فى أقصى جنوب مصر تقع معابد أبوسمبل ذات التماثيل الأربعة العملاقة، الموجودة فى واجهة المعبد الكبير لرمسيس الثانى، والمطلة على مياه النيل شرقاً، وبين هذه التماثيل الضخمة يقع الباب الرئيسى والمدخل الوحيد لهذا المعبد الفرعونى الذى جسده المصرى القديم قبل آلاف السنين لتخليد بطولاته وإظهار قوته وعظمة ملكه، حتى صار وجهة سياحية يأتى إليه السائحين من مختلف دول العالم.
وعلى باب هذا المعبد، يقف رجلاً بملامحٍ مصرية خالصة، ووجه بشوش، وجلباب أبيض صعيدى، يرمى ببصره نحو الزائرين وينادى عليهم فى الزحام "Quickly Quickly" وفى أحيان أخرى "كورى كورى" و"انترو انترو"، ويتنقل لسانه ما بين الإنجليزية والأسبانية والفرنسية ولغات أجنبية أخرى، مطالبهم الدخول بسرعة وعدم التكدس عند باب المعبد.
وبينما هو ينادى ويراقب الزوار الأجانب، يمسك فى إحدى يده "مفتاح الحياة" وهو مفتاح هذا المعبد الكبير الذى خصص صناعته على شكل مفتاح الحياة المعروف والمقدس لدى المصريين القدماء، ويقبل مجموعة من السائحين مطالبين بالتصوير معه الحارس والمفتاح.
"اليوم السابع" التقى عبد الكريم محمد مطاوع، حارس معبد أبوسمبل، والذى يبلغ من العمر 42 سنة، مقيم فى مدينة أبوسمبل السياحية جنوب محافظة أسوان، ويقف على باب المعبد الكبير يومياً، لاستقبال السائحين، وتنظيم دخولهم للمعبد، وترتيب الصفوف، وهو يمسك فى يده مفتاح المعبد المصمم على شكل "مفتاح الحياة".
قال عبد الكريم مطاوع، حارس المعبد، إنه يأتى يومياً إلى المعبد فى تمام الساعة السادسة صباحاً لا يتأخر عن هذا الموعد وملتزم بذلك منذ أن التحق بالعمل فى المكان قبل 15 سنة، بعد أن جهز نفسه فى البيت وارتدى "الجلابية" البيضاء والعمامة الملفوفة، ليظهر بالمظهر الصعيدى اللائق أمام الضيوف الأجانب زائرى المعبد من شتى أنحاء العالم، مشيراً إلى أن طبيعة عمله تقتضى حضوره على هذه الحالة بالزى الفلكلورى الجنوبى باعتباره حارساً للمعبد ولمفتاح الحياة.
ويقف عبد الكريم، أمام بوابة خشبية هى بوابة المعبد، ويمسك فى يده مفتاح المعبد، المصمم على شكل رمز الحياة للمعبد، وهو يرمز إلى النيل والدلتا ورشيد ودمياط، ورمز الحياة مقدس لدى المصرى القديم وموجود فى نقوش المعبد.
وتابع الحارس للمعبد حديثه لـ"اليوم السابع" قائلاً: "تاريخ المفتاح من فترة تاريخ نقل المعبد وإنقاذ آثار أبوسمبل من الغرق خلال فترة بناء السد العالى 1964 وارتفاع منسوب مياه النيل فى بحيرة ناصر، والضيوف الأجانب يلفت انتباههم شكل المفتاح، ويحبون التقاط الصور التذكارية معه، ويقدم المرشد السياحى المرافق للأفواج السياحية شرحاً حول مفتاح الحياة وتفاصيله".
وأشار، إلى أنه يشعر بالفخر عندما يصبح ذاهباً إلى مقر عمله فى كل يوم، ويعتبر هذه المهنة "مهمة وطنية"، لأن المعبد يختلف عن أى مكان آخر للعمل – على حد وصفه – فهو واجهة سياحية يأتى إليه الناس من مختلف دول العالم باختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، بجانب شعوره بالهيبة للمكان وعظمة الحضارة والأجداد.
وأوضح ابن الجنوب، أنه لم يحالفه الحظ فى التعليم، وحصل على شهادة محو أمية فقط، إلا أنه لم يقف مكتوف الأيدى لوجوده فى مثل هذا المكان البارز على الخريطة السياحية الدولية، واعتبر نفسه يؤدى مهمة وطنية فكان لابد من تعلم لغات دولية، واصفاً نفسه بأنه تعلم من خلال تعامله مع الأجانب أنفسهم والمرشدين السياحيين المرافقين لهم، لافتاً إلى إجادته التواصل مع الزوار الأجانب بلغات عدة ومنها: "الإنجليزية والأسبانية والفرنسية والإيطالية وغير ذلك".
وأضاف أنه يتعامل يومياً مع آلاف السائحين، ويتواصل معهم لكى يساعدهم فى تحقيق طلباتهم، ويعلق قائلاً: "حتى عندما أعجز فى فهم لغة الزائر فإنى أفهم ما يريده من حركة شفاه"، مضيفاً أن بعضهم يحرص على التقاط صور تذكارية معه ومع المفتاح المميز، وبعضهم أخبره بأنه رأى صورته موضوعة على أغلفة أكبر المجلات فى فرنسا.
وأكمل حارس المعبد، حديثه قائلاً: عندى 5 أولاد مقيمين معى فى مدينة أبوسمبل، وأُنفقُ عليهم من خلال عملى بالمعبد، وأحرص على غرس مفاهيم الوطنية من خلال إبراز عظمة وحضارة الآثار المصرية، لافتاً إلى أنه قضى فترة تجنيده فى شرطة السياحة وتعامل مع الأجانب، وعندما سافر من محافظة قنا محل ميلاده ونشأته، إلى مدينة أبوسمبل، أتى للعمل فى تجارة السمك، ولكن الله أكرمه بالعمل حارساً لمعبد أبوسمبل، فنقل أسرته واستقر بأولاده فى هذه المدينة السياحية.
إعجاب السائحين بمفتاح الحياة
الحارس والمفتاح
بوابة المعبد
حارس المعبد مع مفتاح الحياة
حارس المعبد ينظم حركة الزوار
صحفى اليوم السابع مع حارس المعبد والمفتاح
عبدالكريم مطاوع حارس المعبد
لقطات تذكارية مع مفتاح الحياة
مفتاح الحياة
مفتاح معبد أبوسمبل
واجهة معبد أبوسمبل
الزوار داخل المعبد