حالة من الزخم تسيطر على الحياة السياسية المصرية خلال عام 2023، وبلغت ذروتها مع الانتخابات الرئاسية المصرية التى انتهت بفوز الرئيس عبد الفتاح السيسى، وسط مشاركة سياسية واسعة ومؤثرة من جانب الأحزاب السياسية، الأمر الذى ساهم فى خروج المشهد الانتخابى فى صورة حضارية أبهرت العالم، فى ظل المشاركة الفاعلة من جانب الشعب المصرى الذى اصطف على مدار 3 أيام أمام لجان الاقتراع للإدلاء بصوته فى اختيار رئيس مصر القادم، وهى الحالة التى احتفت بها الأحزاب المصرية.
وفى خطوة تعكس جدية القيادة السياسية على دعم الحياة السياسية المصرية ودعم مشاركة الأحزاب فى صناعة مستقبل هذا الوطن، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أول خطاب له استكمال الحوار الوطني بشكل أكثر فاعلية وعملية.
الإجراءات التأسيسية استغرقت 23 اجتماعا وانعقاد دائم لمجلس الأمناء
مر الحوار الوطنى منذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إفطار الأسرة المصرية فى السادس والعشرين من أبريل، بعدد من المحطات الهامة التى استهدفت الخروج بالحوار الوطنى فى أبهى صورة ممكنة تعبر عن الدولة المصرية، وسط مشاركة فاعلة من جانب جميع القوى والتيارات السياسية بمختلف انتماءاتها السياسية والفكرية، لكن كانت هناك ضرورة لاتخاذ بعض الإجراءات التأسيسية التى استغرقت 23 اجتماعًا وانعقاد دائم لمجلس الأمناء، من أجل الوصول إلى مرحلة الجلسات النقاشية، حيث تم اصدار قرار تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطنى، واصدار اللائحة المنظمة لعمل مجلس الأمناء، واصدار مدونة السلوك والأخلاقيات المنظمة لسير الجلسات، واصدار لائحة إجراءات عمل اللجان الفرعية ومهام المقررين والمقررين المساعدين.
كما استقر مجلس الأمناء بالتوافق على اختيار 44 مقررًا ومقررًا مساعد للمحاور الرئيسية الثلاثة واللجان الفرعية، وتشكيل المحاور واللجان النوعية والفرعية وتحديد قضاياها، كما تم الاتفاق على إجراء الجلسات النقاشية على التوازى بواقع ثلاثة أيام على الأقل اسبوعيًا للمحاور الثلاثة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
استبعاد كل من تلوثت يديه بدماء المصريين أو تورط فى أعمال عنف
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن الحوار الوطنى هو حوار لكل المصريين لا تمييز فيه ولا إقصاء، لذلك كانت هذا المبدأ هو الحاكم الرئيسى لإدارة الحوار فى جميع محطاته، لكن كان هناك إجماع وطنى على استبعاد كل من تلوثت يديه بدماء المصريين، أو تورط فى أعمال عنف، مع التأكيد على أن المظلة الجامعة للمشاركين فى جلسات الحوار هى ثورة الـ30 من يونيو وما نتج منها من مخرجات ما بعد الإطاحة بحكم الجماعة الإرهابية.
الحوار الوطنى ينتصر على محاولات "التسيس"
استهدفت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى عام 2022 فى المقام الأول خلق حوارا حول أولويات العمل الوطنى فى إطار خطة أعلنها عنها الرئيس لإجراء بعض الإصلاحات السياسية، وقد نجح مجلس الأمناء الذى شُكل تحت رئاسة الدكتور ضياء رشوان، أن يتجاوز محاولات بعض التيارات "تسيس" الحوار، وقصره على أنه حوارا سياسيا بين السلطة والتيار المعارض، فكان حوارا شاملا يستهدف كافة القضايا الوطنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
الجلسة الافتتاحية.. الشعب المصرى على مائدة واحدة
انطلقت فعاليات "الجلسة الافتتاحية لبدء جلسات الحوار الوطني"، يوم الأربعاء 3 مايو 2023، بحضور رئيس الوزراء وبمشاركة واسعة وفعالة من مختلف القوى السياسية والنقابية والمجتمع الأهلى والشخصيات العامة والخبراء، فى إشارة واضحة أن مصر على أبواب مرحلة جديدة تتكاتف فيها السلطة مع الشعب المصرى بكل طوائفه وانتماءاته من أجل الوصول إلى مخرجات لصالح المواطن المصرى، وتكون بمثابة خطوة فارقة فى مسيرة البناء والعبور نحو الجمهورية الجديدة، فمصر لأول مرة منذ عام 1952 تشهد حوار وطنيا بلا أهداف محددة مسبقا سوى هدف واحد عام يتسع لنا جميعا وهو أن نتوافق حول أولويات العمل الوطنى، حيث ساهم المشاركون فى تحديد أهداف الحوار، إيمانا بأن ما تملكه مصر من تنوع قادر على تقديم بدائل متنوعة لحل القضايا الوطنية التى تواجه الدولة المصرية.
الاستجابة لتوصيات الحوار تعكس جدية الدولة فى التعامل معه
جاءت استجابة الرئيس عبد الفتاح السيسى لبعض توصيات الحوار الوطنى على مدار انعقاد الجلسات، والتى كان أبرزها مد الاشراف القضائى على الانتخابات والاستفتاءات لبعث حالة من الطمأنة فى نفوس المصريين حول نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، بالإضافة إلى تفعيل صندوق رعاية المعلمين، والموافقة على زيادة الدعم الاستثنائى للأسر الأكثر احتياجا على بطاقات التموين إلى 300 جنيه بدلا من 100، كذلك الإفراج عن مجموعة من الصادر بحقهم أحكام قضائية، الأمر الذى يؤكد أن القيادة السياسية جادة فى التعامل مع مخرجات الحوار، وأنها تتابع بدقة كل ما يصدر عنها مخرجات سواء كانت تنفيذية أو تشريعية فى المحاور المختلفة.
وتوج هذا التفاعل الإيجابى بين القيادة السياسية والحوار الوطنى بإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى إحالة جميع مخرجات الحوار الوطنى إلى الجهات المعنية بالدولة لدراستها وتطبيق ما يُمكن منها بمثابة رد عملى على جميع المشككين فى جدية الحوار، كما أنه يعكس حرص الرئيس على مشاركة الجميع فى صناعة مستقبل مصر، كما أنه يأتى إيمانا بأن مصر وطن يتسع للجميع.