"تجربة استثنائية فى حجمها ونجاحها".. هكذا وصفت صحيفة نيويورك تايمز الحملة الرائدة التي قامت بها مصر فى القضاء على فيروس التهاب الكبدى الوبائى "سى"، وتمكنها من معالجة كل سكانها تقريبا من المرض بعد أن كانت صاحبة أعلى نسبة إصابة فى العالم، ومشيدة بدبلوماسية الصحة التي تتبناها الدولة المصرية، والرامية إلى مساعدة دول أفريقيا فى التخلص من المرض.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن مصر نجحت فى القضاء على فيروس سى، وتحاول الآن مساعدة باقى دول أفريقيا فى التغلب عليه.
وتحدثت الصحيفة عن الشاب الغانى سليمانا موشا، الذى ظل على مدار سبع سنوات يضع كل أمواله فى حربه للشفاء من فيروس سى، وكان من المرضى النادرين الذين لم يكن علاجهم كافيا لهم، قبل أن يتلقى نبأ سار بأن حكومة بلاده تلقت تبرعا بدواء لعلاج فيروس سى، وأنه يمكنه الحصول على علاج بالمجان.
وفى غضون أسابيع، حصل موشا على الدواء، وفى أكتوبر، أظهر اختبار الدم شفائه من الفيروس، وهو ما أسره للغاية.
وجاء التبرع من مصر، التي كانت قبل سنوات قليلة صاحبة أعلى نسبة إصابة بفيروس سى فى العالم، فقد أصيب واحد من كل 10 مصريين بالفيروس بشكل مزمن، بما قدر بـ 9 ملايين مصري، وقالت نيويورك تايمز إن مصر، وفى حملة صحية استثنائية فى حجمها ونجاحها، قامت بإجراء اختبار لشعبها بالكامل، وعقدت اتفاقات للحصول على كمية هائلة من الدواء وتم شفاء الجميع تقريبا من الفيروس.
ونقلت نيويورك تايمز عن الدكتور جون وارد، مدير التحالف من أجل القضاء العالمى على فيروس سى، إن ما فعلته مصر يعد واحدا من أعظم الإنجازات على الإطلاق فى الصحة العامة.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن مصر فى طريقها لأن تصبح أول دولة فى العالم تحقق هدف منظمة الصحة العالمية بالقضاء على فيروس سى، وتحول انتصارها إلى حملة "دبلوماسية الصحة"، وتعهدت بالتبرع بالدواء ومشاركة الخبرة بهدف معالجة مليون مريض أفريقى.
ووصفت نيويورك تايمز ما تقوم به مصر بالبادرة غير المعتادة فى عالم الصحة الجنوبى، الذى عادة ما تتلقى فيه الدول النامية السخاء من الدول الأعلى دخلا.
ونقلت الصحيفة عن وزارة الصحة، أن الحكومة المصرية رأت فرصة لمد خبرتها خارج حدودها والمساهمة فى جهود الصحة العالمية، وأضافت أن هذا النوع من دبلوماسية الصحة تسمح لمصر باستخدام نجاحها فى علاج فيروس سى للمنفعة الأكبر للبشرية بالتزامن مع تعزيز مكانتها بين المجتمع العالمى.
وذكرت نيويورك تايمز إنه على الصعيد العالمى، هناك 58 مليون شخص مصابين بشكل مزمن فيروس سى، وفقا لمنظمة الصحة العالمة، والأغلبية العظمى منهم، 50 مليون، يعيشون فى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. ولا يعرف 80% من المصابين أنهم يحملون المرض. ويموت نحو 300 ألف شخص كل عام من مضاعفات المرض وأبرزا سرطان الكبد والتليف الكبدى.
ولفتت الصحيفة إلى أن دولا قليلة، تقوم بإدراج المرض فى خططها للصحة العامة أو تقوم بإجراء اختبارات لتتبع عدد الأشخاص المصابين. ولم يكن فيروس سى محل اهتمام فى أي برامج دولية كبرى، مثلما كان الحال بالنسبة للملاريا وفيروس HIV، كما انه لم يكن أولوية فى الدول منخفضة الدخل التي نادرا ما تقوم حكوماتها بتتبع عدد المصابين، ناهيك عن علاجهم. وحتى هذا العام، كان قلة من الأثرياء فقط، فى غانا ودلو افريقية أخرى، هي القادرون على الحصول على علاج فيروس سى باستخدام العقاقير التي يقومون بشرائها بشكل خاص.
وكان الوضع نفسه فى مصر حتى عام 2007، فقد بدأت حملة تطعيم هائلة فى مصر فى الخمسينيات، وعلى مدار 20 عاما استخدمت إبر غير معقمة بشكل جيد ما أدى إلى انتشار فيروس سى بين السكان. وكان عدد القادرين على تحمل العلاج على نفقتهم الخاصة ضئيل.
وعندما قررت الحكومة أن تبدأ برنامجها الوطنى، وكان الفيروس يقتل عشرات الآلاف سنويا فى هذا الوقت، واستخدمت مصر فى البداية عقارين قديمييم ساعدا فى شفاء نصف من تم علاجهم به. لكن فى عام 2013، قدمت إحدى الشركات للسوق عقار مضاد فيروسى، وكان أو علاج لعدوى متفشية فى تاريخ الطب.
وبينما كان ثمن قرص العقار فى الولايات المتحدة ألف دولار، تفاوضت مصر لشرائه مقابل 10 دولارات، ثم قامت شركات أدوية مصرية وهندية بتصنيع الدواء بسعر أرخص، وتمكنت مصر من معالجة 4 مليون شخص، وخفضت نسبة الإصابة على 0.4% فقط.