عطاء الله سبحانه وتعالى لجميع خلقة لا حدود له ولا يمكن للعقل البشرى أن يستوعبه، فعطاء الله سبحانه وتعالى لجميع المخلوقات نوعان، نوع إيجابى وهو من يسعى إلى المخلوق دون حول منه ولا قوة، ويطلق عليه الرزق، ومن ضمن الرزق رزق آخر من نصيب المخلوق لا بد أن يسعى ويجتهد ليحصل عليه، والنوع الثانى من العطاء، وهو العطاء السلبى، وفيه يصرف الله سبحانه وتعالى عن المخلوق مصارف السوء ولا يقاس الرزق بكثرته أو قلته ولكن يحسب الرزق ببركته، والبركة أحبتى جند من جنود الله سبحانه وتعالى، فأينما حلت البركة فى شتى مناحى الحياة زادت النعم، والبركة مرهونة بصفاء النية وتقوى الله سبحانة وتعالى.
وبالنسبة للإنسان، العطاء له صور متعددة يهبه الله سبحانه وتعالى فى قلب الأبوين نحو أطفالهما، وبالعكس يهبه جل جلاله فى قلب الأخوة والأخوات نحو بعضهم البعض ونحو غيرهم ونحو والديهم، وهناك عدة صور مختلفة ومتشعبة للعطاء على مستوى العلاقات الإنسانية، وكلها مستمدة من عون الله سبحانه وتعالى وعطائه الذى لا حدود له.
وأصعب أنواع العطاء أحبتى هو الذى لا يكون لوجه الله سبحانه وتعالى، ولكن عطاء مشروط بقضاء حاجة، عطاء لا بركة فيه ولا خير، وهناك أحبتى عدة نماذج للعطاء المشروط فى زماننا الحالي، ومنها إن وجدت إنسانا يتودد إليك على غير طبيعته فى أول ما يتردد فى ذهنك "خير اللهم اجعله خير، هو عايز منى إيه هو إيه اللى فكره بى اليومين دول، أكيد عايز حاجة"، وبعض مرور فترة زمنية تسقط الأقنعة ويظهر السبب الحقيقى لذلك التودد المفتعل، فتحزن وتقول ياه لو كانت المجدعة دى لوجه الله سبحانه وتعالى مش كانت أحسن، وتنتقص تلك الأفعال من قيمة ذلك الشخص، وهناك صورة أخرى من العطاء المنقوص، وهى عندما تتواصل مع أحدهم وتقضى له مصالحه لوجه الله سبحانه وتعالى، ويحدث أن تطلب منهم أداء خدمة معينة تفاجأ بطلبه خدمة أخرى مقابل أداء تلك الخدمة، رغم أن ذلك من اختصاص عمله ولن ينتقص من رزقه، فمجال عملك أو موهبتك غير مجال عمله أو موهبته فلا تتعجب صديقى العزيز، فالعطاء لوجه الله سبحانه وتعالى منجى من المهالك، وهناك حكمة قالها لى والدى متعه الله سبحانه وتعالى بالصحة والستر، وهى "اليد التى تعودت على الأخذ لا تستطيع أن تعطى"، فيجب علينا أحبتى ألا نحزن عندما نعطى مالا يستحق، فخير لك أن تخطئ فى العطاء من أن تخطئ فى المنع، ويجب أن نجعل عطائنا لوجه الله سبحانه وتعالى، فسؤال لئيم أو خبيث لا ينتقص من شخص السائل، لأنه لا يعطى أو يعمل لوجه الله سبحانه وتعالى بل من أجل مصالحه والناس.
فلا بد أحبتي أن يكون راسخا فى أذهاننا أن أرزاقنا وأعمارنا وكل أمورنا مكتوبة فى اللوح المحفوظ، وكل إنسان يقضى حاجة أخية ما هو إلا سبب ليصل رزقه إليه، فلا حيلة لأحد فى الرزق، فالرزق وكل أمورنا بأمره جل جلاله، وما علينا غير السعي والتوكل وإخلاص النية لله سبحانه وتعالى في كل أعمالنا، ويجب أن لا نسأل أحدا غير الله سبحانه وتعالى، وأن نلح على جلالته بالدعاء والعمل فتحل علينا البركة وعطاء بلا حدود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة