُ وأطاقا
كَمُسافِرٍ في الرِّيحِ منذُ ركوبِهِ
مُتشبِّثٌ حتَّى استحالَ فِراقا
ومَضى ولم يعثُر على البيتِ الّذي
صارَتْ تسمّيهِ الحياةُ زُقاقَا
وفي الختام كرم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمتها.