تبدأ اليوم أعمال قمة الأمم المتحدة للمناخ فى دبى COP28، التى ستستمر حتى 12 ديسمبر المقبل، فى الوقت الذى يستعد فيه العالم لتحطيم رقم قياسى آخر لأكثر الأعوام حرارة فى عام 2023، وبينما تؤكد التقارير أن تعهدات البلدان بشأن المناخ ليست كافية لتجنب أسوأ آثار ظاهرة الاحتباس الحرارى، هناك آمال كبيرة لإنجاز القمة أهم القضايا الحاسمة لحماية البشرية من أسوأ كارثة مناخية تهدد العالم.
ومن بين القرارات التى يتعين على الدول اتخاذها فى مدينة دبى سيكون الاتفاق، للمرة الأولى، على التخلص التدريجى من الاستهلاك العالمى للوقود الأحفورى، واستبداله بمصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتشارك مصر بوفد رسمى رفيع المستوى، خلفا لرئيس قمة شرم الشيخ "مؤتمر الأطراف السابع والعشرين" وزير الخارجية سامح شكرى، الذى يفتتح جلسات المؤتمر اليوم، ليسلم الراية لدولة الإمارات ويدعو لانتخاب الدكتور سلطان بن أحمد الجابر الرئيس المعين من جانب دولة الإمارات لرئاسة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، والذى يتم إعلانه رئيساً للمؤتمر بالتذكية وفقا للعرف الذى يعطى مرشح الدولة المستضيفة اختيار رئيس المؤتمر.
وسيدعو الجابر مؤتمر الأطراف إلى إقرار جدول أعمال المؤتمر المؤقت، الذى صاغته رئاسة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، بعد التشاور مع مكتب الهيئتين الرئاسيتين ومع مراعاة آراء الأطراف، كما سيدعو لانتخاب أعضاء مكتب الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، والدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الأطراف لبروتوكول كيوتو، والدورة الخامسة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية باريس، على أن يكون الموعد النهائى لتقديم الترشيحات هى 9 ديسمبر 2023.
وعقب الافتتاح واختتام الجلسات العامة للهيئات الفرعية سيتم عقد جلسة عامة مشتركة لجميع الهيئات، للاستماع إلى بيانات موجزة من مجموعات الأطراف والمنظمات المراقبة.
كما صدر تكليف من مؤتمر الأطراف بتنظيم حدث رفيع المستوى بشأن العمل المناخى العالمى، حيث سيقدم أبطال المناخ رفيعو المستوى تقريراً عن أعمالهم فى عام 2023، وفى مقدمتهم د.محمود محيى الدين رائد المناخ لمؤتمر شرم الشيخ والرئاسة المصرية، cop27، ورزان المبارك رائد المناخ للدورة الثامنة والعشرين cop28.
القمة العالمية
من المقرر أن تعقد غدا وبعد غد القمة العالمية للعمل المناخى للرؤساء وممثلى الحكومات، والتى سيفتتحها رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، حيث يتحدث حوالى 137 رئيس دولة ورئيس حكومة، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى، على مدار يومين، ثم تستكمل الجزء الثانى منها لباقى الرؤساء يوم التاسع من ديسمبر فى الأسبوع الثانى من قمة المناخ، وتتضمن كلمات الرؤساء وممثلى الحكومات محاور أساسية عن استراتيجيات مواجهة تغير المناخ، والجهود التى قامت بها بلادهم للتكيف مع أثار تغير المناخ أو مواجهته، وكذا رؤيتهم للتقارير الوطنية لبلادهم ومدى تحقيقها النتاج المرجوة منها أم لا، والعراقيل والتحديات التى تواجه كل دولة فى قضية المناخ.
كما سيدلى ممثلو المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى الإدلاء ببيانات أثناء الجزء الرفيع المستوى المستأنف بعد بيانات المجموعات والأطراف.
صندوق الخسائر والأضرار أهم القضايا
جدول أعمال هذه الدورة زاخر بالقضايا، التى تصب جميعا فى كيفية الحيلولة دون وقوع العالم فى براثن الكوارث المناخية، وعلى رأسها قضايا التكيف مع تغير المناخ، وفى مقدمتها إقرار صندوق الخسائر والأضرار لحماية ومساعدة الدول الفقيرة والنامية فى الخطوط الأمامية لأزمة المناخ العالمية، وكذا قضية القضايا التى لا يخلو جدول أعمال لمؤتمرات الأمم المتحدة منها وهى " التمويل"، والبحث عن آليات جديدة لتوفير الأموال للدول النامية وخاصة تلك الدول التى تمنع أزمة المناخ والأحداث المناخية المتطرفة من سداد ديونها أو التعثر فى سداد القروض سواء للمقرضين الدوليين من بنوك التنمية متعددة الأطراف أو للدول.
كما أن قضية تطوير ونقل التكنولوجيات وبناء القدرات من بين أهم القضايا المطروحة على جدول الأعمال والتى تعتبرها الدول النامية محور أى تحول فى الطاقة المتجددة أو أى مواجهة ممكنة لتغير المناخ، وخاصة ما يتعلق بابتكارات المناخ وتقليل الانبعاثات أو مواجهة الأخطار المناخية، وتحسين الظروف المعاشية لمواطنى هذه الدول.
5 مجالات رئيسية للعمل فى COP28
سيستضيف مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ (COP28) أول تقييم عالمى لتقييم مدى تقدم ما يقرب من 200 دولة فى العمل المناخى، وسوف تغذى النتائج الأهداف القطرية الجديدة بشأن أزمة المناخ.
تم إنشاء عملية التقييم العالمى كجزء من اتفاق باريس فى عام 2015. وسوف تتضمن تفاصيل 17 نتيجة رئيسية وتوصيات ذات صلة عبر أربعة مجالات: سياق تغير المناخ؛ تخفيف؛ التكيف؛ وتنفيذ وتمويل العمل المناخي. اكتشف المزيد من خلال قراءة شرحنا للتقييم العالمى.
سيكون تسريع تحول الطاقة من بين مجالات التركيز فى محادثات المناخ هذا العام، بلغت انبعاثات الغازات الدفيئة أعلى مستوياتها على الإطلاق، على الرغم من التعهدات بالتحرك فى الاتجاه المعاكس.
ومن المرجح أن تركز المناقشات على التوسع السريع فى استخدام الطاقة المتجددة، وكيف يمكن للابتكارات مثل وقود الهيدروجين وتقنيات احتجاز الكربون أن تساعد فى تقليل الانبعاثات.
وسيستكشف يوم التجارة الخاص بالمؤتمر إمكانية تقليل الانبعاثات عبر سلسلة القيمة التجارية وتنمية أسواق المنتجات الصديقة للمناخ مثل السيارات الكهربائية والتعبئة غير البلاستيكية، يتعاون المنتدى الاقتصادى العالمى مع دولة الإمارات العربية المتحدة المضيفة لمؤتمر الأطراف، وهيئة التجارة التابعة للأمم المتحدة الأونكتاد، ومنظمة التجارة العالمية، وغرفة التجارة الدولية لتشكيل النقاش فى يوم التجارة.
ما الذى تريده الدول المختلفة من مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين؟
تريد الولايات المتحدة منع محطات الطاقة الجديدة التى تعمل بالفحم من الحصول على تصاريح للعمل، وتريد أن يحدث ذلك على الفور، وفقًا لصحيفة بوليتيكو، فى غضون ذلك، تبحث الإمارات عن اتفاق قوى حول كيفية خفض الانبعاثات، إلى جانب "اتفاقية تكيف شاملة".
ويعرض تقرير Carbon Summary أيضًا وجهة نظره بشأن ما تريده مختلف البلدان من محادثات المناخ، ويقول إن مجموعة التفاوض الأفريقية ستعطى الأولوية لأهداف تمويل المناخ لما بعد عام 2025، وتبحث بشكل مثالى عن مساهمات إلزامية من الدول المتقدمة.
وستتطلع الصين ومجموعة الدول النامية G77 أيضًا إلى انتزاع التزامات من الدول المتقدمة، ولكن هذه المرة حول المدفوعات إلى صندوق الخسائر والأضرار المتفق عليه فى COP27.
وفى الوقت نفسه، ستضغط البرازيل من أجل وضع إطار تمويل عالمى للمساعدة فى الحفاظ على الغابات الاستوائية، وسيقدم الصندوق تعويضات للسكان وملاك الأراضى الذين يحافظون على الغابات المحلية سليمة، فى محاولة لتقليل الدوافع المالية لإزالة الغابات.
كفاءة استخدام الطاقة
وكالة الطاقة الدولية اعتبرت أن كفاءة استخدام الطاقة يجب أن تتضاعف من هذا المستوى إلى 4% سنويًا لتحقيق الأهداف المناخية.
وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذى لوكالة الطاقة الدولية، إن "طموحات المناخ العالمية تتوقف على قدرتنا على جعل نظام الطاقة العالمى أكثر كفاءة".
وقال: "إذا أرادت الحكومات إبقاء هدف 1.5 درجة مئوية فى متناول اليد مع دعم أمن الطاقة، فإن مضاعفة التقدم فى كفاءة استخدام الطاقة خلال هذا العقد أمر بالغ الأهمية".
وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن الاستثمارات أدت إلى استخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة بنسبة 1.3% هذا العام مقارنة بالعام الماضى، لكن معدل التحسن تباطأ من زيادة بنسبة 2% فى عام 2022.
لأول مرة فى COP
سيتم تنظيم يوم صحى فى مؤتمر مؤتمر الأطراف لأول مرة فى عام 2023، لمعالجة الطرق التى تؤثر بها أزمة المناخ على رفاهية الناس.
وسيعمل على تعزيز "الحجج الصحية للعمل المناخي" - التى تغطى الصحة البدنية والعقلية - وتسليط الضوء على أفضل الطرق التى يمكن لأنظمة الصحة العالمية من خلالها بناء القدرة على الصمود فى مواجهة الصدمات المناخية المحتملة.
ستُعقد قمة العمل المناخى المحلى COP28 لأول مرة، بهدف جلب القادة دون الوطنيين مثل رؤساء البلديات والمحافظين إلى برنامج وعملية مؤتمر الأطراف، وسيركز على كيفية دعم العمل المحلى للأهداف الوطنية فى مجالات تتراوح من تحول الطاقة إلى تمويل المناخ.
وكذلك لأول مرة فى تاريخ مؤتمر الأطراف ستكون الطاقة النووية جزءاً من حل أزمة المناخ العالمية.
تقارير الأمم المتحدة
يأتى هذا فى وقت أصدرت وكالات الأمم المتحدة عدة تقارير تعرض تحديثات حول التقدم العالمى فى الحد من تغير المناخ، والتى تضمنت:
الغازات الدفيئة العالمية لا تزال فى ارتفاع
ارتفعت انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية بنسبة 1.2% فى الفترة من 2021 إلى 2022، لتصل إلى 57.4 جيجا طن من مكافئ ثانى أكسيد الكربون لهذا العام، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة عن فجوة الانبعاثات.
وقالت إنه إذا لم تخطط الدول بسرعة لإجراء تخفيضات حادة، فإن درجات الحرارة العالمية سترتفع بنحو 3 درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة فى هذا القرن - وهو ما يتجاوز بكثير عتبة 1.5 درجة مئوية التى يقول العلماء إنها ستبدأ فى الارتفاع، إثارة آثار كارثية.
ويبحث التقرير، فى كيفية مقارنة الإجراءات المناخية التى خططت لها البلدان مع ما هو مطلوب لتحقيق أهداف المناخ العالمية. ووجدت أن هذه التعهدات تضع العالم على المسار الصحيح لارتفاع درجات الحرارة بمقدار 2.5 درجة مئوية إلى 2.9 درجة مئوية.
وحتى فى سيناريو الانبعاثات الأكثر تفاؤلاً، فقد وجدت أن هناك فرصة بنسبة 14% فقط للإبقاء على ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، مما يضيف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة العلمية التى تشير إلى أن الهدف الرئيسى لاتفاقية باريس لعام 2015 بعيد المنال.
تتأخر البلدان فى تحقيق أهداف خفض الانبعاثات
من المتوقع أن تنخفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى بنسبة 2٪ فقط عن مستويات عام 2019 بحلول عام 2030، وهو بعيد كل البعد عن الانخفاض بنسبة 43٪ تقريبًا الذى تقول اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة إنه ضرورى ليكون هناك أمل فى الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
وكما هو الحال مع تقرير فجوة الانبعاثات، يحلل التقرير التجميعى للمساهمات المحددة وطنيا تعهدات البلدان، المعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيا، لتحديد أين وصلت الحكومات فى طموحها إلى التخلص من الوقود الأحفوري.
ومع ذلك، فبدلاً من الاحترار المتوقع فى ظل نماذج مناخية مختلفة، فإنه يقوم بتقييم اتجاهات الانبعاثات.
وقد نظر التقرير فى ما يقرب من 200 تقرير، بما فى ذلك 20 مساهمات جديدة أو محدثة تم تلقيها حتى سبتمبر 2023. ولم تشهد الخطط الوطنية سوى تحسنا هامشيا مقارنة بطموحات العام الماضى، مع توقع ارتفاع الانبعاثات بعد ذلك بنسبة 11٪ مقارنة بمستويات عام 2010.
خطط الوقود الأحفورى تهدد الأهداف المناخية
من المتوقع أن يصل الإنتاج العالمى من الوقود الأحفورى إلى أكثر من ضعف المستوى المطلوب للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، وفقا لتقرير فجوة الإنتاج الذى نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ويحلل التقرير الفرق بين إنتاج الوقود الأحفورى المخطط له والكمية التى تعتبر متوافقة مع تحقيق أهداف المناخ العالمية.
ووجد التقرير أن أكبر 20 دولة منتجة للوقود الأحفورى تخطط لإنتاج وقود أحفورى أكثر بنسبة 110% فى عام 2030 مما يتوافق مع الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، وأكثر بنسبة 69% مما يتوافق مع درجتين مئويتين (3.6 فهرنهايت).
وأضاف أن أياً من هذه الدول العشرين، بما فى ذلك الصين والنرويج وقطر والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، لم تلتزم بخفض إنتاج الفحم والنفط والغاز بما يتماشى مع الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
البلدان الغنية تقدم قدراً أقل من المساعدة فى مجال التكيف
ذكرت الوكالة فى نوفمبر، أن وعود الدول الغنية بمساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع تغير المناخ قد تباطأت، حيث أصبح العجز الآن أكبر بنسبة 50% عما توقعه برنامج الأمم المتحدة للبيئة فى السابق.
ووجد باحثو برنامج الأمم المتحدة للبيئة فى تقرير فجوة التكيف لهذا العام أن جهود التكيف على مستوى العالم تكلف حوالى 387 مليار دولار سنويًا فى عام 2021، فى حين بلغ إجمالى الأموال المتاحة لهذه الجهود 21 مليار دولار فقط، وقد أدى ذلك إلى خلق عجز يقدر بحوالى 366 مليار دولار.
وكانت الدول المتقدمة تعهدت فى 2009، بتقديم 100 مليار دولار سنويا لتمويل المناخ للدول النامية، وفى حين كان من المفترض أن يحقق التعهد توازناً بين التكيف والتخفيف، إلا أنه لم يتم تحديد هذا التوازن على الإطلاق.
وقال التقرير، إن مشاريع التخفيف، أو الجهود الرامية إلى كبح انبعاثات الاحتباس الحرارى، كانت مفضلة لأنها من المرجح أن توفر عائدا ماليا على الاستثمارات.