فستان وردي، وحذاء أبيض، اختارته "نهلة" الأم العشرينية، لطفلتها الوحيدة "ليلى"، صاحبة العامين ونصف، تمهيدا للزيارة الأسبوعية لمنزل عائلتها، اعتاد زوجها " إسلام" اصطحاب عائلته الصغيرة المكونة من زوجته وابنته لتلك الزيارة الدورية، إلا أن تلك المرة كانت مختلفة عن الزيارات السابقة، ولن تمحى من ذاكرة أفراد العائلة والمقربين منهم.
قرية سندبيس التابعة لمركز القناطر الخيرية، في محافظة القليوبية، كانت مسرحا للأحداث التالية، التي غيرت حياة الطفلة ووالدتها، كانت الساعة تقترب من الخامسة مساء هذا اليوم، اتفق "إسلام مع زوجته على الخروج من القرية، ولقائه لاصطحابها وطفلتهما بسيارته للتوجه إلى منزل عائلتها، أوقفت الأم وطفلتها "ليلى" "توك توك" وطلبت من سائقه توصيلهما، وحددت له وجهتهم.
انطلق السائق سالكا طريق "سندبيس – قها"، قبل أن يحل الظلام، الطريق هادئ، وحركة السيارات متوسطة، ليست بالسريعة ولا البطيئة، في نفس الوقت كان شابا من أهالي قرية سندبيس، يستقل دراجته النارية، حاملا بيده "جركن" يحتوي على كمية كبيرة من ماء النار، يتتبع التوك توك، منتهزا فرصة مروره بمنطقة هادئة، ليفرغ المادة الحارقة على جسد الطفلة ووالدتها، ويلوذ بالفرار، دون مقدمات.
ارتفعت صرخات الطفلة ليلى ووالدتها، بينما السائق يطلب النجدة، والاستغاثة، المادة الحارقة تأكل بجسد الصغيرة ووالدتها، وسرعان ما غيرت ملامحهما، كمية كبيرة من ماء النار أغرقت وجه الصغيرة، فتشوهت ملامحها، تبكي بكاء الموت، بينما الأم تحاول احتضانها في وقت معاناتها من الحروق التي طالتها.
اتصلت سريعا بزوجها، الذي حضر بسيارته لمكان الحادث، اصطحبهما بسيارته، ونقلهما إلى المستشفى، وفور وصولهما، يهرع الأطباء وطاقم التمريض لاستقبال الطفلة ووالدتها، حالتهما وصفت بالخطيرة، خاصة الطفلة، قسم الحروق بالمستشفى بدأ في تنفيذ الخطوات الطبية المعتادة في حالة استقبال حالات مصابة بحروق، الجميع أصيب بصدمة بسبب الحالة الصحية للطفلة، أخبر كبير الأطباء زملائه، "الحالة خطيرة، لكن سنفعل ما بوسعنا، ماء النار شوه وجه الطفلة بالكامل، ونال جزء من جسدها، بينما الأم حالتها مستقرة، إلا أنها تعاني من الحروق أيضا".
عقب وقوع الحادث، ووصول الطفلة ووالدتها إلى المستشفى، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وبدأت جهات التحقيق في أداء عملها، ليتم الكشف عن هوية المتهم، وتحديد مكان هروبه وضبطه، وشهدت اعترافاته أمام جهات التحقيق المختصة مفاجأة لم يتوقعها أحد، كانت دافعها لارتكاب الجريمة"
فاجئ المتهم جهات التحقيق عندما أخبرهم "سامحوني، أنا مكنش قصدي الست دي ولا بنتها، أنا كنت عايز أحرق ست تانية من القرية، بسبب خلافات بينها"، وأقر بوجود خلافات بينه وبين شخص وزوجته، قرر على إثرها الانتقام منهما، وأعد لذلك وعاء به كمية من مادة كاوية، تمهيدا لإلقائها على السيدة، وراقب خط سيرها، وعقب استقلالها توك توك، وتحركها بطريق "سندبيس- قها"، قام بالانتظار بذات الطريق، وانتهز مرور التوك توك، لإلقاء المادة الكاوية، إلا أنه تصادف مرور التوك توك الخاص بالطفلة ووالدتها، فألقى عليهما ماء النار، دون أن يفرق بين السيدتين.
التقرير الطبي الخاص بالطفلة "ليلى"، أثبت إصابتها بجروح وحرق كميائي من الدرجة الثالثة بنسبة 30% ،بالوجه و العين، وحروق متفرقة بالجسم مع تورم بالوجه، وإصابة والدتها بحرق كميائي من الدرجة الثالثة بنسبة 20% حروق متفرقة بالجسم.
"إسلام" والد الطفلة "ليلى" تحدث عن المصاب الذي لحق بزوجته وطفلته، قائلا: "منه لله اللي كان السبب، كنت مستنى أقابل زوجتي وبنتي، عشان نروح زيارة عائلية، لكن حصل اللي مفيش حد كان يتوقعه".
وتحدث "إسلام" عن المتهم، قائلا: "مفيش أي خلاف بيني وبين المتهم، يخليه يعمل كدا، دمر حياة بنتي، وزوجتي، من غير ما يرتكبوا أي ذنب، بنتي دلوقتي في المستشفى مش قادرة تستحمل الوجع، وبتعيط لحد ما تنام، وكل اللي عايزه دلوقتي أطمن على بنتي وزوجتي، والمتهم ينال العقوبة المناسبة لجريمته".
جهات التحقيق أمرت بحبس المتهم على ذمة التحقيق، بعد اعترافه بارتكاب الجريمة، وما زالت "ليلى"، ووالدتها ترقدان بالمستشفى، تعانيان من آلام الحروق التي شوهت جسدهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة