تزامنًا مع مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP28، والذي يعقد بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر الجاري، تتجه شركات السيارات سواء الكبرى أو الناشئة لإنتاج سيارات تعمل بالهيدروجين الأخضر، والذي يعتبر مستقبل الطاقة عالميًا للحفاظ على البيئة، ومواجهة تحديات المناخ.
وينتج "الهيدروجين الأخضر" من خلال التحليل الكهربائي للمياه لإنتاج الهيدروجين، ولذا يعد وقودًا نظيفًا ومستدامًا؛ لأن إنتاجه من مصادر طاقة الجديدة والمتجددة، كما أن استخدامه لا يؤدي إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو أي ملوثات أخرى أثناء الاحتراق، بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر في مجموعة متنوعة من التطبيقات مثل تشغيل المركبات الكهربائية ذات الخلايا الوقود، وتوليد الكهرباء، وتخزين الطاقة، وتغذية الصناعات الكيميائية.
صناعة السيارات
تعمل الشركات على تصنيع سيارات تعمل بالهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، من خلال استخدام خلايا الوقود المشتتة (Fuel Cell) كوحدة قوة لتحويل الهيدروجين إلى طاقة كهربائية لتشغيل المحركات الكهربائية في السيارة، وتقوم هذه الخلايا بتفكيك الهيدروجين إلى ذراته المكونة من بروتونات وإلكترونات، ويمر البروتونات عبر غشاء موصل ينتج عنه تيار كهربائي يغذي المحركات، في حين يتم توجيه الإلكترونات عبر دائرة كهربائية لتكوين تيار كهربائي أيضًا .إيجابيات الهيدروجين الأخضر
أهم مزايا السيارات التي تعمل بالهيدروجين الأخضر هي أنها لا تنتج أي انبعاثات ملوثة للهواء، ويكون الماء النقي الوحيد الناتج عن عملية التفاعل في خلايا الوقود، كما أن الهيدروجين يتم تخزينه بشكل مركز ويمكن إعادة تعبئته بسرعة، مما يعزز قابلية استخدام السيارات التي تعمل به .
أما التحديات التي تواجه صناعة السيارات التي تعمل بالهيدروجين الأخضر أهمها تطوير شبكة توزيع الهيدروجين وتوفير محطات تعبئة كافية للوقود، كما أن تكلفة تصنيع السيارات التي تعمل بالهيدروجين باهظة نسبيًا .
سعر الهيدروجين الأخضر
يتوقع أن تكون تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب حوالي 3.2 يورو لكل كيلو جرام، بينما تتجاوز تكلفته بالإمارات العربية 3.6 يورو لكل كيلو جرام، تتفوق كل من أستراليا وتشيلي وإسبانيا على الدولتين العربيتين بتكلفة إنتاج تقدر بنحو 3.1 يورو لكل كيلو جرام.
في المقابل وبناءً على بعض الدراسات، يتوقع أن ترتفع تكلفة إنتاج الوقود النظيف من خلال مصادر الطاقة المتجددة في دول شمال أوروبا إلى ما بين 6 و8 يورو لكل كيلو جرام، بالمقابل تُنتج ألمانيا الوقود النظيف بتكلفة تتراوح بين 3.9 و5 يورو لكل كيلو جرام.
مصر تقود صناعة الهيدروجين الأخضر
تولي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ويظهر أثر ذلك في توقيع 15 مذكرة تفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس الصناعية والسخنة، لتقليل الانبعاثات حول العالم، وتوطين هذه الصناعة والتكنولوجيا داخل مصر، وبالتالي خلق فرص العمل والاستدامة الاقتصادية .
ومن المتوقع أن تكون المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منصة عامة لتوفير هذا الوقود المهم، الذي يساعد على استبدال الوقود العادي ببديل آمن للصناعات، وتخفيض الانبعاثات الخاصة بالسفن.
واستطاعت الدولة المصرية منذ بداية عام 2022 أن تضع رؤية وتنفيذا فعليا بالتنسيق مع وزارة الكهرباء و الطاقة المتجددة لدعم الطاقة النظيفة ومشروعات استخراج "الهيدروجين الأخضر" على رأس أولوياتها باعتبار وقود المستقبل، وذلك من خلال إعداد برنامج يجعل مصر تتصدر دول العالم في هذا المجال لما تتمتع به من مساحات شاسعة تمكنها من إنشاء محطات طاقة متجددة بقدرات تصل إلى 90 ألف ميجا وات يمكن استغلالها في إنتاج الهيدروجين الاخضر الذى سيصبح الوقود الرئيسي خلال السنوات القليلة المقبلة .
نجحت الدولة في توقيع 9 اتفاقيات مع مستثمرين عالميين لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك بإجمالي تكلفة استثمارية تبلغ نحو 83.6 مليار دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة، توفر قدرات طاقة متجددة بنحو 9.7 جيجاوات في المرحلة التجريبية تصل لنحو 36.5 جيجاوات في المرحلة الأولى من المشروعات المنفذة، وتتيح تلك المشروعات حوالي 44 ألف فرصة عمل مباشرة و220 ألف فرصة عمل غير مباشرة، وتساهم في خفض الانبعاثات بمقدار 37.6 مليون طن سنوياً.
وتستهدف مصر الحصول على نسبة من 5-7% من السوق الدولية في اقتصاد الهيدروجين، وبالتالي زيادة الناتج المحلي الإجمالي لمصر، بالإضافة إلى توقعات استحداث أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة في حال استخدام القدرات المحلية في صناعات الهيدروجين، كما أن زيادة الهيدروجين المنتج محليًا ستؤدي إلى تعزيز أمن الطاقة لمصر وسيساعد تطوير اقتصاد الهيدروجين مصر على إزالة الكربون ومن ثم تقليل انبعاثات الكربون العالمية بمقدار 40 مليون طن سنوياً بحلول عام 2040.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة