الأزمات العالمية ومنها النزاعات المسلحة وتغيرات المناخ لها تأثيرات وتداعيات على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في عدد من الدول
مواجهة الدول النامية لتحديات النمو والاستدامة يرتبط بتنويع الآليات من المدارس الاقتصادية المختلفة وتقديم العمل على استهداف التضخم على استهداف سعر الصرف
أكد الدكتور محمود محيي الدين، رئيس الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية وأستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ورئيس جمعية الشرق الأوسط الاقتصادية، أن قوة الدولة والسياسات المرنة هما الأساس للإدارة الناجحة للاقتصادات في أوقات الأزمات.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها بعنوان "الحروب والديون والعملة الصعبة" في صالون معهد التخطيط القومي والمحاضرة العامة السابعة للموسم الثقافي للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية لعام ٢٠٢٣، بحضور عدد كبير من خبراء الاقتصاد والأكاديميين والباحثين المتخصصين.
وقال محيي الدين إن قوة الدول وقدرتها على الصعود والنمو تكمن في نجاحها في مجالات التعليم والابتكار والتكنولوجيا وتزايد قدراتها التنافسية والاستقرار الأمني، ثم استقرار عملتها الوطنية وقدرتها على التطور إلى عملة مهمة ومعتمدة دوليًا أو عملة احتياطي.
وأوضح محيي الدين أن صعود الدول يرتبط بقوة عملاتها الوطنية ووجود سياسات اقتصادية مرنة، بينما يرتبط انهيار الدول بمشكلات الديون، قائلًا إن بريطانيا على سبيل المثال نجحت عسكريًا في الحربين العالميتين لكنها خسرت اقتصاديًا، وتراجعت الأرصدة الإسترلينية إلى أن تيقن العالم في لحظة السويس من تراجع الامبراطورية البريطانية ووجود نظام عالمي جديد تسيطر عليه دول أخرى ذات عملات أكثر قوة مثل الدولار الأمريكي.
وأفاد محيي الدين بأن ربط العملات الوطنية بالدولار الأمريكي جعل العالم يترقب معدلات النمو والدين العام الأمريكي في أوقات الأزمات، كما سعت بعض الدول والتحالفات لإيجاد بدائل مبتكرة، مثل محاولات الصين لتصعيد الرينمنبي واستبدال الدولار بالعملات المحلية في إتمام التعاملات التجارية، وإنشاء تحالف البريكس وإيجاد بنك جديد للتنمية يضم دول التحالف، والتعامل بالأصول المالية المشفرة (كريبتو) وتحفيز العملات الرقمية للبنوك المركزية، لكنها محاولات ما زالت تواجه بعض التحديات لإيجاد بدائل قوية للدولار الأميركي.
ونوه محيي الدين عن نموذج أداء دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الإدارة الاقتصادية في ظل المخاطر واللا يقين، وهو النموذج الذي مكن اليونان على سبيل المثال من التحول من دولة ضعيفة اقتصاديًا مرشحة للخروج من منطقة اليورو إلى دولة ذات اقتصاد مستقر يتفوق على اقتصادات عدد من الدول الأخرى في المنطقة.
وأضاف أن عدد من الأزمات العالمية منها النزاعات المسلحة وتغيرات المناخ لها تأثيرات وتداعيات على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في عدد من الدول، كما أن اعتماد تمويل التنمية في الدول النامية على الاستدانة يعمق من الآثار السلبية لهذه الأزمات على هذه الدول.
وقال محيي الدين إن قدرة الدول النامية على مواجهة تحديات النمو والاستدامة يرتبط بتنويع الآليات من المدارس الاقتصادية المختلفة، وتقديم العمل على استهداف التضخم على استهداف سعر الصرف بحيث يتم ذلك وفق إطار معين وآليات واضحة، مع تجنب الخلط بين أدوات استهداف التضخم والغايات النهائية.