على جدران المعابد المصرية، كتب المصريون القدماء سطور التاريخ المصرى القديم الذى يعكس حضارة عريقة امتدت لآلاف السنين، تحكى عن أمجاد ملوك مصر الذين حكموا البلاد من شرقها لغربها، وكان اسم مصر عالياً بين البلدان، حتى عرف الجميع مكانة المصرى القديم وقوته وحضارته المتقدمة بين الشعوب.
وفى مدينة أبوسمبل وعلى جدران معبدها الكبير، سطر الملك رمسيس بطولاته العسكرية وأمجاد انتصاراته على أعداءه فى معاركه المختلفة وكان أكثرها شهرة حروبه مع الحيثيين، ومع هذه الحروب التى خاضها الملك الفرعون، جاءت نصوص أخرى تشير إلى أول اتفاقية سلام عرفها التاريخ بعد الحروب التى خاضها ضد أعداءه، فما قصة هذه المعاهدة وما تفاصيلها ؟ يجيب عن هذه التفاصيل الأثرى أحمد مسعود، كبير مفتشى آثار أبوسمبل.
قال الأثرى أحمد مسعود، كبير مفتشى آثار أبوسمبل، لـ"اليوم السابع"، إن مدينة أبوسمبل السياحية حسب التقسيم الإدارى الجديد لمحافظة أسوان، هى مدينة حديثة العهد عمرها من تاريخ إنقاذ المعبد من الغرق فى مياه النيل عقب بناء السد العالى قبل 60 سنة تقريباً، وأهميتها بأهمية المعبد، وتقع المدينة على الحدود المصرية الجنوبية مع السودان.
وتابع كبير مفتشى آثار أبوسمبل، أن المعبد تم اكتشافه أول مرة فى العهد الحديث سنة 1913، قبل 200 سنة تقريباً، وقبل ذلك كان المعبد لمئات السنين مدفون تحت الرمال، ولأن عادة المصرى القديم كان يهتم بالمعابد لإقامة الطقوس وكان مؤسسة دينية واقتصادية فى نفس الوقت، إلا أنه عندما اندثرت الديانة المصرية القديمة وهجرت المعابد، غطتها أطنان الرمال التى جاءت مع الرياح، ولم يظهر من معبد أبوسمبل سوى الجزء العلوى من الواجهة، وكان لا أحد يعلم عن المكان سوى السكان المحليين، الذين اقتصرت معرفتهم بالمكان مجرد كونه أثر متروك من الأجداد القدماء، ولم يستطيعوا تفسير المعابد وأسرارها، لأن اللغة المصرية القديمة كانت حديثة الاكتشاف على علماء الآثار وليس هناك اهتمام كبير بعلم الآثار.
وأكمل "مسعود"، أن المعبد استمر على هذا الوضع حتى جاء رحالة سويسرى اسمه "يوهان بورج هارت" خلال عام 1813، وكان فى مهمة لاكتشاف منابع النيل فى مصر والسودان، وأثناء رحلته مستخدماً قارب نيلى لاحظ جزء يظهر من المعبد وسجل ذلك فى مذكراته، وعقب ذلك بمرور 3 سنوات، جاء من بعده مستكشف إيطالى اسمه "جوفان" وكان علماء الآثار يعتبرونه لص آثار لأنه ينقب عن الآثار بتمويل من المندوب البريطانى وقت الاحتلال حتى أن حفره كان بطريقة غير علمية تضر بالآثار المصرية، ونقل معه العديد من التماثيل الصغيرة الخاصة بالمعبد إلى بريطانيا وهى موجودة حالياً بالمتحف البريطانى فى لندن، ومع ذلك يرجع له الفضل فى اكتشاف المعبد لأنه أزال أطنان الرمال من المعبد، واستغرق ذلك منه نحو 10 سنين متصلة.
وأشار إلى أن سبب تسمية المعبد بأبوسمبل، تعود قصتها إلى السكان المحليين الذين رفضوا ان يدلوا المكتشفين على مكان المعبد، ولكن المكتشفين تواصلوا بطريقة دلهم أحد الأطفال على مكان المعبد، ونسب إلى هذا الطفل سمى هذا المعبد "سمبل" – وهى رواية متداولة غير مدونة - ولكن المعبد عند المصرى القديم كان يطلق عليه "بر - رمسيس" كان المسمى الفرعوني يعني "بيت رمسيس محبوب آمون المعظم بانتصاراته".
وأضاف الأثرى أحمد مسعود، أن معبد أبوسمبل بنى قبل ما يقرب من 3200 سنة، أو بالقرن الـ12 قبل الميلاد، وبنى هذا المعبد أحد أشهر ملوك مصر عبر التاريخ المصرى القديم، لأنه حكم خلال فترة طويلة وصاحب جهود كبيرة بمصر من الناحية المعمارية والعسكرية فى هذا الوقت، وهو رمسيس الثانى، ثالث ملوك الأسرة الـ19 فى زمن الدولة الحديثة، حسب تقسيم المؤرخ اليونانى "مانيتو" الذى قسم الحكام الفراعنة إلى "أسر".
وأوضح، أن جدران معبد أبوسمبل سجلت حروب رمسيس مع أعداده والذى حكم مصر 67 سنة واهتم بالعمارة للمعابد بجانب قوته وحملاته العسكرية، وحرص على إظهار عظمته من خلال المعبد وهيكله المحفور فى صخر جبل مصمت وواجهة المعبد يتقدمها 4 تماثيل عملاقة تمثل الملك رمسيس الثانى وهو جالس على العرش فى الوضع التقليدى وارتفاع الواجهة يبلغ نحو 33 متراً وعرضها 38 متراً وارتفاع التمثال الواحد نحو 20 متراً فى دلالة على ضخامة المعبد وواجهته ويفوق التمثال حجم الإنسان الطبيعى مرات عديدة، وعلى اليمين واليسار وبين الأرجل تماثيل أصغر فى الحجم تمثل أفراد الأسرة الملكية، بجانب تماثيل أخرى لمعبودين وقرص الشمس المقدس، بجانب وجود 22 قرد بابون بعدد أقاليم مصر فى هذا التوقيت والذى يرمز عبادة الشمس واختاره لأن هذا الحيوان عند شروق الشمس يومياً يخرج إلى الشمس ويرفع ايده واعتبره أنه يتهلل لخروج الشمس وهو ما تم تجسيده على المعبد.
وأكد، أن مصر أول بلد عرفت معاهدات السلام وهو ما أظهرته جدران معبد أبوسمبل، التى سطرت أول معاهدة سلام مكتوبة بين الفراعنة والحيثيين بلاد الأناضول فى آسيا "تركيا والعراق وسوريا" وغيرها من هذه المناطق، وامتدت هذه الحروب لنحو 23 سنة، حتى خرج الملك رمسيس بنفسه على رأس جيش فى معركة "قادش" الأشهر فى التاريخ المصرى القديم، وسجلت انتصارات للمملكتين، إلا أنها كانت معارك طاحنة جرت فى مدينة قادش السورية وتكبد فيها الطرفان خسائر فادحة.
وعلق كبير مفتشى آثار أبوسمبل، بأن هذه الحروب انتهت بأقدم اتفاقية سلام عرفها التاريخ، تضمنت بنودا قانونية وعسكرية ودبلوماسية نظمت العلاقات بينهما، وقع خلالها كل من الفرعون المصرى الملك رمسيس الثانى، وملك الحيثيين مواتللى الثانى عام 1258 ق.م، موضحاً أن هناك لوحة تشير إلى إتمام معاهدة الصلح بزواج الملك رمسيس من أميرة الحيثيين أو بنت ملكهم لإنهاء هذه الصراعات العسكرية بين المملكتين التى امتدت لنحو 23 سنة.
وحول بنود المعاهدة، أشار إلى أنها تضمنت أهمية إقامة علاقات صالحة بين البلدين، والسعى إلى نشر سلام أساسه احترام سيادة أراضى الدولتين، والتعهد بعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الآخر، وإقامة تحالف وقوة دفاعية مشتركة، واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لأهمية دورهم لتفعيل السياسة الخارجية، واللجوء إلى لعنة الآلهة كضمانة لهذه المعاهدة ومعاقبة الناكث بها، لافتاً إلى أنه يوجد نسخة من معاهدة قادش فى مقر الأمم المتحدة باعتبارها أول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة فى التاريخ، كما يوجد نسخة منها معروضة في متحف الاثار بمدينة اسطنبول.
أسرى-حروب-الحيثيين
الأثرى-أحمد-مسعود-كبير-مفتشى-آثار-أبوسمبل
التماثيل-بواجهة-المعبد
السياح-يلتقطون-الصور-أمام-الحضارة-المصرية
اللغة-المصرية-القديمة
الملك-رمسيس-بنفسه-يقود-الحرب
بهو-المعبد
تفاصيل-انتصارات-الملك-رمسيس-على-أعداءه
تفاصيل-دقيقة-للمعركة
تفاصيل-معركة-قادش-بقيادة-رمسيس
تفاصيل-واجهة-معبد-أبوسمبل
تماثيل-الأسرة-المالكة
تماثيل-رمسيس
تمثال-لرمسيس-الملك
جدران-المعبد
جنود-الملك-رمسيس
رمسيس-بالعجلات-الحربية
زيارة-الأجانب-للمعبد-ومشاهدة-تفاصيله
صورة-غير-خاصة---معاهدة-السلام-النسخة-باسطنبول
غرفة-الكهنة-بالمعبد
مدخل-المعبد-والتماثيل-الصغيرة
نصر-الفراعنة-فى-المعركة
نقوشات-رمسيس_1
واجهة-المعبد_1
وجه-رمسيس