قال جُبران خليل جبران: "المحظوظ مَنْ أهدته الحياة شخصًا لم يتغير"، وهذه المقولة صحيحة بنسبة مائة بالمائة، فالإنسان جُبِلَ على التغيير، خاصة لو شعر بالأمان من ناحية الأشياء أو بني البشر، فهنا يظهر له وجه آخر، فلو كان شديد الالتزام في عمله، واستشعر أنه محل ثقة رئيس العمل، وأنه متمسك به، يبدأ في التكاسل والتقاعس، ولو كان شديد الرقه مع محبوبته، ثم شعر بحبها الجارف له، يبدأ في الإهمال واللامبالاة والغرور، ولو كان يرغب في اقتناء شيء ما بأية وسيلة، ثم ملكه يبدأ في الزهد فيه.
فللأسف، الأطراف الأخرى هي التي تُعاني من هذا التغيير، فكم هو مُؤلم أن تُحب شخصًا، أو تعتمد عليه أو تثق فيه، ثم تكتشف أن له وجهًا آخر ظهر بسبب إحساسه بالأمان أو بالتملك أو بالثقة، وهنيئًا لمَنْ تُكافئه الحياة بشخص نقي وحنون لا يتغير أبدًا، وإذا تغير يكون تغيرًا للأفضل، فهذه أجمل نعمة يهبها المولى عز وجل للإنسان، لأن هذا الشعور يمنح الأمان والاستقرار والهدوء، لدرجة تجعل صاحبه يكون على استعداد للاستغناء عن أي شيء في الحياة إلا هذا الشخص، لأنه هدية حقيقية من السماء، لا تُمنح إلا لمَنْ يستحقها.
وإذا قابلت شخصًا مُتغيرًا، إلفظه تمامًا من حياتك، ولا تمنح له أي فرصة لأن يكون له أي وجود معك، لأنه شخص مريض يستمتع بإيذائك، ويجد لذته في تحطيم أعصابك، وليس له ضمير لكي يعترف بجرائمه في حق الآخرين، فهؤلاءلا يستحقون البُكاء عليهم، أو مُحاولة إصلاحهم، لأنهم أشخاص لا يُجدي فيهم الإصلاح.
وعلينا أن نثق أن المولى عز وجل دائمًا ما يُكافئنا على نقاء قلوبنا، وصفاء سريرتناـ وحسن ظنن به ا، وعلى صبرنا الجميل، فيرسل لنا مَنْ يُعوضنا ويمسح دموعنا.
فلو قابلنا الصديق الخائن، علينا ألا نفقد إيماننا بالصداقة، فقطعًا سنلتقي بالمُخلص، ولو عشنا قصة حُب مع شخص غير طبيعي ومُتغير، فبالتأكيد سنعيش أجمل قصة حُب مع شخص رائع في صفاته وأخلاقه، ولو عملنا مع رئيس عمل بلا ضمير أو رحمة، فمما لا شك فيه سنعمل مع آخر يتمتع بحُسن الخلق، وطيب التعامل.
فالحياة مرحلية، ولابد أن تُصالح مَنْ يظل مع نفسه مُتصالحًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة