تستمر أزمة المناخ فى تهديد أوروبا، حيث تصدرت القارة والعجوز وخاصة دول جنوب ووسط القارة قائمة الدول الأكثر تضررا جراء تسارع عملية التغير المناخى خلال عامين فقط، حيث أن معدل ارتفاع درجة الحرارة فيها تجاوز حاجز 1.5 درجة مئوية المقر فى إطار اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، بل هناك تحذيرات من الوصول للمعدل المتوقع للاحترار عام 2030، والبالغ 2.3 بوتيرة أسرع بكثير من المتوقع.
وأعلنت حكومة كتالونيا تشديد القيود على المياه وحالة الطوارئ بسبب موجة الجفاف، وخاصة فى منطقة العاصمة برشلونة وجزء من جيرونا والتى تنطوى على خفض الحد الأقصى لحجم استهلاك المياه للفرد يوميًا إلى 210 لترًا، بما فى ذلك الاستهلاك الاقتصادى، من الأنشطة والتجارية، حسبما قالت صحيفة "البيريوديكو" الإسبانية.
وأعلن ذلك وزير العمل المناخى، ديفيد ماسكورت، فى ظهور له بعد اجتماع المجلس التنفيذى ولجنة الجفاف المشتركة بين الإدارات، فى لحظة حرجة بسبب قلة الأمطار التى استمرت بالفعل لمدة 36 شهرًا والتى تضع الاحتياطيات من المياه من الأحواض الداخلية إلى 19%.
ومن بين القيود المخطط لها، يُحظر رى العشب إلا على الأسطح المخصصة لممارسة الرياضات الفيدرالية، حيث يمكن الحفاظ عليه "دون تجاوز الحد الأقصى البالغ 200 متر مكعب لكل هكتار شهريًا"، ويُسمح بالرى لبقاء الأشجار من 20 إلى 8 ساعات، ومع الرى بالتنقيط أو سقى. وتم الإبقاء على القيود المفروضة على الملء الكلى أو الجزئى لنوافير الزينة أو البحيرات الاصطناعية، وكذلك حظر ملء المسابح الخاصة للاستخدام الفردى أو العائلى وتلك التى لا تحتوى على نظام إعادة تدوير.
كما يمنع تنظيف الشوارع والمجارى والأرصفة أو الواجهات بمياه الشرب، ويقتصر استخدام المياه لتنظيف المركبات على المنشآت التجارية المخصصة لهذا النشاط والتى لديها نظام إعادة تدوير المياه.
إضافة إلى ذلك، يمنع استخدام المياه لتنظيف المركبة خارج المنشآت التجارية "للحفاظ على سلامة وصحة الأشخاص والحيوانات"، كما فى حالة مركبات نقل الأغذية أو نقل الحيوانات أو سيارات الإسعاف، ودائماً بالحد الأدنى الممكن.
فى السياق نفسه، وضعت المتاجر الكبرى الإسبانية، أقفال على زجاجات زيت الطهى الأساسى وزيت الزيتون، وذلك لزيادة السرقة مع ارتفاع الأسعار، حسبما قالت صحيفة "الموندو" الإسبانية.
كان يُفترض أن تكون الأشجار المزروعة فى أرض المزارع، آلان ريسولو، فى وسط إيطاليا مليئة بالزيتون خلال هذه الفترة من السنة، لكنّ الأحوال الجوية القاسية التى تُعزى إلى التغير المناخى قد دمّرت محصوله.
وأشارت الصحيفة إلى أن زجاجات زيت الزيتون البكر الممتاز تباع سعة لتر واحد مقابل 14.5 يورو (15.77 دولارا) فى بعض محلات السوبر ماركت، مما دفع زيت الزيتون لأن يصبح من المنتجات التى تحمل أسعار مرتفعة مثل المشروبات الكحولية ومستحضرات التجميل والأجهزة المنزلية.
وقال روبين نافارو، مدير عام أكبر متاجر فى إسبانيا والتى تمتلك 30 متجرا فى منطقة الأندلس الإسبانية: "إننا نشهد زيادة كبيرة فى السرقة"، حيث أصبح زيت الزيتون منتجاً مثالياً للسرقة".
وارتفع سعر زيت الزيتون، الذى يبلغ رسميا 8 يورو للتر الواحد، بنسبة 150% فى إسبانيا فى العامين الماضيين، بسبب الجفاف الشديد فى الجنوب الذى أدى إلى انخفاض محصول الزيتون، وبحسب نافارو، فإن العصابات الإجرامية تسرق النفط لإعادة بيعه، وعلى الرغم من أنه إجراء مجنون ومتطرف لكنه نجح.
ومنذ سبتمبر، قامت المتاجر بتقييد زجاجات كبيرة من زيت الزيتون سعة 5 لترات بالسلاسل وأغلقتها على الرفوف لمنع السرقة. واكتشفت الشرطة الإسبانية أيضًا سرقات زيت زيتون من معاصر الزيت، وفى أكتوبر، واعتقلت شخصين فى إطار التحقيق فى سرقة 56 طنًا من زيت الزيتون البكر الممتاز.
عاصفة سياران
وكمن بين مظاهر تغير المناخ فى أوروبا، كانت هبوب عاصفة سياران الخريفية القوية التى ضربت أوروبا الغربية فى بداية نوفمبر فى مقتل سبعة أشخاص على الأقل وباضطرابات كبيرة عبر إغلاق موانئ وإلغاء رحلات، وكان سقوط الأشجار الناجم عن هبوب رياح عنيفة هو السبب وراء معظم هذه الحوادث المميتة التى أدت إلى مقتل امرأة وطفل فى بلجيكا وامرأة فى وسط مدريد وسائق شاحنة فى فرنسا ورجل فى الأربعين من عمره فى ألمانيا، وآخر فى هولندا. وقتل رجل فى فرنسا بسقوطه عن الشرفة فى لوهافر.
ارتفاع درجات الحرارة يقتل 70 ألف شخص
قال معهد الصحة فى برشلونة ISGlobal فى تقرير، أن أكثر من 70 ألف شخص لقوا حتفهم بسبب ارتفاع درجات الحرارة فى القارة العجوز، مشيرا إلى أنه فى بداية العام الجارى تم نشر بيانان أن هناك 63 الف شخص توفوا نتيجة الحر فى أوروبا خلال 2022 ولكن المعهد الإسبانى أكد أن هناك 70 الف شخص راحوا ضحايا الحر فى أوروبا.
وفى السياق نفسه، فإن التأثير الاجتماعى والاقتصادى للتغيير المناخى، هو أحد العوامل الأكثر أهمية التى تساعد على تطوير المؤسسات العالمية والشركات التى تؤثر على ظروف مستقبل القطاعات المنتجة، وأبلغت وكالة تصنيف الائتمان الأوروبية، Scope Ratings GmbH، فى آخر تقرير لها أن التطور وتأثير السلسلة قد يكلف إسبانيا 4.6 مليار يورو بحلول عام 2050، وهو ما يعادل 5.8% من الناتج المحلى الإجمالى لكل فرد من الدول.
من المؤكد أن هذا الوضع يسبب ضررًا كبيرًا للأنظمة الاقتصادية والبشرية والطبيعية لأن الحلقات المتسلسلة تمثل بين العديد من التأثيرات الضارة للتغيير المناخى، حيث إسبانيا وإيطاليا (أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي) تمثل 45% من إجمالى الخسائر المتوقعة فى الاتحاد الأوروبى (15% إسبانيا و30% إيطاليا).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة