أكد اللواء محمد إبراهيم الدويرى، نائب مدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن القيادة المصرية تتحرك تجاه احداث غزة الأخيرة وسط حقل ألغام، انطلاقاً من مسئوليتها التاريخية حيث رفضت أن تتحول القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إلى قضية مساعدات إنسانية، ومن ثم كانت سباقة لعقد مؤتمر القاهرة للسلام يوم 21 أكتوبر الماضى وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على أن يحدد خلال المؤتمر خريطة طريق متكاملة للخروج من الأزمة كلها، ابتداء من إدخال المساعدات ومروراً بالتهدئة ووقف إطلاق النار وانتهاء باستئناف المفاوضات السياسية التى تؤدى إلى حل الدولتين.
وقال الدويرى فى مقاله المنشور اليوم الخميس بصحيفة الأهرام تحت عنوان "أحداث غزة والحقائق الكاشفة"، إنه بالرغم من حجم الكارثة فى غزة التى لايزال العالم يشاهد تطوراتها من مقاعد المتفرجين ويعلن فقط إدانته ما يتعرض له السكان الفلسطينيون العزل من عمليات قتل يومى مع سبق الإصرار والترصد، فإن المطلوب أن تتحمل الولايات المتحدة أساساً ثم المجتمع الدولى مسئولياتهم ويبتعدوا عن سياسة المعايير المزدوجة من أجل إنجاز ثلاث خطوات، الأولى: دفع إسرائيل لوقف المجازر اليومية ضد السكان المدنيين الذين يدفعون ثمن تمسكهم بالأرض سواء من خلال هدنة إنسانية أو وقف فورى لإطلاق النار، والثانية: زيادة حجم المساعدات الإنسانية حتى تصل إلى كل أنحاء القطاع مع التركيز على دعم المستشفيات القابلة أن تعمل مرة أخرى، وكذا وقف التهجير القسرى، اما الخطوة الثالثة: إعادة بعث القضية الفلسطينية فور هدوء الأوضاع من خلال استئناف المفاوضات وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، حتى لا تتكرر هذه المأساة مرة أخرى سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية.
وقال اللواء محمد إبراهيم فى مقاله إنه "مر أكثر من شهر ووتيرة أحداث غزة تتصاعد بلاهوادة ولم يعد واضحاً لدى أى من أطراف الأزمة متى وكيف ستنتهى وماهى النتائج المترتبة عليها مستقبلاً، إلا أن المتابع لهذه الحرب الوحشية سوف يقف عند بعض التطورات الرئيسية، ومن أهمها أن إسرائيل قررت مواصلة العملية البرية والقتل والتدمير دون مراعاة أى قوانين أو ردود فعل خارجية ارتباطاً بالهدف الذى حددته منذ البداية، وهو إنهاء حكم حماس للقطاع وتدمير بنيتها العسكرية فى الوقت الذى تحاول فيه المقاومة الفلسطينية مواجهة هذه العمليات قدر استطاعتها. ويمكن القول إن الحرب الإسرائيلية على القطاع أكدت أنه لاشىء أصبح يسمى الخطوط الحمراء حيث إن المستشفيات والمؤسسات الدينية ومراكز إيواء النازحين أصبحت ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية، وبالتالى علينا توقع الأسوأ خلال الأيام القليلة المقبلة، خاصة أن محاولات التوصل إلى مجرد هدنة إنسانية مؤقتة يحتاج إلى جهود خارقة".
واضاف الدويرى: وبالرغم من أن الحرب مازالت مستعرة حتى الآن، فإننى أجد أنه من واجبى التركيز على بعض النقاط المهمة لعلها تكون مفيدة ليس فقط فى الوقت الحاضر، وإنما فى المستقبل أيضاً، وفى رأيى أن مختلف الأطراف مطالبة بأن تأخذها فى الاعتبار وأهمها مايلى: - النقطة الأولى: أنه دون حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً فإنه لامجال أن تشهد المنطقة الاستقرار المنشود، كما أن إسرائيل لن تنعم بالأمن إلا فى ظل إقامة الدولة الفلسطينية، وأن التطبيع مع الدول العربية مهما اتسع حجمه وتعمقت طبيعته فلن يحقق لإسرائيل الأمن الذى تسعى إليه.
النقطة الثانية: أن القضية الفلسطينية تمثل بالنسبة لمصر قضية أمن قومى ومن ثم فإن مصر تحركت منذ اليوم الأول ليس فقط لاحتواء الأحداث ووقف إطلاق النار وزيادة حجم المساعدات ولكن لتأكيد الثوابت التى تتبناها ومن بينها رفض فكرة العقاب الجماعى والتهجير القسرى وقتل المدنيين. النقطة الثالثة: أن مسألة توطين الفلسطينيين فى سيناء ليست مجرد أفكار طرحتها مراكز الأبحاث الإسرائيلية أو ناجمة عن تصريحات رسمية وغير رسمية، بل هى جزء من مشروعات يمكن أن تجد طريقها للتنفيذ إذا لم تقف مصر بكل قوة أمامها،ومن المؤكد أن مصر قادرة تماماً على التصدى لأى مخاطر تهدد أمنها القومى.
النقطة الرابعة: أن إسرائيل تعد المسئولة الأولىعن إضعاف السلطة الفلسطينية ومؤسساتها المختلفة ولم تحافظ إلا على بعض الأجهزة الأمنيه حتى تساعدها فى إقرار الأمن فى بالضفة الغربية.
النقطة الخامسة: أن الأمن القومى العربى سوف يظل خاضعاً للعديد من المهددات على مستوى المنطقة مادام الموقف العربى لا يتعامل بالجدية المطلوبة مع المخاطر المحدقة به. النقطة السادسة: أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التى أسقطت عملية السلام من أجندتها عليها أن تدفع ثمن هذا التجاهل، ولكن الأهم من ذلك أن عليها أن تستفيد من أحداث غزة التى أثبتت عدم إمكانية الاعتماد على عامل الأمن فقط.
النقطة السابعة: أن نكبة الانقسام الفلسطينى بين الضفة الغربية وقطاع غزة التى حدثت منذ أكثر من عقد ونصف تعد أحد أهم الأسباب التى أدت بوصول الموقف الفلسطينى بصفة عامة إلى هذا الوضع المتردى.
النقطة الثامنة : أن الولايات المتحدة التى كنا نأمل أن تكون شريكاً كاملاً فى عملية السلام كما كان موقفها من قبل FULL PARTNER أصبحت شريكاً فى انهيار عملية السلام برمتها بل وشريكاً فى أحداث غزة نظراً لانحيازها الكامل لإسرائيل .
النقطة التاسعة: أنه لايمكن التعويل على المواقف الأوروبية والمنظمات الدولية التى تكتفى بالشجب والمناشدات بل إن بعض دول غرب أوروبا أعلنت تأييدها العمليات الإسرائيلية. ولعل أهم التداعيات المرتبطة بهذه الحرب أن بعض الدول ومراكز البحث العالمية بدأت تتحدث باسهاب عن مستقبل قطاع غزة ومن هى الجهة التى يمكن أن تتولى السلطة هناك عقب انتهاء الحرب وكأن المجتمع الدولى تناسى أن كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة يمثلان جناحى الدولة الفلسطينية، ولايمكن الفصل بينهما فى أى تسوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة