قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن استمرار العدوان الاسرائيلي علي غزة يبعد العالم عن سلامٍ مستدام في المستقبل، موضحا أن هذا القتل والتدمير بالجملة من ناحية والعقاب الجماعي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي من ناحية اخرى يزرع الكراهية والغضب في فلسطين والمنطقة لسنوات قادمة، ويترك جراحاً مفتوحة لن تندمل بسهولة.
وأضاف أبو الغيط فى كلمته أمام جلسة مجلس الأمن لمناقشة الأوضاع فى غزة، أن الساعين من أجل السلام عليهم إدراك الخطورة الكبيرة التي ينطوي عليها استمرار حربٍ مفتوحة تُدار بهذا الشكل، موضحا أن ثمن هذه المذبحة المستمرة لا يدفعه فقط المدنيون الفلسطينيون والأطفال والنساء الذين يفقدون حياتهم أو حياة أحبائهم، وإنما سندفعه جميعاً في مستقبل الأيام، لذلك من الضروري العمل على وقف الحرب، بشكل فوري وتحويل الهدنة الإنسانية الى هدنة مطولة ووقف كامل لإطلاق النار، وضمان استعادة الهدوء، ومساعدة الناس في غزة على استعادة الحد الأدنى من حياتهم الطبيعية.
معالجة الكارثة الإنسانية التي تخلفها آلة الحرب الاسرائيلية، والتي تتكشف مدى فظاعتها كل يوم، بحسب أبو الغيط، هي أيضاً مسئولية عالمية عاجلة وُملحة، موضحا أن الكثيرين يغفلون حقيقة أن ما يدخل غزة من مساعدات يمثل أقل من الحد الادني المطلوب من احتياجات سكانها، ولا يعني ذلك سوى حكم بالإعدام على مئات الآلاف من الناس، لا يعني سوى المجاعة وانتشار الأوبئة.
وأعرب الأمين العام عن تطلعه إلى قرار سريع يمهد الطريق أمام دخول المساعدات والمواد الأساسية اللازمة لإعاشة البشر من غذاء ودواء وكساء ووقود عبر آلية سريعة وناجزة تواكب خطورة الكارثة الإنسانية المروعة وتمنع وقوع السيناريو المرفوض والمتمثل في الموت جوعاً أو مرضاً بدلاً من الموت قصفاً.
ودعا أبو الغيط إلى مد النظر إلى الافق السياسي لهذا الوضع المؤلم فمهما كان الحاضر الذي نشهده مؤلماً بل مُخزياً فإن المستقبل لا يعني سوى شيء واحد: الضرورة الحتمية لبزوغ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، موضحا أن التفكير في مستقبل قطاع غزة بمعزل عن الدولة الفلسطينية، أو إطلاق دعوات التهجير، فهي أفكار عاف عليها الزمن وثبت فشلها جميعا، مشددا على أن حل الدولتين هو المسار السليم للحل
وأضاف "الحرب على غزة أفرزت حالة إيجابية نلمسها في تجليات الرأي العام العالمي وتعكس إدراكاً لعالمية القيم الأخلاقية وشمولها، ورفضاً لازدواجية المعايير الصارخة والفاضحة ولكن يُقابلها، في الوقت نفسه، قدر هائل من الغضب والشعور بالخذلان وبالذات لدى الشعوب العربية والإسلامي، خذلان النظام العالمي الذي يفترض فيه أن يقوم على القواعد واحترام القانون الدولي.. وخذلان من تحدثوا كثيراً عن القيم والمبادئ الأخلاقية ثم تغيرت مواقفهم بتغير الظروف."
وشدد على أن استعادة الثقة يتجسد فى عدالة القواعد الدولية وشمولها هو أمر ضروري يتعين على الجميع الانتباه له حتى لا نحصد في مستقبل قريب حصاداً مُراً لهذا الغضب المكتوم، والذي يصير –كما علّمنا التاريخ- طاقة يسهل على الاتجاهات المتشددة استغلالها وتوجيهها.