أثارت عمليات تسليم الإسرائيليين ومزدوجي الجنسية المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، منذ اليوم السابع من شهر أكتوبر الماضي، الدهشة لدى المجتمع الغربي، والإسرائيلي، من التعامل الحسن مع "الرهائن"، فقد ظهروا أمام الكاميرات بصحة جيدة ويرتدون ملابس مرتبة، وظهرت فتيات وسيدات يبتسمن لعناصر المقاومة ويلوحن لهم بالود والتودد.
وأظهرت الصور والفيديوهات التي نشرت أثناء تنفيذ الدفع الأولى من تبادل الأسرى والرهائن، بموجب اتفاق الهدنة في قطاع غزة، والتي أسفرت عنه جهود مصرية – قطرية، بالتنسيق مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، تبادل المحتجزين مع عناصر الفصائل، مشاعر الود أثناء الوداع وظهر عنصر من حماس يحمل سيدة مسنة كما لو أنها جدته إلى أن أجلسها على كرسي داخل سيارة، ويترفق بطفل صغير يرتدي ثيابا زاهية كأنما يسكب عليه حنان الأبوة.
وأعلنت مستشفيات الاحتلال الإسرائيلي، في أكثر من بيان، بعد وصول المحتجزين إلى منازلهم، أنهم جميعهم في وضعية صحية جيدة، كما ظهر أثناء تسليم المحتجزين الإسرائيليين للصليب الأحمر، ظهر عناصر الفصائل الفلسطينية يربتون على الأطفال ويترفّقون بالمسنين.
كما عبرت الأسيرة الإسرائيلية ليفشيتس (85 عاما) -وهي من المستوطنة الزراعية نير عوز- كانت هي ورفيقتها المسنة نوريت كوبر محتجزين في غزة، قبل أن تفرج عنها لدوافع إنسانية، عن تقديرها لمعاملة الفصائل معها أثناء احتجازها.
وفاجأت ليفشيتس الجميع خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب بعد إطلاق سراحها، حيث قالت: "لقد تعاملوا معنا بود وعناية، ووفروا لنا الطعام والدواء، وأحضروا لنا طبيبا لفحصنا ومضمدا لمتابعة وضعنا الصحي ومعالجة من أصيب منا بجراح".
أسيرة تودع المقاومة
وقبل أسابيع تحدثت أسيرة إسرائيلية أفرجت عنها الفصائل عن المعاملة الحسنة، قائلة: "كانوا ودودين معنا وعالجوا رجلا كان مصابا بشكل سيئ في حادث دراجة.. كان هناك ممرض يعتني به وأعطاه الأدوية والمضادات الحيوية".
وأثارت تصريحات المحتجزين الإسرائيليين ضجة في مختلف الأوساط الإسرائيلية التي وجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى حكومة بنيامين نتنياهو وتعاملها مع ملف الأسرى والمفقودين، وإدارتها الفاشلة لهذا الملف، على حد وصفها.
فتاة تسير على عكاز
ونشرت الفصائل الفلسطينية، صورة لرسالة شكر كتبتها لهم إحدى المحتجزات السابقات في قطاع غزة، أثنت فيها على إنسانيتهم في تعاملهم مع طفلتها، التي اعتبرت نفسها "ملكة في غزة".
وأطلقت حماس سراح السيدة دانيال وابنتها إيميليا ضمن الدفعة الأولى من عملية تبادل الأسرى مع إسرائيل، في اليوم الأول للهدنة المؤقتة، وكتبت المحتجزة الرسالة بتاريخ 23 نوفمبر الحالي، أي عشية التبادل ووقعتها باسمها واسم ابنتها.
رسالة دانيال
وقالت دانييل ألوني، فى رسالتها لمقاتلى كتائب القسام: "للجنرالات الذين رافقونى فى الأسابيع الأخيرة يبدو أننا سنفترق غداً لكننى أشكركم من أعماق قلبى على إنسانيتكم غير الطبيعية التى أظهرتموها تجاه ابنتى إميليا.. كنتم لها مثل الأبوين، دعوتموها لغرفتكم فى كل فرصة أرادتها.. هى تعترف بالشعور بأنكم كلكم أصدقاؤها ولستم مجرد أصدقاء، وإنما أحباب حقيقيون جيدون".
وأضافت "شكراً شكراً شكراً على الساعات الكثيرة التى كنتم فيها كالمربية.. شكراً لكونكم صبورين تجاهها وغمرتموها بالحلويات والفواكه وكل شيء موجود حتى لو لم يكن متاحاً.. الأولاد لا يجب أن يكونوا فى الأسر، لكن بفضلكم وبفضل أناس آخرين طيبين عرفناهم فى الطريق.. ابنتى اعتبرت نفسها ملكة فى غزة.. وبشكل عام تعترف بالشعور بأنها مركز العالم".
وتابعت الأسيرة الإسرائيلية فى رسالتها الموقعة باسمها واسم ابنتها: "لم نقابل شخصاً فى طريقنا الطويلة هذه من العنصر وحتى القيادات إلا وتصرف تجاهها برفق، وحنان وحب.. أنا للأبد سأكون أسيرة شكر لأنها لم تخرج من هنا مع صدمة نفسية للأبد.. سأذكر لكم تصرفكم الطيب الذي منح هنا بالرغم من الوضع الصعب الذي كنتم تتعاملون معه بأنفسكم والخسائر الصعبة التى أصابتكم هنا فى غزة".
واختتمت رسالتها: "يا ليت أنه فى هذا العالم أن يقدر لنا أن نكون أصدقاء طيبين حقاً.. أتمنى لكم جميعاً الصحة والعافية.. صحة وحب لكم ولأبناء عائلاتكم.. شكراً كثير.. دنيال وإميليا".
أسيرة تحمل كلبها
ويوم الثلاثاء، وضمن الدفع الخامسة من صفقة التبادل بعد تمديد الهدنة الإنسانية بالجهود المصرية - القطرية، إلى يومين إضافيين، ظهر فتاة تدعى "ميا ليمبرغ" البالغة من العمر 17 عاما من القدس، وهي تحمل كلبها الذي ظهر بصورة نظيفة وسط عناصر المقاومة، مما يدل على التعامل الحسن مع المحتجزين.
يذكر أن اتفاق الهدنة الإنسانية المؤقتة الذي دخل حيز التنفيذ الجمعة الماضية، يتضمن إطلاق 50 أسيرًا إسرائيليًا من غزة، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية، وإدخال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق القطاع.
الأسرى الإسرائيليون
وهناك جهودا مصرية – قطرية متواصلة لحقن دماء الفلسطينيين ووقف آلة القتل الإسرائيلية في قطاع غزة المتسمرة منذ اليوم السابع من شهر أكتوبر الماضي، وبتنسيق كامل بين البلدين وقيادتها، وبالتنسيق مع الأطراف الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية، وبتشاور كامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، أعُلن عن تمديد الهدنة الإنسانية في القطاع إلى يومين إضافيين أمس الإثنين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة