"موت وخراب ديار" هكذا يصف أهل غزة حالهم بعد مرور نحو شهر على العدوان الإسرائيلى على غزة، مؤكدين أن آلة الحرب لا ترحم أحدا ولا تلتزم بقيود الإنسانية، ومحت من الوجود مربعات سكنية وقتلت عائلات بأكملها فى مشهد دموى يعجز من يرويه عن وصفه.
شهادات قاسية رواها لـ"اليوم السابع"، عدد من الأشخاص الذين عاشوا تحت نيران الحرب، من المرافقين للمصابين الفلسطينيين الذين يتم نقلهم إلى مصر تباعا لتلقي العلاج وتقديم الرعاية الطبية اللازمة في المستشفيات.
المرافقون للمصابين حملوا أطفالا وشيوخا وشبابا من ضحايا العدوان، والتقطتهم على الفور من بوابة معبر رفح سيارات الإسعاف المصرية، ونقلتهم لمستشفيات "العريش وبئر العبد والشيخ زويد" بشمال سيناء، وفيها تم على الفور اتخاذ اللازم طبيا لهم، وتحويل حالات للمستشفيات المتخصصة بالمحافظات المجاورة.
"نعيش أهوالًا لا يمكن وصفها".. بهذه الكلمات عبر "خالد عيد قديح" عن حالة أهل غزة وما يعيشونه من رعب في ظل الحرب، حيث يعتبر ابنه "وائل" أحد ضحاياها.
يبلغ "خالد" من العمر 55 عامًا، ويرافق ابنه في رحلة العلاج في مصر الذى يتلقى العلاج في مستشفى العريش العام.
وفي حديثه أعرب عن ارتياحه بعد وصوله إلى أرض مصر بعد تجربة الرعب في غزة، وأكد أن ابنه تعرض لإصابة في قصف منزل كان يسير بجواره، وتم نقله إلى المستشفى، حيث فقدوا الاتصال به حتى تمكنوا من التواصل ونقله إلى المستشفى في اليوم الثاني، وتبين أنه يعاني من إصابات في عينيه وكسور وشظايا متنوعة.
وأشار إلى أنه تم تقديم العلاج الممكن في المستشفى، ولكن احتياجه للعلاج والرعاية يتجاوز إمكانيات البنية الصحية في القطاع، ولذا تم تحويلهم إلى مصر لتلقي العلاج.
وعن وصفه للوضع في قطاع غزة، أكد أنهم يعيشون ظروفًا لا يمكن وصفها، حيث لا يوجد مأمن يمكنهم الاستقرار فيه، والحصول على الخبز يشكل مشقة كبيرة ويتطلب الوقوف في طوابير طويلة من الفجر حتى العصر من أجل الحصول على قدر قليل من الخبز، بالإضافة لمعاناتهم من صعوبة الحصول على المياه، وعندما تتوفر يكون التزاحم للحصول عليها شديدًا.
وأوضح أنه بعد وصوله بأبنه المرافق له والذي يتلقى العلاج في مستشفى العريش العام، وجد كل العناية والرعاية والاحترام والتقدير وتسابق الجميع لخدمتهم وتقديم الرعاية اللازمة.
حال المصابين فى قطاع غزة من هول ما يعيشونه من رعب بسبب الحرب وحاجتهم للعلاج نطقت به تعبيرات المصاب الفلسطينى "ممدوح فرج خليل الدمعة"، الذى يتلقى العلاج بمستشفى العريش العام من إصابته فى الهجوم الإسرائيلى على غزة، بعد ان فاجأ الجميع بابتسامته عندما تم إفاقته ونظر حوله ليجد نفسه بين أشقائه المصريين يتلقى العلاج.
وقال "إبراهيم أبو لطيف"، المرافق للمصاب، إنهم فوجئوا به يبتسم وقد بدت على وجهه علامات الارتياح وهو ينظر حوله فى المستشفى العام بالعريش التى نقل لها ضمن أول دفعة من الفلسطينيين تصل للأراضي المصرية لتلقى العلاج.
وأضاف أن "ممدوح"، عمره 36 سنة، واصابته كسر مركب بالساق الأيمن وشظايا متفرقة بجميع الجسم وحروق بالفخذ الأيسر، نتيجة انفجارات وقصف بالمنزل وخروجه من تحت أنقاض.
وأشار إلى أن مستوى ما يقدم للجرحى من خدمات فى المستشفيات المصرية عالى جدا حيث يقف الجميع على احتياجاتهم ويلبون طلباتهم.
وبدوره وصف "جهاد عمران"، الوضع فى قطاع غزة بأنه كارثي، مشيرا إلى أنه في ظل هذا العدوان الإسرائيلي المروع، جاء قرار مصر لإنقاذ المصابين وتسهيل دخول المساعدات، وقد وصل إلى مصر مع ابن عمه سعيد عمران الذي يتلقى العلاج بسبب إصابته بشظايا في العين والأذن وجروح في الرأس نتيجة قصف منزل مجاور لبيته.
وأعرب عن شكر أهالي غزة للرئيس عبد الفتاح السيسي على قراره بفتح المستشفيات لاستقبال ضحايا العدوان الإسرائيلي وفتح المعبر لدخول المساعدات. أشار إلى أن هذه القرارات جاءت في التوقيت المناسب.
وأكد أن المشهد في قطاع غزة لا يمكن وصفه، حيث يعجز اللسان و تتوقف الصحف عن الحديث عنه، مشيرا إلى أن مجازر وقعت في القطاع أدت إلى مقتل الجميع، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، وتم تدمير أكثر من 60% من بيوت غزة، وتم مسح 70 عائلة من السجل المدني بعد استهدافها وقتل أفرادها جميعًا بدم بارد.
وقال إنه شاهد بنفسه بيوتًا تتعرض للقصف ومناطق بأكملها تتعرض للتدمير، وأطفالًا يخرجون من تحت الأنقاض بعد يومين أو ثلاثة من هدم بيوتهم، لافتا إلى أنه لا يزال هناك معاناة في إخراج المصابين من تحت الأنقاض.
وروى المواطن الفلسطيني، محمد أحمد الغلبان، تجربته خلال الحرب على غزة التي غادرها مؤخرًا لمرافقة نجله أسامة للحصول على العلاج في مصر وقال: "شهدت مشاهد مروعة خلال الحرب، حيث تكدست جثث الشهداء وتعالت صرخات الجرحى الباحثين عن النجدة والعلاج".
وأضاف أن ابنه، الذي رافقه في رحلة العلاج، يبلغ من العمر 30 عامًا وأصيب بكسور في الحوض نتيجة إطلاق نار وهو يقود دراجته النارية، وتم نقله لتلقي العلاج وبعد استعادته الوعي، تم اتخاذ قرار نقله إلى مصر للمتابعة الطبية.
وثمن الغلبان دور مصر في فتح مستشفياتها أمام المصابين من غزة، حيث توقفت الحياة في القطاع وأصبح من الصعب الحصول على خدمات طبية وعلاج للمصابين، وأكد أن الإصابات التي تعرض لها الأشخاص تفوق الوصف، وأن مشاهد الخراب والدمار تجاوزت قدرتنا على التعبير عنها.
وشهدت المستشفيات التى تم نقل مصابين لها، تكاتف من أبناء شمال سيناء لخدمة المرافقين فضلا عن توفير مستلزمات النظافة والدعم النفسي للمصابين ومن يرافقهم.
وقال حجاج فايز الصعيدى مسئول مكتب خدمة المواطنين بمستشفى العريش العام، إنه تم تخصيص مقر استقبال للمرافقين بمستشفى العريش العام ويقوم فريق من المتطوعين بجهود تكاتفت بها مؤسسات المجتمع المدنى فى تقديم كافة أوجه الخدمة والرعاية لهم من توفير مقر استراحة ووجبات يومية وتخصيص سيارات تنقلهم لمقرات استراحات خصصت لهم، فضلا عن مرافقتهم وتقديم الدعم اللازم لهم.
وأشار منصور الرياضى من رموز مدينة بئر العبد الشعبية، إلى أن أهالي المدينة فور وصول الجرحى الفلسطينيين للمستشفى تكاتفوا فى استقبالهم مع الجهات الرسمية، حيث تم توفير أماكن خصصت لضيافه مرافقي المصابين بمقرات استراحات تابعة لمؤسسات أهلية ومساجد والوقوف على كافة احتياجاتهم وما يلزمهم.
وأعلنت صحة شمال سيناء موصلتها رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات والوحدات الصحية وغرف الطوارئ بديوان عام المديرية، بجانب مرفق إسعاف شمال سيناء وتواجد الطواقم الطبية بالمستشفيات والوحدات الصحية، وتوفير كافة أدوية ومستلزمات الطوارئ، بجانب دعم مستشفي العريش العام وبئر العبد التخصصي بأطباء الجامعات المصرية، وتوافر أرصدة الأكسجين وأكياس الدم، بجانب التنسيق مع مرفق الإسعاف، وتفعيل غرفة العمليات بديوان عام المديرية مع التنسيق مع غرفة عمليات المحافظة.
وأعلن مرفق إسعاف شمال سيناء مواصلة أطقم استقبال الجرحى الفلسطينيين بسيارات إسعاف مجهزة من معبر رفح البرى للعلاج فى المستشفيات المصرى.
محمد أحمد الغلبان
إبراهيم أبو لطيف
جهاد عمران
خالد عيد قديح
سيارة اسعاف تنقل مصابين