-
170 هجمة على منشآت قطاع غزة الصحية
-
198 شهيدا من الكوادر الطبية ما بين طبيب وممرض ومسعف
-
توقف 28 مستشفى من إجمالى 36.. و51 مركزًا صحيا من إجمالى 72 عن العمل
-
100 طفل مبتسر يواجهون خطر الموت
-
50.000 امرأة حامل فى غزة لا يتلقين أي نوع من الرعاية الصحية
مع دقات الساعة السابعة صباح يوم السابع من أكتوبر الماضى دخل العالم أجمع نفقًا مظلمًا، مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية بحق المدنيين فى غزة، والتى أضحت حربًا شرسًة يتجرع كأس معاناتها الأبرياء يوميًا وراح ضحيتها أكثر من 14 ألفا و532 شهيدا، بينهم 6000 طفل، وأكثر من 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 36 ألف جريح أغلبهم من الأطفال(المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة)، فيما أعادت "هدنة الأيام الأربعة"؛ التى دخلت حيز التنفيذ، الجمعة الماضى، الآمال بإمكانية وضع نهاية لهذا المسلسل الدامى.
يكشف لنا جوانب من تلك الفاجعة، الدكتور أحمد المنظرى، المدير الإقليمى لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، واصفًا المشهد الصحى فى غزة بـ"الكارثى" والمرعب ؛ محذرًا من عواقب أكثر خطورة حال استمرار الحرب.
المدير الاقليمى للصحة العالمية
وأشار "المنظرى"، فى حوار خاص لـ"اليوم السابع"، إلى تدمير 28 مستشفى، إضافة إلى تفشى الأوبئة فى القطاع، مناشدًا المجتمع الدولى بضرورة الضغط لتوفير الحماية للمرضى والجرحى فى غزة، وانتظام دخول المساعدات، مضيفا: كانت المستشفيات والمرافق الطبية وسيارات الإسعاف الهدف الأول الذى صُوبت نحوه أسلحة العدو خلال 49 يومًا، وراح ضحيتها 198 شهيدا من الكوادر الطبية، فخلفت تلك الحرب فاجعة إنسانية غير مسبوقة بكل المقاييس.
ومن جهة أخرى، أشاد "المنظرى" بالجهود التى تبذلها مصر منذ اليوم الأول للأزمة، ومبادرتها الإنسانية لاستقبال الأطفال "المبتسرين" لعلاجهم فى المستشفيات المصرية.
وأكد المنظرى، أن الهدنة تمثل بارقة أمل لهؤلاء الأبرياء بقطاع غزة، فتم خلالها توسعة نطاق المساعدات الإنسانية،كما تم نقل 21 حالة حرجة من شمال غزة، مطالبًا بتمديدها وصولًا لوقف دائم لتلك الحرب الضروس.
وتطرق "المنظرى"، خلال حديثه لـ"اليوم السابع"، إلى معاناة النساء الحوامل باعتبارهن من الفئات الأضعف، كذلك أشار إلى التحديات التى تواجه الأطقم الطبية أثناء تأدية مهامهم، إضافة لتعرض العديد منهم للقصف المباشر، موضحا جهود المنظمة لنقل المرضى من المستشفيات المحاصرة، وإلى تفاصيل الحوار..
بالأرقام ..ما حصيلة الخسائر على صعيد القطاع الصحى منذ بدء حرب غزة؟
إيمان حنا والمدير الإقليمى للصحة العالمية
الوضع الصحى "كارثى" و"مرعب" فى غزة، ورائحة الموت فى كل بقعة من أرض غزة، مما يتطلب الضروى وقفة جادة أمام هذه الحرب الصارخة ضد المبادئ والقوانين الدولية، فالمستشفيات تتعرض لمخاطر الاستهداف المباشر وقطع الخدمات الحيوية كالمياه والوقود والكهرباء، فخلال 49 يومًا نفذت قوات الاحتلال 340 هجمة على منشآت القطاع الصحى فى فلسطين، منها 170 هجمة على 36 مستشفى و72 مركزا صحيا بقطاع غزة منذ بداية الحرب، ما أدى إلى خروج 28 مستشفى من إجمالى 36 مستشفى بالقطاع من الخدمة وكان مجمل طاقتها الاستيعابية 3500سرير، لم يتبقَ منها سوى 8 مستشفيات فقط، كما أن غرف العناية المركزة اصبحت غير متوفرة وغرف العمليات أيضا ، وكذلك توقف عن العمل 51 مركزا صحيا من إجمالى 72 مركزا بالقطاع، هذا بالإضافة لإتلاف غالبية سيارات الإسعاف.
وسقط أكثر من 198 شهيدا من الكوادر الطبية ما بين طبيب وممرض ومسعف.
..
وماذا عن الوضع الوبائى فى القطاع؟
المدير الإقليمى للصحة العالمية
قد بدأ بالفعل تفشى الأمراض المعدية و الأوبئة، بسبب نقص الرعاية الصحية من جهة، و انتشار الجثث فىى الشوارع وممرات المستشفيات وانبعاث الروائح الكريهة وانتشار البعوض والذباب بكل مكان من جهة ثانية، ما يمثل خطورة كبيرة على حياة السكان فى القطاع.
..
وما أبرزها ؟
هناك ما يقارب الـ70 ألف حالة التهاب رئوى، و50 ألف شخص يعانون من النزلات المعوية الحادة والإسهال، و17 ألف حالة التهابات جلدية(الجرب)، إضافة إلى مئات اللحالات التى تعانى الالتهاب الكبدى الوبائى والحصبة.
هذا بالإضافة إلى 350 ألف شخص يعانون أمراضا مزمنة كالسكرى والضغط والقلب، و1300 يعانون الفشل الكلوى ، و9.000 يعانون من السرطان.
أما على صعيد الأمراض النفسية ، فقد خلفت الحرب 450 ألف شخص يعانون أمراضا نفسية ما بين متوسطة وشديدة الحدة.
ويساورنا الخوف إزاء انتشار الأمراض المعدية بين الأطفال بالفعل هناك ألف حالة جدرى ، و5 آلاف حالة التهابات جلدية بكتيرية بين الأطفال، وعشرات الحالات من التهاب الغدة النكافية.
وما خطط المنظمة لمواجهة هذا الوضع الوبائى؟
النساء الحوامل من بين الفئات الأضعف فى غزة، وضح لنا وضعهن الصحى فى ظل الحرب؟
الوضع حرج للغاية كما أوضحت بالنسبة للجميع، وخاصة بالنسبة للنساء الحوامل فهناك 50.000 امرأة حامل بقطاع غزة لا يتلقين أي نوع من الرعاية الصحية التي يحتجنها طوال 49 يوماً، ويصل معدل الولادة 5.500 حالة ولادة شهريا، منهم 700 عملية قيصرية شهريًا؛ والنظام الصحى بالطبع لا يمكنه الوفاء بهذا الاحتياجات ، وإذا استمر الوضع على هذا النحو الخطير فإننا ـ للأسف ـ نتوقع آلاف من حالات الولادة المبتسرة فضلاً عن تعرض صحة الأمهات للمضاعفات التي تهدد حياتهن.
وهناك كارثة تنتظر الحوامل ومواليدهن حال استؤنفت تلك الحرب، فأكثر من 10.000 امرأة ستلد بنهاية 2023؛ منهن 1400 امرأة يحتجن عمليات قيصرية، فى ظل انعدام التجهيزات الطبية، كما أن الخطورة تنسحب على المواليد الجدد، فهناك 2500 من حديثى الولادة سيكونون مبتسرين ويحتاجون رعاية خاصة، وأجهزة وحضانات لإنقاذ حياتهم.
ونود الإشارة هنا، إلى أن أكثر من 50% من الشهداء أطفال ونساء ، كما أنهم يمثلون 70% من أعداد الجرحى والمصابين.
..وما الذى يمكن أن تقوم به المنظمة حيال النساء الحوامل اللاتي سيضعن في هذه الظروف؟
إننا نسعى بكل قوة لتأمين دخول اللوازم الطبية الضرورية لإجراء ولادات آمنة. لقد أدخلنا في السابق لوازم تكفي 3.000 عملية ولادة آمنة؛ ولكن هذا بالتأكيد غير كافٍ بالنظر إلى وجود 50 ألف امرأة حامل، ومن المتوقع أن تلد منهن 5.500 امرأة خلال ديسمبر المقبل، بمعدل 183 ولادة يوميًا.
ما أبرز التحديات التى تواجه عملكم فى غزة؟
نواجه تحديات غير مسبوقة فى غزة، فكما أشرت غالبية القطاع الصحى أصبح مدمرا، وهناك خرق فاضح للقوانين الإنسانية الدولية، التى كفلت الحماية للمنشآت الصحية والطواقم الطبية، والجرحى ، وكل هؤلاء لا يتمتعون بأية حماية فى غزة ح بل إنهم تحت القصف كل ثانية، فلا يوجد مكان آمن فى غزة، إضافة لانقطاع المياه والكهرباء عن المستشفيات، ومنع دخول شحنات الوقود إليها،
كيف يتم استغلال فترة الهدنة وماذا تفعلون خلالها؟
مثلت "الهدنة" بارقة أمل لأهل غزة، خاصًة للمرضى والجرحى ، فخلال فترة الهدنة الإنسانية التي بدأت منذ صباح الجمعة، تم نجاح عملية نقل 21 مريضًا في حالة حرجة من شمال غزة.
كما تمكنت الأمم المتحدة من توسيع نطاق إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وعبرها، وفى هذا الإطار تم إرسال 200 شاحنة من معبر نيتسانا إلى معبر رفح، و عبر إلى غزة 129.000 لتر من الوقود وأربع شاحنات غاز، كما تم تفريغ 137 شاحنة من البضائع عند نقطة الاستقبال التابعة لـ"الأونروا" في غزة، وهى أكبر قافلة إنسانية يتم استقبالها منذ السابع من أكتوبر الماضى.
وتم تقديم المساعدات الإغاثية والطبية وكميات من المياه و وغيرها من المواد الإنسانية الأساسية. لمئات الآلاف من الأشخاص فى غزة.
وبينما نرحب بالجهود الكبيرة التي أدت إلى نجاح هذه الهدنة، إلا أننا بالوقت نفسه، نؤكد أن 4 أيام غير كافية لإنقاذ أرواح الآلاف، وندعو إلى تمديدها، وتوفير ظروفٍ آمنة لدخول المساعدات على نحو مستمر وبكميات كافية، ومواصلة الجهود لتحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار وأعمال العنف.
بإيجاز، ما الذى قدمته المنظمة منذ بدء الأزمة فى غزة ؟
تبذل المنظمة منذ اللحظات الأولى للاعتداءات الغاشمة على القطاع الصحى، جهودا مكثفة بالتعاون مع السلطات الصحية الفلسطينية وفى مقدمتها الهلال الأحمر الفلسطيني ووزارة الصحة وأيضا "أطباء بلا حدود"، ، للاستجابة للاحتياجات الصحية الكبيرة في غزة، ونعمل على تنسيق الدعم مع السلطات الصحية والمنظمات الأممية وغير الحكومية، من خلال فروع المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي غزة.
كما تحركت الطواقم الطبية المتخصصة التابعة للمنظمة مُقدمًة الدعم الصحى اللازم، إضافة إلى الجهود المضنية لنقل المرضى من المستشفيات التى تعرضت للقصف وأُطبق عليها الحصار.
ورصدت المنظمة عدة ملايين من الدولارات من صندوق الطوارئ لدعم الاستجابة في غزة ، وتوفير المستلزمات الأساسية، مُستعينين بالمخزون اللوجستي للمنظمة من أجل توريد تلك المستلزمات إلى المستشفيات، وتواصل المنظمة شحن المزيد من المساعدات واللوازم الطبية، لكن الكميات التى نتمكن من إيصالها أقل كثيرا من حجم الاحتياجات.
وأود هنا الإشادة بدور السلطات المصرية التى سهلت دخول الطائرات المحملة بتلك المساعدات الطبية(شملت أكياس دم ومشتقاته وأدوية ومستلزمات مختبرية و محاليل) إلى مطار العريش، ومن ثم وصولها إلى غزة.
ولا تزال المنظمة تعمل على التنسيق مع الجهات المعنية لنقل المرضى خاصة من مجمع الشفاء الطبي لمستشفيات أخرى جنوب غزة وخارجها، وقد قام وفد أممي تقوده المنظمة بثلاث بعثات في هذا الصدد كان أولها للإطلاع على الوضع في مجمع الشفاء الطبي وتقييم الاحتياجات. ولا تتوقف المنظمة وشركاؤها عن توجيه النداءات العاجلة بوقف الصراع والامتناع عن استهداف المنشآت الطبية والعاملين الصحيين كما توجه المناشدات للقيادات الدولية والمجتمع الدولي للتدخل السريع لإنقاذ المدنيين وإنهاء الحرب.
وكيف يمكنكم كمؤسسة دولية تعمل بالحقل الميدانى فى القطاع الملتهب، الضغط باتجاه تحسين الوضع الصحى؟
قدرتنا فى هذا الصدد محدودة ، ولكننا نحاول منذ بدء الأزمة دون كلل ، من خلال رفع تقارير مدعومة بالإحصائيات والأرقام التى تلخص المأساة فى غزة وتكشف المخاطر الحقيقية التى تتهدد المرضى على وجه الخصوص ، لكن آلة الحرب لا تتوقف عند مناشداتنا ولا ترحم أحدًا، وتستمر فى قصف المنشآت الطبية غير مكترثة بالقوانين الدولية التى تكفل الحماية لها.
مستشفى الشفاء الأكبر فى القطاع، صف لنا الوضع به؟
الوضع مأساوى فى "الشفاء" بكل ماتعنيه الكلمة ، فى ظل تدمير بنية المستشفى التحتية واستمرا ر تعرضه للقصف ، ولكننا نجحنا فى إنقاذ عدد من المرضى بالداخل، ومؤخرا شاركت بعثة المنظمة في نقل عشرات من المرضى وذويهم من مستشفى الشفاء، ففى خلال أسبوع تم إيفاد 3 بعثات لنقل المرضى من "الشفاء" ، ولا يزال هناك 100 مريض وعامل صحي في المستشفى ينتظرون إنقاذ حيواتهم.
كمنظمة تعمل فى الميدان، ما رؤيتك للدور المصرى فى تخفيف معاناة الفلسطينيين فى قطاع غزة ؟
بدايةً أوجه الشكر للقيادة المصرية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أبدى اهتماما بالغا بالمدنيين فى قطاع غزة منذ اليوم الأول للحرب ، قام بإصدار توجيهاته لمختلف الجهات للإسراع بفتح معبر رفح، وتأهيله لدخول المساعدات الإنسانية، فور طلبنا ذلك خلال لقاء جمعنا به فى التاسع من أكتوبر الماضى، أى بعد يومين فقط من بداية الأزمة، فكانت استجابته سريعة.
كذلك نثمن جهود الهلال الأحمر المصرى ووزارة الصحة ، وتعاونهما الكبير لدعم الجهود الإنسانية فى غزة، فهم يعملون نهارًا وليلًا بلا انقطاع من أجل أبناء "غزة"، لكن نؤكد ضرورة وجود صوت سياسى جماعى موحد من قبل المجتمع الدولى؛ لإيجاد حل دائم عادل للأزمة، فهى قضية "الإنسانية جمعاء" لا تخص مجتمع بعينه.
وكانت الخطوة التى بادرت بها السلطات المصرية بفتح مستشفياتها لاستقبال الجرحى ، وأيضا حديثى الولادة ، خطوة محورية للمساهمة فى إنقاذ حياة هؤلاء، خاصة فى ظل انعدام إمكانية تحسين وضع القطاع الصحى فى غزة،ولا يزال هناك 100 طفل فى قطاع غزة يحتاجون رعاية صحية خاصة.
وما تحديات عملية نقل الأطفال حديثى الولادة ؟
يمثل نقل الأطفال المبتسرين تحديا كبيرا، يتمثل فى عدم توفر التجهيزات والمعدات الطبية اللازمة للحفاظ على سلامتهم، فغالبية سيارات الإسعاف دُمرت، كما أنهم معرضون للقصف.