تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الكبير الراحل مصطفى محمود الذى ولد فى 27 ديسمبر من عام 1912 ورحل عن عالمنا فى 31 أكتوبر من عام 2009 وقد كان الدكتور مصطفى محمود ذائع الصيت بكتاباته العلمية والأدبية وتميز فى كلا النوعين وأي نوع هو الأكثر إجادة فيه حيث كتب الكاتب ثروت أباظة في الأهرام بتاريخ 4 يونيو من عام 1976 مقالا عن مصطفى محمود جاء هذا المقال في كتاب خواطر ثروت أباظة وقال فيه: يقوم الدكتور مصطفى محمود بدور مهم لأجيالنا من الشباب، فهو يفسِّر لهم دينهم بصور العلم الذي يتعلقون به، ويتوهمون أنه يسيطر على حياتهم، وأن سيطرته هذه تجعل الدين خرافةً، ونوعًا من الغيبية.
وأضاف: الإنسان بطبيعته يحب أن يؤمن؛ لأن الإيمان في ذاته ضرورة الحياة، ولقد رأينا الملحدين، فهم جازعون هالعون إن مسَّتهم مصيبة عادوا إلى إيمان مفزع غير مطمئن.
ولقد وجد الدكتور مصطفى نفسه في النهج الذي انتهجه، ووجد الشباب فيه ضالتهم التي كانوا يتلمسون، فتوافق على يديه العلم الحديث والإيمان العميق، وقد توافرت عند الدكتور مصطفى كل الأدوات التي تُمكِّنه من مخاطبة الشباب.
فهو طبيب في دراسته، فنان في هوايته، وصوفي في عقيدته، وبهذه المقومات جميعًا خاطبَ الشباب فأحبوا ما يكتب وأقبَلُوا عليه، وأصبح الإيمان عندهم متمثِّلًا في صورة واضحة الملامح بيِّنة المعالم.
فلذلك أنا أخالف الأستاذة الدكتور سهير القلماوي فيما ذهبَتْ إليه من أنها كانت تريد الدكتور مصطفى محمود أن يتفرغ للقصة العلمية، فإن كُتَّابًا كثيرين يستطيعون أن يكتبوا القصة العلمية، وأنا أخالف أستاذتنا الدكتورة حين قالت: … إن القصَّاص مصطفى محمود تاه منا في خضم عميق الأغوار من العلاقات المتشابكة بين العلم والعقيدة أو الدين.
فإن الدكتور مصطفى لم يَته منا أبدًا، بل إنه اتضح لنا عن كاتب متمكِّن في الطريق الذي أعدَّه له قدَرُه ودراسته وفنُّه وتصوُّفه.
وأخالف أستاذتنا الدكتورة في قولها: إن موضوع الإيمان في مقابل العلم هو الموضوع الذي ضيَّع فيه د. مصطفى محمود نفسه مؤلفًا قصصيًّا، فالذي أعتقده ويعتقده الجمهور الكبير الذي يقرأ له أن الدكتور مصطفى محمود وجد نفسه في هذا الموضوع.
وأحب أن أناقش الدكتورة فيما جاء في مقالها من أن المجموعة كلها عودة إلى الأسلوب القصصي العلمي الذي برع فيه د. مصطفى محمود، والذي تؤهله له ملكاته وثقافته أن يبلغ فيه آفاقًا عظيمة، لولا أنه غرق في بحر الإيمان والتدليل على الدين والإيمان بالعلم ثم الهجوم على العلم هجومًا لا يتعمَّق المشاكل تعمُّقًا عوَّدنا عليه في قصصه، فأولًا: في بحر الإيمان لا يكون الغرق وإنما النجاة، وثانيًا: إن الدكتور مصطفى لا يهاجم العلم بالإيمان وإنما يوفِّق بين العلم والإيمان، فهو في كل ما يكتب يحاول أن يُظهر قدر الله من خلال العلم، ولا هجوم هنا على العلم.